الوقت ـ علي مايبدو فان دول مجلس التعاون ليست بصدد حل خلافاتها مع بعضها البعض بل تشير المؤشرات الي ان خلافات هذه الدول خاصة السعودية وقطر تاخذ منحا تصاعديا بالرغم من عدم وجود تصريحات نارية علنية بين البلدين. وتحاول هذه الدول استخدام سلاح المال لاقصاء بعضها البعض بدل أن تكون حروبها في مابينها في هذه المرحلة عسكرية.
السعودية التي طمحت دائما أن تكون الدولة القائدة لسائر دول مجلس التعاون، تواجه معارضه شرسة من قبل قطر التي تعتقد أن نفوذها في المنطقة بسبب مواردها الهائلة اثر مبيعات النفط والغاز ليست اقل من السعودية، واصبحت هذه المعارضه القطريه للدور السعودي مزعجا بشكل كبير بالنسبة للسعوديون. حيث جرت حرب هادئة وخفية الي حد ما بين البلدين سعي كل منهما الي التخلص من الآخر وايقاعه في التهلكة عبر اساليب مختلفة. السعودية حاولت زج القطرييون في مستنقع دعم الارهابيين في سوريا مما ادي ذلك الي تخريب سمعة قطر في المنطقة الي حد كبير بعد أن انطلت عليها خدع الرياض وتبنت دعم المجموعات الارهابية التي تقاتل ضد الشعب السوري.
لكن في المقابل وخلال الاعوام الماضية استفادة قطر من قنات «الجزيرة» لاحراج السعودية وممارسة الضغوط عليها خاصة قبل إنشاء «قناة العربية» من قبل الرياض. كل هذه المؤامرات من قبل الرياض والدوحة تجاه بعضهما البعض مرت دون أن تحدث ازمة كبيرة في علاقات البلدين. لكن الخلافات التي برزت بينهما حول الازمة السورية وكذلك تباين مواقفهما ازاء جماعة الاخوان المسلمين، اوجدت غضب كبير لدي البلدين تجاه بعضهما البعض. حيث تبنت قطر دعم الاخوان بعد فوزهم في الانتخابات المصرية بشكل كبير وحاولت تنمية علاقاتها مع هذه الجماعة في شتي المجالات مما ادي ذلك الي ازعاج الرياض والدول التي تدور بفلكها كالبحرين والامارات الي حد كبير بسبب عدائهم التاريخي مع هذه الجماعة.
واستمر هذا الدعم القطري لجماعة الاخوان واخذ دور هذه الجماعة يتنامي يوما بعد يوم مما ادي ذلك الي ان تضطر السعودية الي المماشاة مع الاخوان واستقبلت الرئيس المصري الاسبق«محمد مرسي» ذو الاصول الاخوانية علي اراضيها بالرغم من حقدها وكرها الكبير تجاه قادة جماعة الاخوان. لكن سرعان ما تغيير كل شي وانهارت هذه الجماعة علي يد الجيش المصري حيث كشفت السعودية عن وجهها الحقيقي تجاه الاخوان وبذلت كل ما في وسعها من أجل تهشيم عظامهم دون عودة. هنا برزت الخلافات السعودية ـ القطرية تاخذ منحا تصاعديا لا سابق له. بعد فترة سحبت الرياض وابوظبي والمنامة سفرائها من الدوحة ومارست ضغوطا هائلة علي قطر من اجل تغيير سياستها لكن لم تحول هذه الضغوط عن استمرار قطر في نهجها الذي سلكته سابقا.
ادت جميع هذه الخلافات القطرية السعودية الي مزيدا من التقارب بين الرياض وابوظبي لمواجهة قطر وتفتيت دورها في مجلس تعاون دول الخليج الفارسي. حيث اعلنا البلدين في الآونة الاخيرة إنشاء «لجنة عليا مشتركة» لغرض «تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادة البلدين» خاصة في مجال القضايا الامنية. لكن علي مايبدو فان الهدف من تشكيل هذه اللجنة كما يدعي البلدان ليس «الوصول الي آفاق ارحب واكثر ازدهارا وامنا واستقرارا لمواجهة التحديات في المنطقة» بل الهدف الرئيسي منها هو مواجهة الاخطار التي تهدد اسرتي «آل سعود وآل نهيان» خاصة بعد ان شهرت قطر عدائها تجهاههما في الآونة الآخيرة.
لكن ورغم جميع هذه المحاولات الحثيثة من قبل السعودية والامارات لمواجهة التحديات فانه من غير المحتمل أن يتمكن البلدين تجنب الهزات الارتدادية العنيفة المقبلة التي تنتظرهما في المجال الامني والاستمرار في الحكم بسبب شيخوخة الاسرتين المالكتين وانعدام اجواء الحرية والديمقراطية في البلدين الذي ادت هذه القضايا الي انهيار اعصاب شعبي هما.