الوقت - كلما طال أمد الحرب التي يشنها كيان الاحتلال في غزة، فإن الأضرار التي تطال الاقتصاد الإسرائيلي ستكون ممتدة وكبيرة وتزيد التوقعات بأن تنحدر "إسرائيل" في التصنيفات الائتمانية بسرعة كبيرة مع ارتفاع في نسب الفقر والتضخم.
فقد ذكرت مؤسسة "هينلى وشركاه"، وهى شركة دولية متخصصة فى استشارات الهجرة الاستثمارية وتتخذ من لندن مقرا لها، أن الحرب الحالية التى تخوضها "إسرائيل" دفعت لأول مرة العديد من رجال الأعمال والمستثمرين إلى الانتقال برؤوس أموالهم خارج "إسرائيل".
وأشار تقرير صادر عن المؤسسة إلى أن كيان الاحتلال لأول مرة منذ عقود يتراجع ترتيبه في قائمة الدول الجاذبة للاستثمار التي تصدرها مؤسسة "هينلي وشركاه".
وتصدر مؤسسة "هينلي وشركاه" تقريرا سنويا حول أكثر 20 دولة جاذبة للاستثمار في العالم، والذي أوضح أن "إسرائيل" تراجعت في العام الماضي إلى المرتبة ال(12) مقارنة بالمركز الثامن الذي احتلته عام 2022.
كما أوضح التقرير - الذي نشرته منصة (جلوبز) الإسرائيلية المعنية بالشأن الاقتصادى - أن الحرب الحالية تعني تقليص عدد رجال الأعمال الذين يرغبون في إقامة أنشطة اقتصادية واستثمارية في "إسرائيل"، ما يدفعهم إلى الانتقال برؤوس أموالهم إلى دول ومناطق أخرى أكثر أمنا.
وأشار التقرير إلى تصريحات دان ماكروني، وهو أحد خبراء مؤسسة هينلي وشركاه، التى يقول فيها إن هذا التحول الرهيب يؤكد بلا أدنى شك أن الصراع الحالي لم يؤثر سلبا فقط على وضع "إسرائيل" كوجهة آمنة للاستثمار ولكنه بات يهدد إنجازاتها الاقتصادية أيضا.
وفي ختام التقرير، تمت الإشارة إلى أن تصريحات ماكروني تعكس حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها "إسرائيل" جراء الحرب الحالية، والتي طالت العديد من القطاعات ولا سيما قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي يعتمد إلى حد بعيد على استثمارات رجال الأعمال.
وبالعودة إلى تاريخ التقرير المستمر منذ قرابة 50 عاما، احتلت "إسرائيل" المرتبة العاشرة بين أفضل الوجهات لمهاجري المليونيرات لعدة عقود، كمرتبة متوسطة.
ويعني ذلك أن الحرب على قطاع غزة دفعت عددا أقل من المستثمرين الأثرياء أبدوا اهتماما بالاستقرار في البلاد، لكن ما حصل أن شريحة واسعة من المستثمرين نقلوا رؤوس أموالهم إلى بلدان أخرى تعتبر أكثر أمانا.
ومن الأزمات التي واجهت "إسرائيل" بسبب حربها على قطاع غزة، حسب تقرير أوردت تفاصيله صحيفة "يدعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لـ"إسرائيل"، قيّدت دخول رجال الأعمال الإسرائيليين إلى أراضيها.
ووفق التقرير، فإن المقابلات التي تتم مع إسرائيليين للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، تظهر قيودا وأسئلة حساسة حول انتسابهم للجيش.
ونقلت الصحيفة عن رجال أعمال قولهم: إن المقابلات التي تجريها مكاتب الهجرة والقنصليات تظهر الأسئلة وكأنها صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وليس عن قنصلية.
تقول الصحيفة "يبدو أن السبب وراء ذلك هو الحرب في قطاع غزة، حيث يتم التحقيق مع بعض الإسرائيليين المتقدمين بطلبات للإقامة حول ما إذا كانوا قد خدموا في الجيش الإسرائيلي، وطبيعة خدمتهم السابقة".
وزادت "حسب تحقيق صحفي أجريناه، فإن الولايات المتحدة تسأل الإسرائيليين المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء عما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم حرب".
وخلص التحقيق إلى أن "المتقدمين الإسرائيليين للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أصبحوا يخضعون حاليا لتحقيق معمق فيما يتعلق بخدمتهم في الجيش، بما في ذلك مهارات استخدام الأسلحة والمتفجرات".
ودعا المنتدى الذي يضم أكبر 200 من قادة الأعمال في "إسرائيل"، الأسبوع الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة "لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة".
ووفق مسح للأناضول لبيانات المشاركين في المنتدى، فإن نصف الشركات المدرجة في مؤشر بورصة تل أبيب "تي إيه-35" (TA-35) ممثلة فيه، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لأربعة أكبر البنوك (هبوعليم، وليئومي، وديسكونت، ومزراحي).
وفي سياق متصل تشير تقديرات البنك المركزي إلى أن الحرب على قطاع غزة ستكلف "إسرائيل" نحو 67 مليار دولار حتى عام 2025، أو ما يقرب من 15% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 لأول مرة منذ 8 سنوات، وفقًا لصندوق النقد الدولي، في حين أن الحكومة الإسرائيلية في طريقها إلى تسجيل أكبر عجز في ميزانيتها هذا القرن خلال 2024.
ويدفع الاقتصاد الإسرائيلي ثمنا باهظا بعد ثمانية أشهر من الحرب في قطاع غزة وعلى الحدود مع لبنان.
وتسببت الحرب المتواصلة في انخفاض حاد بنسبة 55.8% في الاستثمار الأجنبي المباشر في "إسرائيل" خلال الربع الأول من العام 2024.
يذكر أنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 عانى الاستثمار الأجنبي المباشر في "إسرائيل" بالفعل من انخفاض بنسبة 50٪ وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الإسرائيلي يوم الثلاثاء.
وما يزيد من عزوف المستثمرين المتزايد هو أن 80% من الاستثمار يتركز في مجال التكنولوجيا الفائقة، حيث يوفر هذا القطاع وحده نصف صادرات "إسرائيل" التي تقدم نفسها على أنها "أمة الشركات الناشئة" بامتياز.
وعلقت شركة "إنتل" الأمريكية العمل في توسيع مصنع لإنتاج المعالجات الدقيقة في "إسرائيل"، والذي كان من المقرر أن يشكل أكبر استثمار أجنبي على الإطلاق في البلاد.
والعلامة الأخرى التي تضرب الاقتصاد الإسرائيلي هي الإسرائيليون أنفسهم الذين بدؤوا بالبحث عن آفاق جديدة أكثر هدوءا وخاصة في الولايات المتحدة حيث قفز حجم استثماراتهم المباشرة في الخارج بمقدار الربع في الربع الأول من هذا العام ليصل إلى 3.6 مليارات دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدد مثل هذه العمليات التي يقوم بها الأجانب في "إسرائيل".
وذكرت الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية "كالكاليست" أن ذلك يعد تحديا للسياسة الاقتصادية لحكومة بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب قومي متطرف يواجه عجزا كبيرا في الميزانية لتمويل حرب لا تزال مستمرة.