الوقت - من أهم مبادئ وخصائص حزب الله اللبناني في الحرب مع الکيان الصهيوني، هي المفاجآت الكبيرة للمقاومة في ساحة المعركة للجيش الصهيوني.
منذ الأيام الأولى لحرب الـ 33 يومًا عام 2006، عندما كشف حزب الله عن حصوله على صواريخ مضادة للسفن وهاجم البارجة "ساعر" التابعة للبحرية الإسرائيلية، وحتى السنوات الأخيرة حيث تم الكشف عن قدرات جديدة في مجال الصواريخ والدفاع والقتال البري وما إلى ذلك، من المتوقع دائماً في اللحظات الحرجة أن تفاجئ قدرة جديدة للمقاومة الکيان الصهيوني.
بعد عملية طوفان الأقصى في الـ 7 من أكتوبر 2023، ودخول المقاومين اللبنانيين الصراع في الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة دعماً لمقاومة غزة، شهدنا إطلاقًا جماعيًا للصواريخ المدفعية والطائرات الانتحارية دون طيار والصواريخ المعروفة المضادة للدروع مثل كورنيت وتاو وكونكورس وغيرها، لكن من منتصف المعركة، واجه الصهاينة سلاحاً جديداً ومميزاً لحزب الله، لم يشهدوا مثل هذا التهديد من قبل.
صاروخ "خاص" مضاد للدروع يدخل المعرکة
في نهاية يناير/كانون الثاني 2024، نشرت وسائل الإعلام الدعائية لحزب الله في لبنان، صوراً للهجوم على مواقع رادارات الکيان الصهيوني في المناطق الحدودية مع لبنان.
وفي البيان المتعلق بهذا الهجوم، تم استخدام كلمة "صاروخ خاص مضاد للدروع" للتعريف بالسلاح الجديد، رغم أن جميع الخبراء العسكريين يعرفون جيداً ما اسمه وفي أي بلد تم إنتاجه، منذ اللحظة الأولى التي رأوا فيها صور هذا الصاروخ.
وتدريجياً، نُشرت عدة مقاطع فيديو أخرى لهجمات بالصواريخ الجديدة على مواقع الرادار، والقواعد العسكرية ومعدات الجيش الإسرائيلي.
الميزة المهمة في مقاطع الفيديو المنشورة، هي أنه تم تسجيلها من خلال عدسة الكاميرا المثبتة على الصاروخ نفسه (على عكس صاروخ مثل كورنيت الذي يتطلب وجود فريق فيديو؛ وأظهر صاروخ حزب الله الخاص بوضوح أن التكنولوجيا المستخدمة فيه مختلفة تماماً، وتسمح لمستخدمه بمهاجمة هدف لا يقع ضمن مدى رؤيته.
وبعد إطلاقه، انطلق الصاروخ أولاً واتجه خلف التلال والمرتفعات المطلة على مناطق وجود جنود الاحتلال، وهنا، حسب المعلومات التي سبق أن قدمتها طائرة الاستطلاع لطاقم الصواريخ المضادة للدروع، سيبدأ الغوص نحو الهدف؛ وفي كثير من الأحيان في الصور المنشورة، كان من الواضح أن المستخدم قرّر تغيير الهدف ومهاجمة موقع أكثر حساسيةً، أو معدات عسكرية بعد رؤية مجموعة الأهداف أمامه.
في الواقع، يستخدم الصاروخ أعلاه قدرةً خاصةً من أحدث الأسلحة المضادة للدروع في العالم، والتي تُعرف باسم " Man in the loop"؛ وهي ميزة خاصة تتيح لمستخدم الصاروخ تغيير الهدف وإعادة الإطباق على الهدف الجديد، حتى بعد الإطباق الأولي على الهدف حتى آخر لحظة.
التقديم الرسمي لصاروخ ألماس من قبل حزب الله
تم عرض صاروخ ألماس المضاد للدروع لأول مرة في عام 2016 في معرض المعدات التابع لوزارة الدفاع الإيرانية؛ لكن طرحه رسميًا تم في عام 2020، وفي مناورات الطائرات دون طيار للجيش الإيراني كسلاح يُطلق من الجو.
وفي عام 2021، تم أيضًا عرض النسخة الأرضية من صاروخ الماس، وتم الإعلان عن أن مداه هو 8 كيلومترات؛ لكن في السنوات التالية، تم أيضًا تطوير إصدارات لاحقة من الصاروخ بمدى إطلاق مختلف، وتم توفيرها للوحدات العسكرية الإيرانية وإرسالها إلى قوات المقاومة في المنطقة، وعلى الأقل شهدنا استخدام حزب الله اللبناني لصاروخ الماس وإدخاله رسميًا حتى الآن.
وبعد أن تحدثت شبكات الإعلام الإسرائيلية والخبراء العسكريون التابعون لها عدة مرات، عن التهديد الجديد الذي يواجه الجيش الصهيوني في الجبهة الشمالية مع وصول صاروخ الماس، عرضت قناة الميادين هذا الصاروخ رسمياً في فيديو مفصل بحضور خبير عسكري لبناني، وأحد قادة وحدة مكافحة الدروع التابعة لحزب الله.
في هذا الفيلم الوثائقي، يظهر قائد وحدة مكافحة المدرعات التابعة لحزب الله والملقب بـ "الجهاد"، بعد أن قدّم توضيحات حول التقدم والتطورات التي حققتها وحدة مكافحة المدرعات التابعة لحزب الله منذ حرب 2006 إلى اليوم، يعلن رسميًا أن مقاتلي حزب الله نجحوا في الاستيلاء على وحدة صواريخ سبايك الإسرائيلية المضادة للدروع في ساحة المعركة عام 2006، وأرسلوها إلى إيران.
هذه الرواية ذكرها العديد من الخبراء الأجانب منذ سنوات، لكنها المرة الأولى التي يعلن عنها مسؤول في حزب الله، وفي المخطط المعلوماتي الذي نشرته "الميادين" حول نوع وعدد الصواريخ التي أطلقها حزب الله حتى نهاية شباط/فبراير 2024، أعلن أن عدد الصواريخ "الخاصة" التي تم إطلاقها هو 23 صاورخاً.
ونشرت خلال الشهرين الأخيرين عدة فيديوهات لصواريخ الماس، ويبدو أن عدد الصواريخ التي تم إطلاقها وصل إلى أكثر من 50 صاروخاً.
صاروخ "الماس" واستهداف متواصل لدبابات الميركافا الإسرائيلية
منذ بداية المعركة على الجبهة الشمالية وحتى اليوم، نفذت الوحدات المضادة للدروع التابعة لحزب الله العديد من الهجمات على دبابات الميركافا الإسرائيلية، وغيرها من العربات المدرعة التابعة للکيان الإسرائيلي بصواريخها المضادة للدروع؛ لكن الجميع كان يتوقع مواجهةً مباشرةً بين صاروخ الماس ودبابة الميركافا، ولم يدم هذا الانتظار طويلاً، حيث بدأ صاروخ الماس في اصطياد دبابات الميركافا.
كانت الدبابات على بعد عدة كيلومترات من المنطقة الحدودية، وخلف التلال العالية داخل قاعدة عسكرية، غير مدركة أن صاروخ حزب الله الجديد لا يحتاج إلى رؤية مباشرة للهدف، وبعد تجاوز المرتفعات يبدأ غوصه الأخير نحو الهدف.
وفي أحد الفيديوهات المميزة التي نشرها حزب الله، فإن الصاروخ الذي يُزعم أنه نسخة ألماس 3، يضيف جهاز رادار خاص للكشف عن نيران المدفعية AN/TPQ37 التي تبرعت به الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، إلى قائمة الاصطياد الخاصة به.
ويرى الخبراء العسكريون، وخاصةً بعض الصهاينة، أنه إذا تحولت صراعات الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني إلى حرب شاملة، فإن صاروخ الماس المضاد للدروع سيكون أحد أكبر المشاكل التي تواجه وحدات المدرعات والمشاة التابعة لهذا الکيان للدخول إلى جنوب لبنان.