الوقت - في عالم اليوم، تسعى جميع الدول إلى تنويع أسواقها التجارية من أجل الحصول على اقتصاد مستقر.
وفي هذا المجال، تحظى المعارض التجارية بأهمية خاصة، وتعمل المهرجانات الفنية في المجال الاقتصادي، والتي تلعب دورًا مهمًا في تقديم الابتكارات الجديدة، على جذب الاستثمار الأجنبي، وخلق التنسيق بين الشركات، وإيجاد عملاء وشركاء مستقبليين.
ومن خلال فهم هذه الضرورة، فإن السلطات الإيرانية، التي تسعى منذ سنوات إلى التحول من اقتصاد المنتج الواحد القائم على بيع مصادر الطاقة غير المتجددة إلى التحول إلى مرجعية علمية وتكنولوجية في المنطقة، أولت دائمًا اهتمامًا خاصًا بالمشاركة في المعارض الدولية المرموقة، للتعريف بأحدث المنتجات والإمكانات العلمية والصناعية والتجارية، ومع ذلك، فقد تم أيضًا النظر في إقامة معارض مماثلة بنماذج دولية معتمدة.
وفي هذا الصدد، انطلقت فعاليات المعرض الدولي السادس لقدرات إيران التصديرية، تحت عنوان "إيران إكسبو 2024"، في طهران السبت الماضي، ويشارك في هذا المعرض أكثر من 2000 تاجر ومستثمر ورجال أعمال أجانب من 80 دولة، وسيعرضون منتجاتهم حتى 12 مايو.
يتم في هذا المعرض الذي يستمر لمدة خمسة أيام، عرض المنتجات والإنجازات في مختلف المجالات الصناعية والزراعية في سبع مجموعات، بما في ذلك الصناعات الغذائية والزراعة ومصائد الأسماك والصناعة والسجاد والحرف اليدوية والسياحة، والطب والمعدات الطبية والمختبرات والمنتجات الكيماوية ومستحضرات التجميل والنظافة، وصناعة البناء والتشييد والخدمات الفنية والهندسية والبتروكيماويات.
كما تم توفير برامج متخصصة في هذا المعرض، بما في ذلك معلومات الشركات المتواجدة في المعرض، ومعلومات المنتجات المعروضة، وإمكانية تسجيل مستوى الرضا فيما يتعلق بالاجتماعات، وإمكانية التواصل المباشر مع مركز B2B وعرض خريطة المعرض ومواقع الشركات، وإمكانية إرسال التعليقات والمقترحات بخصوص إيران إكسبو.
وفي حفل افتتاح معرض إيران إكسبو 2024، صرح السيد إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني، أن هذا المعرض يقدم قدرات التصدير الإيرانية ويخلق بيئةً تنافسيةً، وقال: "يعتبر عرض قدرات إيران التصديرية عملاً جماعياً لتحقيق الرفاه الاجتماعي والعالمي، من خلال تطوير التجارة والتصدير وتوسيع التفاعلات الاقتصادية، ونأمل أن يؤدي هذا المعرض إلى التقارب والتنسيق ومشاركة الناشطين الاقتصاديين والمنتجين والمصدرين والتجار، وأن يؤدي إلى النمو الاقتصادي للبلاد والمنطقة والعالم".
كما اعتبر عباس علي آبادي، وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني، في حفل افتتاح معرض إيران إكسبو، أن أهم هدف لهذا المعرض هو تطوير التعاون الدولي بين الدول المشاركة، وقال: "إن إقامة معرض بحضور ضيوف أجانب، سيجعلنا نتعرف على بعضنا البعض ويسهل العمل، ونحن على استعداد للتفاعل والتعاون الاقتصادي مع دول العالم، والعمل على تسهيل تجارة إيران مع العالم، ومن المأمول أن يتخذ هذا المعرض خطوةً جادةً نحو تطوير العلاقات التجارية، من خلال عرض قدرات إيران التصديرية بوضوح ومعرفة احتياجات الأطراف الأخرى".
كما ذكر مهدي ضيغمي، رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، أن هذا المعرض يعدّ مساحةً مناسبةً لزيادة وجهات التصدير ومجموعات المنتجات وتنويع أسواق التصدير، وأكد أن: "زيارة المصانع الكبرى والمدن الصناعية والشركات القائمة على المعرفة، مدرجة أيضًا على جدول أعمال المعرض".
وفي إشارة إلى تزامن افتتاح هذا المعرض مع القمة الإيرانية الإفريقية، اعتبر مهدي صفري، مساعد وزير الخارجية الإيرانية لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية، أنها خطوة مهمة في تحسين العلاقات بين إيران والقارة الآسيوية.
کما صرح المدير العام لمكتب غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية، أن 13 دولة من غرب آسيا حاضرة في معرض إيران، وقال: "الهدف الرئيسي والمهم للمعرض، هو إظهار القدرات التصديرية للمنتجين الإيرانيين، ويمكن للوحدات الإنتاجية والصناعية التي لديها القدرة على التصدير الإنتاجي والشركات التجارية والمراكز التجارية والمنظمات الحكومية، الاستفادة من إمكانيات المعرض لنقل قدرات إيران التصديرية".
في هذا المعرض، مع القبول الواسع للشركات ورجال الأعمال من مختلف دول العالم، من الممكن التعرف والتفاوض وإقامة تفاعلات تجارية مع أكبر العلامات التجارية الصناعية الإيرانية في مختلف المجالات الصناعية.
ووفقاً للخطط، في الدورة السادسة من المعرض، ستعرض أكثر من 800 شركة إيرانية كبيرة وصناعية منتجاتها وإنجازاتها، وفي هذا المعرض، ستقوم الشركات ورجال الأعمال من مختلف البلدان، بالتفاوض وإقامة تفاعلات تجارية مع أكبر العلامات التجارية الصناعية الإيرانية في مختلف المجالات الصناعية.
وعلى هامش معرض إيران، عُقدت اجتماعات عمل ثنائية بين إيران ووفود أعمال الدول الأخرى، بما في ذلك الصين والكويت وباكستان وكازاخستان، وأعلن الجانبان الاتجاه المتزايد للتعاون التجاري في السنوات الأخيرة، وأعربا عن أملهما في تحسين هذا الحجم من الأعمال.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام، فإن وفود الجزائر وماليزيا وتركمانستان وباكستان والعراق وأفغانستان وعمان وجورجيا وتنزانيا وزنجبار وأوزبكستان وصربيا وسنغافورة والكاميرون وسوريا والجزائر وغيرها، التي جاءت في اليوم الأول من معرض إيران إكسبو، دخل كل منهم في مفاوضات مع شركات التصدير الإيرانية وفقًا لاحتياجاتهم، وفي هذه الأثناء، كان التجار العمانيون والجورجيون يحاولون إيجاد طرق لإعادة تصدير البضائع الإيرانية إلى دول ثالثة، بدلاً من السعي لتلبية احتياجاتهم الخاصة.
ومن الممكن أن تصبح هاتان الدولتان قاعدة إعادة تصدير البضائع الإيرانية سواء من حيث الموقع أو المصداقية الخارجية، وجزء من مفاوضاتهما مع الناشطين الإيرانيين كان يعتمد على هذا الأساس.
معرض إيران يثبت عدم فعالية العقوبات
معرض إيران إکسبو 2024، بصرف النظر عن عرض إنجازات وقدرات البلاد في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، فإنه بدوره، من خلال إظهار الاتجاه المتزايد لدول العالم للتعاون الاقتصادي مع إيران، هو مظهر موضوعي لفشل سياسة العقوبات الغربية.
وفي الواقع، يقام هذا المعرض في وضع بذلت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها جهوداً كبيرةً في السنوات الأخيرة، لإبعاد الدول عن التعاون مع إيران من خلال توسيع نطاق العقوبات وعزلها كما يزعمون، لكن وجود الآلاف من رجال الأعمال الأجانب في معرض إيران لزيارة قدرات إيران، يظهر أن الجهود الغربية لتشديد الحصار على إيران قد باءت بالفشل، ولم تعد الدول تتبع السياسات الغربية كما كانت في الماضي.
وأشار الرئيس الإيراني في كلمته في افتتاح هذا المعرض إلى فشل العقوبات الغربية، وقال: "يظهر هذا المعرض أن إيران محصنة ضد العقوبات، وأن العقوبات والخطط الشريرة لعزل إيران لم تنجح أبداً بإرادة الشعب الصلبة، ولن تنجح أبداً".
في العامين الماضيين، وتماشياً مع إستراتيجية "النظر شرقاً" للحكومة الحالية، أصبحت إيران عضواً في المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك "منظمة شنغهاي وبريكس"، وقد فتحت هذه القضية المجال لإيران لتعزيز الشراكات والتفاعلات الاقتصادية، مع قيود جمركية أقل وعلى أساس التجارة الحرة.
إن زيارة كبار المسؤولين من دول آسيا الوسطى إلى طهران، وتوقيع عقود بمليارات الدولارات في المجالات التجارية والصناعية، وزيارة الرئيس الإيراني إلى دول شرق آسيا وإفريقيا لتطوير العلاقات التجارية، تظهر المكانة الرفيعة لإيران.
وباعتبارها جسرًا بين الشرق والغرب، طورت إيران بنيتها التحتية للنقل في السنوات الأخيرة، وتلعب دورًا مركزيًا في تجارة البلدان من خلال ربط ممرات السكك الحديدية من آسيا الوسطى إلى المحيط الهندي، ومن الشرق إلى الغرب.
وخلافاً لتوقعات المسؤولين الأمريكيين، تزدهر تجارة إيران مع الدول الأخرى يوماً بعد يوم، وبالإضافة إلى الزيادة في صادرات النفط، كانت هناك العديد من الانفتاحات في قطاعات أخرى.
وقال وزير الصناعة والتعدين الإيراني: "إن حجم التجارة الخارجية الإيرانية العام الماضي بلغ 150 مليار دولار، منها 50 ملياراً تتعلق بالصادرات غير النفطية، ومن خلال المشاركة في الاتفاقيات الإقليمية والدولية، لدينا تفاعلات بناءة مع الدول".
ولذلك، مع هذا الحجم من التجارة الخارجية الذي يتزايد كل عام، يمكن للدول المجاورة واللاعبين العالميين الآخرين الاستفادة من إنجازات إيران المحلية في مختلف المجالات، من خلال توسيع التبادلات التجارية.
لقد أقيمت العديد من الأمثلة على هذه المعارض في بلدان أخرى، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن ما يميّز معرض إيران عن المعارض التي تقام في المنطقة، هو أن الدول العربية لا تزال تتمتع بمكانة متدنية بين الدول النامية في مجال إنتاج المعرفة وامتلاك التكنولوجيا المتقدمة، وبالتالي فهي أكثر نشاطاً في مجال التبادلات المالية والتجارية، لکن في معرض إيران، يتم وضع القدرات المحلية للبلاد أمام أعين العالم، حتى يتعرفوا على إنجازات إيران في مختلف المجالات العملية والتكنولوجية.
وتعدّ إيران من الدول الرائدة في بعض المجالات، بما في ذلك إنتاج البتروكيماويات والمعدات الطبية والصيدلانية والإنتاج التكنولوجي في مجال القواعد المعرفية، والخدمات الفنية والهندسية ومواد البناء والمنتجات الزراعية والغذائية، ويمكنها تصدير منتجاتها إلى دول أخرى، وقد وفّر معرض إيران مثل هذه المنصة للمنتجين المحليين والتجار الأجانب.
ويمكن أن يساعد معرض إيران في نمو وازدهار التجارة في المنطقة، ودول آسيا الوسطى وغرب آسيا، التي تحتل مراتب أدنى من الناحية التكنولوجية، تحصل علی العديد من المنتجات التي تحتاجها من الأسواق الخارجية مثل أوروبا والصين وروسيا، ويتم إنتاج منتجات مماثلة أيضًا من قبل الشركات الإيرانية القائمة على المعرفة، ومن حيث الجودة فهي تساوي المنتجات الأجنبية وأكثر اقتصاداً من حيث السعر.
تبادل العملات وازدهار الأعمال
من ناحية أخرى، فإن استمرار وإنشاء معرض قدرات إيران التصديرية فعال للغاية في مجال التجارة الخارجية، ويمكنه توليد النقد الأجنبي في مجال تصدير السلع غير النفطية، بالإضافة إلی الخدمات الفنية ونقل التكنولوجيا.
ومن خلال عرض منتجات أو تقنيات جديدة، يمكن أن يساعد معرض إيران في جذب الاستثمار أو تحفيز الابتكار في البلاد، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ازدهار الأعمال.
"إيران إکسبو" حدث تجاري دولي يساعد الشركات على إيجاد أسواق جديدة لمنتجاتها من خلال عرض إنجازاتها، وبالنظر إلى أهمية ومكانة الصادرات غير النفطية، يمكن للشركات أن تضع صناعاتها كمنصة للتجارة والتبادل التجاري.
ويسعى معرض إيران إكسبو 2024 إلى تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، ويستهدف الصناعات الرئيسية المعروفة بإنتاج منتجات عالية الجودة للتصدير، والتي لديها إمكانات أكبر للاستثمارات المتنوعة.