الوقت ـ عمد الصهاینة الجناة وقتلة الأطفال الی شن حرب ضروس کانت مبیتة ضد الغزاویین واستمرت هذه المذبحة التی راح ضحیتها آلاف الفلسطینیین 51 یوما علی مرأی ومسمع العالم الظالم ثم خرجوا منها بخسائر فادحة عسکریا وسیاسیا فی الخارج والداخل إلی حد قد ینهی وجود نتنیاهو السیاسی، لکن الفلسطینیین استطاعوا رغم خسائرهم المؤلمة فرض مقاومتهم کرقم صعب لایمکن تجاوز ارادتها وسجلوا مکاسب میدانیة مرحلیة بإثبات قدرة المقاومة علی خوض حرب غیر متماثلة ضد آلة عسکریة ضخمة ومدعومة أمریکیا وإجبارها علی نهایة مخجلة, فما أسباب عجز الصهاینة عن کسر ارادة الفلسطینیین وأین استطاع الغزاویون کسر الید الصهیونیة؟
لقد بنی المجتمع الصهیونی علی أوهام تلمودیة وتم جلب هؤلاء شذاذ الآفاق الی فلسطینن المحتلة وتم تعبئتهم فکریا علی أنهم شعب مختار ویحظون بالحمایة الدولیة وان جیشهم هو الاقوی فی المنطقة وان فلسطین هی الارض الموعودة لهم ولهم الرفاهیة فیها ویحق لهم فیها قتل الآخرین دون تلقی الرد, لکن خلال اکثر من ستة عقود من الحروب مع الفلسطینیین یکتشف الیهود بعد کل حرب أنهم لایستطیعون هزیمة الفلسطینیین وهم یمنون بهزائم وخسائر فادحة وان الفلسطینیین یکسرون هیبة جیشهم فی کل حرب بدمائهم وتضحیاتهم وصمودهم فی أرض المعرکة.
وهنا نذکر علی سبیل المثال بعض أوجه الهزیمة الصهیونیة فی حرب غزة الأخیرة والتی اکتشف الصهاینة فیها مدی هشاشة جبهتهم الداخلیة ونفس جیشهم القصیر فی الحروب ونستعرض بعض النکسات الأمنیة والخسائر الاقتصادیة فقط دون التطرق الی الخسائر العسکریة الصهیونیة الفادحة للوقوف علی حقائق اراد الصهاینة اخفاؤها لکنها انتشرت فی وسائل اعلام فی الداخل الصهیونی ومنها وسائل التواصل الاجتماعی , فخلال الحرب اختصر رئیس الوزراء الصهیونی بنیامین نتانیاهو اجتماعاته مع 3 وزراء فقط بسبب الخوف الأمنی والمعلوماتی وقد أصبحت ثقته مهزوزة حتی بوزرائه , وعندما نتطرق الی بعض الارقام التی نشروها نری أن خسائر العملیات الجویة بلغت أکثر من ملیار دولار وان خسائر العملیات البریة بلغت قرابة ملیار دولار وان خسائر اعتراض الصواریخ الفلسطینیة هی قرابة نصف ملیار دولار وان خسائر رحلات الطیران هی قرابة 100 ملیون دولار وان خسائر الفنادق والسیاحة هی قرابة نصف ملیار دولار وان خسائر الاسواق التجاریة هی قرابة 300 ملیون دولار کما ان قطاع السیاحة منی بخسائر کبیرة بلغت نحو 650 ملیون دولار وأن الکثیر من الرحلات السیاحیة الوافدة والمغادرة قد ألغیت بسبب الحرب، وأن هذه الحالة قد تمتد حتی الربع الأول من العام المقبل وقد أثر ذلک علی کافة القطاعات المرتبطة بالسیاحة ایضا کما أن الخسائر غیر المباشرة زادت فی قطاع الصناعة علی 360 ملیون دولار، وهی تشمل مصانع فی المنطقة الممتدة من حیفا شمالا إلی حدود غزة جنوبا، موضحة أنها خسائر ناجمة عن تغیب العمال والموظفین وفقدان مواد خام بسبب الحرب .
ولم یأخذ الصهاینة الدروس من حروبهم السابقة حیث حدثت هذه المرة ایضا الهجرة العکسیة من فلسطین المحتلة وبلغ عدد المهاجرین الیهود من الصهاینة نحو ثلث عدد المستوطنین المحتلین لفلسطین, وکان من اهم اسباب الهزیمة الصهیونیة عدم مواجهة الجیش الصهیونی لجیش آخر یمکن تقدیر قدراته بل ان الصهاینة واجهوا فی حرب غزة شعبا مستعدا للتضحیة بکل ما یملک فقط من أجل انتصار ارادته واذلال العدو, کما واجه العدو مقاومة باغتت جیشه المدعوم امریکیا ونزل سکان تل ابیب وحیفا الی الملاجئ واغلقت المطارات الصهیونیة وحلقت طائرات حماس التجسسیة فی اعماق الاراضی التی یسیطرعلیها الصهاینة ونفذت المقاومة عملیات نوعیة فی البر والبحر والجو وتحت الأرض ومنی جیش الاحتلال بهزیمة اثناء محاولته غزو قطاع غزة برا بالاضافة الی حالة الارباک والفوضی فی الداخل الصهیونی وحینها اکتشف الصهاینة "ان من کان بیته زجاجیا یجب ان لا یرمی بیوت الآخرین بالحجر " .
وترک الصهاینة صورة مزریة عن أنفسهم وجیشهم لدی الرأی العام الأوروبی والعالمی واکتفوا بتنفیذ الجرائم ضد الاطفال والنساء والشیوخ وعجز جیشهم الذی استدعی جنود الاحتیاط عن تسجیل انتصار عسکری او الوصول الی اهداف الحرب المعلنة من قبلهم , کما ان العدید من الشعوب الاسلامیة وغیر الاسلامیة عمدت الی مقاطعة البضائع الصهیونیة وان الاقتصاد الصهیونی سیعانی لفترة زمنیة طویلة من آثار هذه الحرب وکلفتها العالیة للصهاینة , وقد تبین واضحا أن الاقتصاد الصهیونی لایتحمل تبعات حرب تدوم لعدة أشهر وان هذا یعد احد عوامل رضوخ الصهاینة للهدنة واعطاء الامتیازات للغزاویین .