الوقت – لقد تحوّل قطاع غزة إلى أنقاض بعد عام واحد من عملية طوفان الأقصى، وبدء الهجوم واسع النطاق للکيان الصهيوني على هذا الشريط الساحلي، کما أصبحت شوارع المدينة أشبه بوديان ترابية مع الدمار الواسع للمنازل، وفي العديد من المناطق، الهواء مليء برائحة الجثث غير المكتشفة.
ووفقاً للسلطات الصحية المحلية، نتيجةً للهجوم الإجرامي للکيان الصهيوني، قُتل حتى الآن أكثر من 41,000 شخص من سكان غزة، ما يقرب من نصفهم من النساء والأطفال.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس مؤخراً، حتى بعد انتهاء الحرب، قد يظل مئات الآلاف نازحين في المخيمات لسنوات، ويقول الخبراء إن إعادة الإعمار قد تستغرق عدة عقود.
واستناداً إلى تقييم الأمم المتحدة في سبتمبر، وبناءً على صور الأقمار الصناعية، أدت الحرب إلى تدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بحوالي ثلاثة أرباع المباني في غزة، ويذكر التقرير أن ما لا يقل عن 66% من المباني، بما في ذلك أكثر من 227,000 وحدة سكنية، قد تضررت.
دمار مماثل لخط المواجهة في أوكرانيا
وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، قال "كوري شير" و"جيمون فان دن هوك"، الباحثان الأمريكيان اللذان يستخدمان صور الأقمار الصناعية لتوثيق الدمار الناجم عن الحرب: إن دمار غزة يشبه مدن الخطوط الأمامية في أوكرانيا.
ووفقاً لهؤلاء المحللين، فإن حجم الدمار في وسط وجنوب غزة، يعادل تقريباً ما حدث في مدينة باخموت الأوكرانية على خط المواجهة، حيث كانت مسرحاً لإحدى أشد المعارك في الحرب الأوكرانية، وتم تدمير جميع المباني تقريباً.
كما تفاقم الدمار في شمال غزة بعد تدمير نظام المياه والصرف الصحي، وأدى تدمير شبكات الصرف الصحي إلى امتلاء الشوارع بالنفايات الفاسدة وانتشار الأمراض.
وفي نهاية يناير، قدّر البنك الدولي الأضرار التي لحقت بغزة بـ 18.5 مليار دولار، وهو ما يقارب إجمالي الإنتاج الاقتصادي للضفة الغربية وغزة في عام 2022، ومع ذلك، فإن هذا التقدير يعود إلى ما قبل هجوم الجيش الصهيوني على جنوب غزة، وخاصةً مدينة رفح الحدودية.
ووفقاً لتقرير البنك الدولي، منذ الأيام الأولى للحرب، عندما اضطرت محطة الطاقة الوحيدة في غزة إلى الإغلاق بسبب نقص الوقود، وتم تدمير أكثر من نصف شبكة الكهرباء في المنطقة، لم يتم توفير أي بديل لها، ويقضي سكان غزة العديد من ساعات اليوم في الظلام ودون أجهزة تدفئة أو تبريد.
نزوح 90% من السكان
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 90% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، قد نزحوا بسبب الحرب، ولجأ مئات الآلاف إلى مخيمات قرب الساحل دون كهرباء أو مياه جارية أو مراحيض، کما دُمرت معظم الأصول الزراعية بما في ذلك أنظمة الري والمزارع والماشية، ما أدى إلى تحول الجوع إلى مشكلة تواجه تقريباً جميع سكان غزة، والوضع أسوأ بكثير في المخيمات.
وتقول وكالات الأمم المتحدة: إن البطالة ارتفعت إلى حوالي 80% - من حوالي 50% قبل الحرب - ويعيش تقريباً جميع السكان في فقر، حتى أولئك الذين يمتلكون موارد، يواجهون الآن ظروفاً صعبةً بسبب القيود المفروضة على دخول السلع والمساعدات الإنسانية ومواد البناء.
40 مليون طن من الأنقاض
تقدّر الأمم المتحدة أن الحرب قد خلفت حوالي 40 مليون طن من الركام في غزة، وبناءً على هذه التقديرات، قد تستغرق إزالة هذه الحطام ما يصل إلى 15 عامًا، بتكلفة تقدّر بحوالي 650 مليون دولار، لم تُدمر المنازل فحسب، بل تم تدمير البنى التحتية الحيوية أيضًا.
کما تقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 70 بالمئة من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة، قد تضررت أو دُمّرت، ويشمل ذلك كل خمسة مرافق لمعالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة، فضلاً عن محطات تحلية المياه ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي، والآبار والخزانات.
ولقد أصبح العاملون الذين كانوا يديرون أنظمة المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية مشردين، وقتل الكثير منهم في الحرب، وفي الوقت نفسه، يعيق نقص الوقود تشغيل المرافق المتبقية التي لم تتضرر.
وأعلنت مؤسسة أوكسفام الدولية أنه في ديسمبر، تم تقديم طلب للحصول على إذن لإرسال وحدات تحلية المياه وأنابيب لإصلاح بنية المياه التحتية في غزة إلى السلطات الإسرائيلية، لكن الأمر استغرق ثلاثة أشهر حتى وافقت "إسرائيل" على هذه الشحنة، ولا تزال لم تُعطِ إذن دخولها إلى غزة.
الحملات الدولية لوقف الحرب
في ظل الذكرى السنوية الأولى للحرب، يلقي الوضع المأساوي في غزة بظلاله الثقيلة على المشهد الإقليمي، مع تزايد المخاوف من امتداد رقعة عدم الاستقرار إلى مناطق أخرى، جراء الإجراءات الإسرائيلية المزعزعة للاستقرار ضد لبنان ودول المنطقة الأخرى.
وقد دفع هذا الواقع المتأزم بإطلاق حملات دولية واسعة النطاق في شتى أنحاء العالم، تهدف إلى وقف الحرب، متزامنةً مع الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى"، ما حفّز العديد من الشخصيات والقيادات العالمية على الإدلاء بتصريحات بهذا الشأن.
في هذا السياق، صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن الکيان الإسرائيلي "سيدفع ثمن الإبادة الجماعية" التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وكتب أردوغان على منصة "إکس" قائلاً: "عاجلاً أم آجلاً، ستدفع إسرائيل ثمن الإبادة الجماعية التي ترتكبها منذ عام، وما زالت مستمرةً".
أما في العراق، فقد حذّر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أن المنطقة على وشك الدخول في "منزلق خطير"، قد يفضي إلى حروب طويلة الأمد وزعزعة الاقتصاد العالمي، وأكد السوداني أن استمرار الصراع، يشكّل تهديداً بتوسيع دائرة الحرب بشكل قد يصعب السيطرة عليه.
وفي الأردن، حذّر الملك عبد الله الثاني، خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد الإمارات إلى عمّان، من أهمية التحرك العربي والدولي العاجل لتخفيف حدة الصراع وحماية المدنيين في غزة ولبنان، مشيراً إلى العواقب الوخيمة للهجمات الإسرائيلية المستمرة على المقدسات في القدس والضفة الغربية، وأكد البيان الأردني على دعم وحدة لبنان وسيادته، مشدداً على أهمية الاستجابة الإنسانية لتفاقم الأزمة في قطاع غزة.
في سياق متصل، أدلى المستشار الألماني أولاف شولتس بدلوه، داعياً إلى وقف إطلاق النار وشدّد على ضرورة حماية المدنيين في قطاع غزة، مع التأكيد على أهمية ضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك.
كما عبّر وزير الخارجية الياباني الجديد، تاكاشي أويا، عن قلقه العميق إزاء استمرار الوضع الإنساني المتأزم في قطاع غزة، مطالباً بالإفراج عن الأسرى.
وتزامناً مع هذه التصريحات الرسمية، شهدت العديد من الدول مظاهرات شعبية مؤيدة للقضية الفلسطينية، حيث خرج مئات الآلاف في شتى أنحاء العالم هاتفين بدعم فلسطين.
ففي باكستان، نُظمت مسيرة احتجاجية في مدينة كراتشي، أكبر مدن البلاد، تنديداً بالغارات الجوية الإسرائيلية، وفي المغرب، تجمع عشرات الآلاف في العاصمة الرباط في مسيرة تضامنية مع فلسطين ولبنان، مطالبين بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وأكد أبو الشيطاء مصاف، أحد أعضاء الجبهة المغربية لدعم فلسطين (أهليا)، على مطلب المتظاهرين بضرورة "وقف التطبيع".
وشهدت مدن يمنية مختلفة، بما فيها صنعاء وتعز، مسيرات مليونية مؤيدة لفلسطين في الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى"، كما تجمع التونسيون في شوارع العاصمة تضامناً مع غزة ولبنان في الذكرى السنوية لـ "طوفان الأقصى".
وفي تصريح لوكالة سبوتنيك، قالت هيفاء المنصوري، إحدى أعضاء تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين في تونس: إن لحظة السابع من أكتوبر تكتسي أهميةً بالغةً لفلسطين، إذ حشدت الدول الداعمة للمقاومة مثل اليمن وإيران والعراق ولبنان، للانتصار على الظلم من أجل عزة فلسطين والأمم العربية.