الوقت- على عكس توقعاته، لم يتمكن الكيان الصهيوني من استخدام القواعد الجوية أو القواعد الجوية الأمريكية في الدول العربية بالمنطقة لمهاجمة إيران، ويعتبر هذا انتصارا دبلوماسيا كبيرا لإيران لأنه، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها إيران على العمليات العسكرية للكيان الصهيوني، أظهر أن الجهود الأمريكية لإنشاء تحالف إقليمي عربي عبري ضد محور المقاومة لا أساس لها من الصحة على الإطلاق وأنه فشل.
إن الهجوم اليائس الذي شنه الكيان الصهيوني قبل عدة أيام على بعض المناطق في أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالإضافة إلى النتائج العسكرية الفاشلة تماماً التي واجهها الصهاينة مع التصدي القوي للدفاعات الجوية الايرانية، تمكنت طهران من تحقيق انتصار عظيم آخر في مجال الدبلوماسية، وكان ذلك في غاية الأهمية.
وبعبارة أخرى، يمكن القول إن نجاح إيران الليلة الماضية في التصدي بفعالية للعدوان الجوي الضخم للكيان الصهيوني كان بمثابة عملة ذات وجهين، كان الجانب الآخر منها هو الدفاع الدبلوماسي عن الجمهورية الإسلامية، ومن أجل فهم أداء هذا الدفاع الدبلوماسي بشكل أفضل، لا بد من إلقاء نظرة على التطورات الإقليمية والتحركات الواسعة للجهاز الدبلوماسي للجمهورية الإسلامية، مع التركيز على الرحلات المتكررة التي قام بها وزير الخارجية الايراني إلى الدول العربية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بين تنفيذ عملية "الوعد الصادق 2" والهجوم الجوي للكيان الصهيوني.
لقد مر نحو ثلاثة أسابيع على العملية الصاروخية واسعة النطاق لعملية "الوعد الصادق 2" في عمق الأراضي المحتلة، وبهذه العملية التي جرت يوم الـ10 من تشرين الأول/أكتوبر ورداً على فظائع الكيان المتكررة باستشهاد إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، والعميد سرفراز عباس نيلفروشان، كبير مستشاري الحرس الثوري في لبنان، تمكنت الجمهورية الإسلامية من استخدام الصواريخ المتقدمة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما ألحق ضربة عسكرية أقوى بكثير بالبنية التحتية العسكرية للكيان الصهيوني من عملية الوعد الصادق 1، ودمر بشكل خاص كرامة ومصداقية القوة الدفاعية المزيفة لهذا الكيان في نظر العالم، وفي المقابل ظهر التفوق الاستراتيجي الإيراني في المجال الصاروخي للعالم أجمع.
ونتيجة لهذه الضربة القوية، فإن الصهاينة، الذين فشلوا في إنكار إصابة الصواريخ بسبب انتشار مشاهد الصواريخ الباليستية الإيرانية في وسائل الإعلام، من خلال التشبث بالدعاية والرقابة الإعلامية، فتحوا هذه المرة أفواههم بالتهديد وتنفيذ عمليات انتقامية واسعة النطاق، بحيث كانوا بين الحين والآخر يتحدثون عن مختلف أساليب وأهداف عملياتهم المزعومة.
وفي هذه الأثناء، ورغم أن حكومة الجمهورية الإسلامية كانت قد هددت بالرد على أي مغامرة يقوم بها الكيان بشكل أكثر حزما من ذي قبل، إلا أنه وبالتزامن مع الاستعداد العسكري الكامل للقوات المسلحة لمواجهة السيناريوهات المختلفة، واصل ذراع إيران الدبلوماسية بنفس القوة وقام وزير الخارجية عباس عراقجي، برحلات متكررة إلى دول المنطقة، لنقل مواقف طهران إلى هذه الحكومات دفاعاً عن أمنها ووحدة أراضيها وعدم تجاهل أي تعاون مع العدوان المحتمل للكيان الصهيوني، وتمت أيضا مناقشة الأهداف الخطيرة لقادة تل أبيب لإنقاذ أنفسهم من المستنقع العصامي في غزة ولبنان، مع رؤساء هذه الدول والتأكيد أن الصهاينة يسعون إلى توسيع الأزمة وإدخال المنطقة بأكملها في حالة من الفوضى.
وفي هذا الصدد، وفي ذروة تهديدات الكيان وهجماته على بيروت، قام السيد عراقجي برحلة مغامرة إلى لبنان ومن ثم إلى سوريا والعراق، ليظهر لدول المنطقة قوة وصمود الجمهورية الإسلامية في دعم محور المقاومة ورفض تهديدات الكيان الصهيوني باعتبارها لا قيمة لها، ثم توجه على الفور إلى دول الخليج الفارسي، بما في ذلك عمان وقطر والمملكة العربية السعودية، ثم الأردن ومصر، وفي رحلة نادرة، بعد 16 عامًا من العلاقات الباردة توجه إلى البحرين لإجراء المشاورات الأخيرة مع سلطات هذه الدول حول تطورات المنطقة.
والآن، وبعد العملية الاستعراضية التي جرت الليلة الماضية، أثبت الكيان الصهيوني بشكل كامل نجاح هذا الدفاع الدبلوماسي في اليومين الماضيين.
أولاً، أوضحت الجمهورية الإسلامية لدول المنطقة، خلافاً لتوقعاتها، فإن الكيان الصهيوني، على الرغم من الضوء الأخضر للولايات المتحدة والقواعد العسكرية المختلفة التي تمتلكها الولايات المتحدة في الدول العربية الواقعة في الخليج الفارسي، لا يستطيع استخدام الجو أو القواعد الجوية الأمريكية في هذه الدول لمهاجمة إيران، ويعتبر هذا انتصارا دبلوماسيا كبيرا لإيران لأنه، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها على العمليات العسكرية للكيان الصهيوني، أظهر أن الجهود الأمريكية لإنشاء تحالف إقليمي عربي عبري ضد محور المقاومة لا أساس لها من الصحة على الإطلاق وأنه قد فشل.
في المقابل، كانت المرحلة الثانية من انتصار إيران الدبلوماسي عندما أدانت دول المنطقة على نطاق واسع هجوم الكيان الصهيوني على إيران، في حين لم تدن هذه الدول عمليتي الوعد الصادق 1 و2، وهذا يدل على أن دول المنطقة تعتبر الأعمال العسكرية التي يقوم بها الكيان الصهيوني غير شرعية وتهدف إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، ومن خلال إدانتها للعمل العدواني للكيان الصهيوني، فإنها ترى الحل في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين بالتعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.