الوقت - أدى الحادث المشبوه المتمثل في سقوط صاروخ على ملعب للأطفال في منطقة مجدل شمس بالجولان المحتل، إلى مقتل 12 طفلاً ومراهقًا، وإصابة 30 آخرين حتى الآن، وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن حالة 3 أشخاص آخرين على الأقل حرجة، وهناك احتمال أن يرتفع عدد الضحايا.
ومنذ اللحظات الأولى لهذه العملية المشبوهة، حدّدت سلطات الکيان الصهيوني حزب الله اللبناني باعتباره سبب الهجوم، ووعدت بالتعامل بجدية مع المقاومة الإسلامية اللبنانية، لكن حزب الله نفى منذ اللحظات الأولى مشاركته في هذا الهجوم، واعتبره ناجماً عن خطأ نظام القبة الحديدية الدفاعي في اعتراض الصواريخ.
وزعم دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن هذا الصاروخ كان يحمل أكثر من 50 كيلوغراما من المتفجرات، وتم إطلاقه من قرية "شبعا" الواقعة جنوب شرق لبنان، كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تصريحات تهديدية: إن حزب الله تجاوز الخط الأحمر، وإن الجانبين على شفا حرب شاملة.
لکن بعض وسائل الإعلام عارضت ادعاء الصهاينة بتقديم الأدلة، وذكرت وكالة أنباء الجزيرة، من بين وكالات أخرى، في تقرير لها أنه حتى لو ادعى الصهاينة زوراً أن صاروخاً انطلق من لبنان، فنظراً لوجود 50 كيلوغراماً من المتفجرات في الرؤوس الحربية لهذه الصواريخ، من المتوقع أن يتم إحداث حفرة أعمق في كل موقع من مواقع الاصطدام، إلا أنه لم يحدث سوى منخفض سطحي في موقع اصطدام هذا الصاروخ.
من جهة أخرى، قال "فايز الدويري"، وهو جنرال أردني متقاعد، في هذا الصدد أيضًا: "أحد صواريخ القبة الحديدية انحرف عن مساره وسقط في مجدل شمس؛ وقد تعرضت صواريخ القبة الحديدية لانتقادات عديدة لهذا السبب".
وأضاف: "التقديرات الأولية تشير إلى خطأ منظومة القبة الحديدية في تتبع الهدف؛ وبالطبع هناك شكوك حول سبب وقوع مثل هذا الحادث، لأن حادثة كهذه حدثت عندما رفضت واشنطن طلب نتنياهو بشن المزيد من الحروب".
وفي الوقت نفسه، أعلن مراسل شبكة "العربي" في اتصال مباشر، أن أحد شهود العيان المتواجدين في مكان الحادث، قال إنه شاهد بأم عينيه تفعيل نظام القبة الحديدية الموجود بالقرب من هذه المنطقة، والذي حاول اعتراض الصاروخ الذي أطلق، وأصاب هذا الصاروخ الاعتراضي ملعب مجدل شمس لكرة القدم، بعد دورانه في السماء.
لقد فشل نظام القبة الحديدية من قبل أيضًا، ففي مايو/أيار 2024 (قبل شهرين)، أخطأت المنظومات الدفاعية الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، برصد عدة صواريخ وقذائف موجهة نحو مستوطنة سديروت الصهيونية، ولم تطلق صاروخاً اعتراضياً، وعلى إثر ذلك، سقطت صواريخ المقاومة الفلسطينية على بلدة سديروت دون أي مشاكل، بل أصيب في هذا الهجوم بعض الصهاينة.
وفي السابق، في الأسابيع الأولى من حرب غزة، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدة مرات مقاطع فيديو لأخطاء نظام القبة الحديدية، وأظهر أحد هذه الفيديوهات أن الصاروخ الاعتراضي لهذا النظام، بعد فشله في تحييد الصاروخ المهاجم، عاد إلى منشئه وأصاب بطاريته في المكان الذي أطلق منه.
جهوزية المقاومة اللبنانية
على الرغم من الخطاب الإسرائيلي حول احتمال نشوب صراع عسكري مع لبنان، فإن تل أبيب تدرك جيداً قوة حزب الله.
إن نظرةً على أداء الکيان الإسرائيلي في حرب غزة، تظهر أنه في حال ارتکاب أي حماقة في شن حرب على الحدود الشمالية مع حزب الله، فإنه سيواجه وضعاً أكثر صعوبةً على أرض المعركة.
على سبيل المثال، كانت التقديرات الإسرائيلية لعدد أعضاء حماس حوالي 30 ألف شخص قبل بدء الحرب، والآن، بعد تسعة أشهر من الحرب، فإن تقديرات هيئات صنع القرار الإسرائيلية (إذا سلمنا بصحتها) تزعم تدمير نحو 11 ألفاً من قوات حماس، هذا في حين يقال إن حزب الله لديه ما لا يقل عن 100 ألف من القوات النشطة والمدربة.
كما أن حماس وحزب الله لا يمكن مقارنتهما من حيث قوة ترساناتهما من الصواريخ والطائرات دون طيار، حيث إن ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف مجهزة بقذائف أكثر قوةً.
ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الکيان الإسرائيلي بالتأكيد سيکون أكثر حذراً في تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد لبنان، وذلك في الوقت الذي أبلغ فيه حزب الله الکيان الصهيوني بأنه سيردّ بجدية على أي عدوان من هذا الکيان.
وبشكل عام، يبدو أن ادعاءات الکيان الصهيوني بتحميل حزب الله مسؤولية حادثة مجدل الشمس، محل شك جدي، وأفاد بعض شهود العيان بأنهم شاهدوا بأم أعينهم إطلاق صاروخ اعتراضي من منظومة القبة الحديدية، وإصابته ملعب كرة القدم في مجدل الشمس، إلا أن الکيان الإسرائيلي يحاول قدر استطاعته إزالة مسؤوليته عن مقتل وجرح الأطفال والمراهقين الدروز، وإلقاءها على عاتق المقاومة الإسلامية في لبنان.