الوقت- في الوقت الذي تتصاعد فيه جرائم الكيان الصهيوني في لبنان وغزة، وسّعت الولايات المتحدة، دعماً لحليفتها، نطاق هجماتها على اليمن، وفي هذا الصدد، أفادت شبكة "سي إن إن"، نقلاً عن بعض المسؤولين الأمريكيين، بأن الولايات المتحدة استخدمت ليل الخميس، طائرات "بي 2 سبيريت" للمرة الأولى في قصف مواقع أنصار الله، وأعلنت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن مقاتلات العدوان الأمريكي والبريطاني قصفت مناطق في العاصمة اليمنية صنعاء ثلاث مرات.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن عن الهجوم: "كان هذا دليلاً فريدًا على قدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يسعى خصومنا إلى إبعادها عن متناولنا، بغض النظر عن مدى وجودها تحت الأرض، إن استخدام طائرة الشبح B-2 يُظهر أن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات ضد أهداف العدو كلما وحيثما كان ذلك ضروريًا".
من ناحية أخرى، نفى اليمنيون الادعاء بحدوث دمار واسع النطاق في بنيتهم التحتية العسكرية، وأشاروا إلى أن هذه الهجمات استهدفت جبالاً وشبكات اتصالات صغيرة في صعدة وثكنات فارغة، وفي هذا الصدد، قال نصر الدين عامر نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله: "أمريكا ستدفع ثمن هجماتها العدوانية، ونؤكد على موقفنا الثابت في دعم غزة ولبنان".
وفي الوقت نفسه، ضخمت العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية هذا الهجوم ووصفت استخدام طائرات B2 بأنه يحتوي على رسائل تحذيرية وله دور رادع، ويأتي الهجوم الأمريكي الأخير على الأراضي اليمنية في وقت اشتدت فيه التوترات بين إيران والكيان الصهيوني وتزايدت مخاطر الصراع في المنطقة بشكل كبير، في غضون ذلك، تزعم وسائل الإعلام أن أمريكا، باستخدام الطائرات المقاتلة المتطورة ضد اليمن، تحاول إعطاء إشارة لإيران بأنها مستعدة لاستخدام كل قدراتها العسكرية لمنع هذا البلد من مهاجمة الأراضي المحتلة.
وقال هشام المقدشي، الخبير في الشؤون العسكرية اليمنية، في حديث لوكالة أنباء الأناضول، عن الهجمات الأخيرة بطائرات B-2: "أمريكا ترسل رسالة بهذا العمل مفادها بأنه لا يزال لدينا القدرة على الوصول والميزة غير المتماثلة على كل أعدائنا في المنطقة والعالم"، وحسب المقدشي، "كان بإمكان الولايات المتحدة مهاجمة اليمن بسهولة بمقاتلة إف-16، لكن استخدام القاذفة بي-2 كان عرضاً محسوباً لإظهار التفوق التكنولوجي للجيش الأمريكي في المنطقة".
مواصفات طائرة B-2
إن Northrop Grumman B-2 Spirit، والمعروفة أيضًا باسم Bomber وPhantom، هي قاذفة قنابل استراتيجية ثقيلة مزودة بتكنولوجيا خفية منخفضة الرؤية مصممة لاختراق الدفاعات الكثيفة المضادة للطائرات، ويمكن للقاذفة إطلاق أسلحة تقليدية ونووية حرارية، مثل القنابل النووية MK82 الموجهة بكيان تحديد المواقع العالمي (GPS) بوزن 80 رطلاً (230 كجم) أو القنابل النووية الستة عشر B83 بوزن 2400 رطل (1100 كجم). وB-2 هي الطائرة الوحيدة المعتمدة في الخدمة القادرة على حمل أسلحة جو-أرض كبيرة في تكوين شبحي، يتمتع الجيل الثاني من هذه الطائرة بميزة أفضل للتهرب من الرادار والتي يمكن أن تكون آمنة ضد تهديدات الأنظمة المضادة للطائرات.
وتبلغ التكلفة الإجمالية لشراء هذه الطائرة (بما في ذلك التصنيع وقطع الغيار والمعدات والتعديل التحديثي ودعم البرامج) 929 مليون دولار في المتوسط، وبالنظر إلى أن عمليات الطائرات B-2 تستمر عادة أكثر من 30 ساعة، فإنه يجب إجراء عشرات الأيام من أعمال الصيانة عليها بعد كل مهمة، ويمكن لطائرة B-2 أن تسافر أكثر من 11 ألف كيلومتر مع التزود بالوقود الأولي، وإذا تم تزويدها بالوقود في الجو، فيمكنها الذهاب إلى أي مكان على وجه الأرض، وتستطيع هذه الطائرة إسقاط العديد من القنابل على ارتفاع 50 ألف قدم أو 15.24 كيلومتراً من الأرض، بعيداً عن أعين رادارات العدو.
إظهار القوة أو علامة الضعف
ويأتي الهجوم الجوي الأمريكي الجديد على اليمن في وقت عززت فيه هذه الدولة وجودها العسكري في مياه البحر الأحمر والمتاخمة لمناطق سيطرة أنصار الله منذ يناير (كانون الأول/ديسمبر 2023) من خلال تشكيل تحالف بحري، لوقف عمليات أنصار الله البحرية والجوية التي دخلت الميدان بشكل مباشر ضد مصالح الكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من هذه الهجمات الواسعة، لم يتراجع اليمنيون عن مواقعهم الداعمة للشعب الفلسطيني فحسب، بل بالتوازي مع العمليات ضد الأراضي المحتلة والسفن التجارية للكيان الصهيوني، استهدفوا أيضًا المعدات الأمريكية بطريقة وبالإضافة إلى إسقاط 11 طائرة دون طيار أمريكية حديثة من طراز MQ-9، تم أيضًا إصابة عدة سفن بما في ذلك حاملة الطائرات أيزنهاور في البحر الأحمر.
كما طورت المقاومة اليمنية أهدافها ضد الكيان الصهيوني على خمس مراحل، وبكشفها عن "غواصات مسيرة وصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت" ضربت الأراضي المحتلة خلال الفترة الماضية، خلقت مفاجآت جديدة لأمريكا و"إسرائيل"، أما وقد استخدمت أمريكا في العام الماضي كل ما في جعبتها للتعامل مع أنصار الله، ولجأت مؤخرا إلى B2 لاستخدام القنابل الثقيلة، إلا أنه لم يحدث أي تغيير في ساحة الحرب يمكن تسميته بعمل فعال.
ومن المؤكد أن المقاومة لم تستخدم بعد الكثير من أسلحتها، وبالتوازي مع ظروف الحرب، تكشف عن مفاجآت جديدة، تماماً كما جعل حزب الله الأراضي المحتلة أكثر خطورة باستخدام أسلحة جديدة في الأسابيع الماضية، كما تمتلك فصائل المقاومة في اليمن والعراق هذه القدرات التي يمكنها من خلالها استخدام كل قوتها مع تصاعد التوترات، وكما ذاقت السفن والطائرات المسيرة الأمريكية المتقدمة من ويلات أنصار الله، فإن الشبح B-2 قد تعاني أيضاً من مصير مماثل. .
وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن استخدام B2 في الهجوم على اليمن يعد بمثابة تحذير لإيران، فقد حذر المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا من أنه إذا أرادت "إسرائيل" والولايات المتحدة مهاجمة البنية التحتية للبلاد، فسوف يدفعان ثمناً باهظاً، وقد أظهرت إيران في عمليتي الوعد الصادق 1 و2 أن لديها القدرة اللازمة لاختراق طبقات دفاعات العدو وهددت بأن الهجوم الثالث سيكون أكثر اتساعًا وقد يؤثر حتى على شرايين نقل الطاقة في الخليج الفارسي.
B2 هو غطاء لعجز أمريكا
الهجمات الأمريكية باستخدام B2 ليست مجرد إنذار لإيران ومحور المقاومة، بل هي أيضاً للهروب من الدوامة التي بدأها كيان الاحتلال وواشنطن، لأن وقف مرور السفن الصهيونية والغربية عبر الممر المائي للبحر الأحمر هو أمر على المدى الطويل سوف يصبح مشكلة للعالم، ولهذا السبب تواصل مسؤولو البيت الأبيض، الذين لم يتمكنوا من إيقاف صنعاء من خلال الهجمات، الخروج بماء الوجه من هذا الوضع.
وفي هذا الصدد، قال محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي لأنصار الله، مؤخراً: "نتلقى دعوات كثيرة من أمريكا وإنجلترا لوقف عملياتنا في البحر الأحمر، لكن الهجمات الجوية التي تشنها هذه الدول لن توقف عملياتنا لدعم سكان غزة"، وسبق أن أرسلت الحكومة الأمريكية رسالة إلى أنصار الله مفادها بأنها مستعدة لرفع هذه الحركة من قائمة الإرهاب وتقديم مساعدات مالية لليمن، لكن بشرط أن توقف أنصار الله هجماتها في البحر الأحمر.
وتظهر هذه الرسالة وتعليقات البيت الأبيض المتكررة أن التحالف البحري عاجز أمام أنصار الله رغم امتلاكه أسلحة قوية وسفناً حديثة ويظن أنه قادر على تحقيق أهدافه باستخدام أسلحة متطورة، إلا أن مثل هذه التصرفات لن تؤدي إلا إلى توسيع نطاق التوترات ودخان هذه الحرب سيذهب إلى عيون الجبهة العبرية الغربية قبل كل شيء.