الوقت - في حين أن التوترات في البحر الأحمر باعتبارها إحدى نتائج استمرار الحرب في غزة، أدت إلى موجة من الصراع البحري بين صنعاء والدول الغربية الداعمة للکيان الصهيوني، نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا، الليلة الماضية، هجمات واسعة النطاق على مناطق مختلفة في اليمن مرةً أخری، بعد أن أصدر مجلس الأمن قراراً بشأن أمن البحر الأحمر في 21 يناير/كانون الثاني الماضي.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية أنه تم استخدام طائرات مقاتلة وصواريخ توماهوك في هذه العملية المشتركة، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان إن "هذه الهجمات تبعث برسالة واضحة، مفادها بأن الولايات المتحدة وشركاءنا لن يغضوا الطرف عن الهجمات على أفرادنا، ولن يسمحوا للأطراف المتحاربة بتهديد حرية الملاحة".
من جانبه، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن هذه الهجمات استهدفت الرادارات والبنية التحتية للطائرات المسيرة والصواريخ، لإضعاف قدرة الحوثيين (أنصار الله) على مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر.
وتشير الأخبار إلى أن ميناء الحديدة، الذي يعدّ البوابة الرئيسية لاستيراد البضائع والوقود والمواد الإنسانية الدولية إلى اليمن، تعرض لقصف طائرات أمريكية وبريطانية مرتين على الأقل في يوم واحد، كما تحدثت وسائل إعلام يمنية عن سماع دوي عدة انفجارات خلال اليوم الماضي في محافظة صنعاء.
فقد استهدفت تلك الهجمات مناطق عطان والنهدين جنوباً، وكذلك منطقة الحفا شمال شرق العاصمة صنعاء، وبدورها، أفادت شبكة "المسيرة" بأن تلك الهجمات استهدفت مطارات وقواعد عسكرية في عدة مدن يمنية.
وزعم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية أن التقييم الأولي يظهر أن الهجمات الأخيرة على اليمن كان لها آثار جيدة، وسوف "تضعف بشكل كبير قدرات الحوثيين"، كما زعمت وزارة الدفاع البريطانية في بيان لها: أن "المؤشرات الأولية تظهر أن قدرة الحوثيين على تهديد السفن التجارية، تأثرت بشدة".
لكن رغم هذه الهجمات، لم تتراجع القوات اليمنية، وأصدر الجيش اليمني بياناً أعلن فيه أن كل مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا أصبحت "هدفاً مشروعاً" لقواته، وردًا على هذه الأعمال العدوانية، تم استهداف سفينتين أمريكية وبريطانية.
وقال يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، الثلاثاء الماضي: "نفذنا بعون الله تعالى عمليتين بحريتين في البحر الأحمر، الأولى استهدفت السفينة الأمريكية ستار ناسيا (Star nasia)، والأخرى السفينة البريطانية مورنينغ تايد(Morning Tide)، وتم استهداف هذه السفن بشكل مباشر ودقيق بالصواريخ البحرية المناسبة وبعون الله".
وفي غضون ذلك، وبينما أكدت قيادات حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية مرات عديدة في الأيام الماضية، أن هذه الهجمات لن تؤدي إلى وقف العمليات البحرية للجيش اليمني ضد السفن المتجهة إلى الأراضي المحتلة، وصف عبد الملك الحوثي، في كلمته الثلاثاء الماضي، الهجمات الأمريكية على اليمن بالشر المطلق، وأنها تتماشى مع مصالح الصهاينة.
وأضاف زعيم حركة أنصار الله اليمنية، إن الهجوم الأمريكي شر مطلق للشعب اليمني ولا ينفعه، وأشار عبد الملك الحوثي إلى أن الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين يعملون على مخططات لإضعاف العالم الإسلامي، وأضاف: "إن الأمة الإسلامية في وضع ضعيف، وأعداؤها يجعلونها هدفاً للمؤامرات".
وتابع عبدالملك الحوثي: مجموعة من اليهود تحتل الأرض الفلسطينية، وتعذب الشعب الفلسطيني أمام أعين أكثر من 50 دولة تمتلك إمکانات ضخمة.
كما انتقد زعيم أنصار الله مواقف الدول الإسلامية، وقال إن مقابل كل يهودي هناك أكثر من 150 ألف مسلم لا يستطيعون فعل أي شيء، ويشاهدون القتل الوحشي للمسلمين.
وأثارت التهديدات وإعلان زعيم أنصار الله عن مواصلة العمليات البحرية ضد الصهاينة، الشكوك حول مدى فعالية الهجمات الأمريكية والبريطانية على اليمن، وإعادة الاستقرار إلى البحر الأحمر، وهو ما كان له تأثير كبير على التجارة البحرية العالمية.
لذلك، ومن أجل معرفة تفاصيل وأهداف الهجمات الأمريكية على المواقع اليمنية، وكذلك لتوضيح تداعيات هذا العمل العدواني، تحدث "الوقت" مع السيد هادي سيد أفقهي، الخبير في قضايا المنطقة.
اليد العليا لأنصار الله في البحر الأحمر
ردًا على تأثير الهجمات الأمريكية على القوة العسكرية لأنصار الله، يعتقد السيد أفقهي أن الهجمات الوحشية التي شنها آل سعود بدعم من الولايات المتحدة، لم تتمكن من إجبار الشعب اليمني وأنصار الله على الركوع، حيث إن هذه الهجمات لا يمكن أن تجبر اليمن على الاستسلام والتراجع.
وخلال 9 سنوات، وضع عدوان قوات التحالف العربي على اليمن معادلة الردع لمصلحة أنصار الله وعلى حساب الشعب السعودي، وأجبر السعودية على القبول بشرعية حكومة الوحدة الوطنية في اليمن.
وبعد الدخول السلبي والمتسرع لأمريكا وبريطانيا إلى مسرح الهجمات في اليمن، فإنهما ستتضرران بالتأكيد، فلليمن اليد العليا في البحر الأحمر، وفي هذا الصدد سيواصلون هجماتهم الصاروخية والطائرات دون طيار حتى ينهي الکيان الصهيوني هجماته في غزة.
السعودية لا تدخل في لعبة خطيرة ضد اليمن
وقال هذا الخبير في القضايا الإقليمية، عن موقف السعودية بعدم مرافقة الهجمات الأمريكية والبريطانية: رغم أن السعوديين مدينون للولايات المتحدة لمساعدتها التي لا تتزعزع في الهجوم على اليمن، وسيأخذون بالتأكيد في الاعتبار مصالح الولايات المتحدة في مواصلة مفاوضاتهم مع أنصار الله، فإن السعوديين لن يبدؤوا اللعبة الخطيرة مع اليمن مرةً أخرى.
وأعلن محمد عبد السلام المتحدث باسم حركة أنصار الله، أن التحديات مع الرياض قد تم حلها، وبالأمس أشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية اليمنية بموقف السعوديين، واعتبر مسألة عدم المشاركة السعودية في العملية ضد اليمن مرضيةً، وحتى الإمارات لم ترافق أمريكا في هذه الهجمات.
واعتبر السيد أفقهي استمرار السعودية في المفاوضات مع اليمن، كأحد أسباب عدم مرافقة السعودية للعمل العسكري الأمريكي ضد اليمن، وأكد أن السعودية لا تدعم التحرك ضد اليمن، من أجل الوصول إلى قناة السلام والتخطيط للمشاركة في إعادة إعمار اليمن، ومن المؤكد أنه إذا أيّد السعوديون التحرك الأمريكي، فإن علاقاتهم مع أنصار الله سوف تتوتر.
وأدان العالم سياسة أمريكا الداعمة للكيان الصهيوني، فسياسات أمريكا المثيرة للحرب، والتي تساعد في الإبادة الجماعية في غزة، لديها عدد لا يحصى من المعارضين في الداخل، وقد حوّلت بايدن إلى شخصية مكروهة داخل أمريكا، ولهذا السبب أيضاً، أصبح موقعه مهدداً في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
مساعدة السعوديين والإماراتيين للکيان الإسرائيلي أمر مخزٍ
وفي الختام، وصف هذا الخبير في القضايا الإقليمية التصرف السعودي بالتعاون مع الصهاينة بالمؤسف، وأضاف: تسمح السعودية للإمارات بتمرير البضائع المتعلقة بالکيان الإسرائيلي عبر أراضيها، والتي سيتم بعد ذلك إرسالها إلى الکيان الصهيوني عبر الأردن، والحقيقة أنهم يسعون إلى تعويض إغلاق باب المندب وعرقلة اليمنيين للسفن التابعة للكيان الصهيوني، من خلال إنشاء ممر بري.
وبطبيعة الحال، فإن كمية البضائع المرسلة عن طريق البر، لا يمكن مقارنتها بالكمية التي يمكن أن تدخل الأراضي المحتلة من البحر الأحمر، ولكن مجرد مساعدة الکيان الإسرائيلي أمر مخزٍ.