الوقت- بعد 15 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية، للنظر في شكوى جنوب أفريقيا ضد الکيان الصهيوني لارتكابه جرائم الإبادة الجماعية في غزة، أخيراً أصدرت هيئة المحلفين في المحكمة حكمها المؤقت يوم الجمعة الماضي، وأدانت الکيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب.
وبينما طلبت جنوب أفريقيا في شكواها إصدار حكم من محكمة لاهاي بمنع الحرب في غزة، أمرت هذه المحكمة الحكومة الإسرائيلية باتخاذ إجراءات، لمنع ومعاقبة التحريض المباشر على الإبادة الجماعية في الحرب ضد غزة.
وجاء في هذا الحكم: "يجب علی إسرائيل... أن تنفذ جميع التدابير التي في وسعها، لمنع ارتكاب جميع الأنشطة الواردة في المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية".
أثار قرار محكمة لاهاي الكثير من النقاشات حول نتائج هذا القرار على تطورات الحرب في غزة وعواقبها القانونية على الکيان الصهيوني، وللنظر في هذه الأسئلة، تحدث "الوقت" مع السيد صباح زنغنه، الخبير في القضايا السياسية والقانون الدولي.
الوقت: بعد إدانة الکيان الصهيوني في حكم محكمة لاهاي، ما هي التبعات القانونية التي يمكن أن تترتب على الصهاينة الآن؟ وهل أصدرت محكمة العدل الدولية مثل هذا الحكم ضد دولة أخرى بارتكاب جرائم إبادة جماعية من قبل؟
السيد صباح زنغنه: لقد تمت مناقشة مسألة "genocide" (الإبادة الجماعية) من قبل، ولكن لها بعدان قانوني وجنائي، من الناحية القانونية، حدث ما يشبه هذه المحكمة في جنوب أفريقيا قبل التحول في النظام الحكومي، عندما حكمت حكومة الفصل العنصري هذه البلاد بحكم العرق الأبيض.
لقد احتجت العديد من الدول وقدمت شكاوى، وتمت إدانة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وبطبيعة الحال، فإن الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية ليست قابلةً للتنفيذ وملزمةً، لكن في المحكمة الجنائية، تتم إدانة الأشخاص الذين يرتكبون جرائم، ويواجهون جميع أنواع الإدانات.
إن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية مؤخراً، له جانب سياسي أعلى بكثير من الجوانب الأخرى المتوقعة من هذا الحكم، في الواقع، قد يتوقع البعض أن تدين محكمة العدل الدولية الکيان الصهيوني فورًا، ثم تعتقل قادة هذا الکيان، بينما ما يحدث الآن هو إعلان أن الکيان الصهيوني ارتكب جريمة ضد الإنسانية، ودمّر الجنس البشري في غزة، وهذا أمر مدان.
لقد طُلب من هذا الکيان أن يأمر قواته بالامتثال لأحكام اتفاقية الإبادة الجماعية، وعدم قتل المدنيين، كما ادعى الکيان الصهيوني أنه أمر الجيش بعدم مهاجمة سكان غزة.
الوقت: من المفترض أن يتم رفع نتائج المحاكمة إلى اجتماع مجلس الأمن للنظر فيها، كيف سيكون وضع حكم محكمة العدل الدولية بعد اجتماع مجلس الأمن؟
السيد صباح زنغنه: عندما يتعلق الأمر بمجلس الأمن، إذا لم توافق الولايات المتحدة وبريطانيا على القرار، وهو ما لا توافقان عليه بوضوح، فسوف يصطدم هذا القرار بعرقلة هذين البلدين.
لقد تعددت حالات إصدار القرارات، ومنعت أمريكا الموافقة على تلك القرارات ضد الکيان الصهيوني، وهذه المرة إذا تم تحويل مسألة إدانة هذا الکيان إلى مجلس الأمن، فإنه سيواجه حاجز أمريكا وبريطانيا، وبطبيعة الحال، لن يتم تحويل هذه القضية بسرعة إلى مجلس الأمن، إلا إذا طلبت جنوب أفريقيا ودول أخرى إحالة القضية إلى مجلس الأمن.
حالياً، يجب فحص وبحث كل تفاصيل ادعاءات جنوب أفريقيا فيما يتعلق بقضية الإبادة الجماعية وتفاصيل دفاع الکيان الصهيوني لعدة أشهر، ولذلك سنواجه فترة عدة أشهر لغرض التحقيقات.
والحقيقة أنه لا بد من القول إن الکيان القاتل الذي ارتكب جرائم قتل بحق أهل غزة بشكل علني ومتعمد، وبإجراءات واضحة، وثبتت هذه الجريمة، قد تم استدعاؤه إلى المحكمة، وتمت إدانته سياسياً وإعلامياً أمام أعين شعوب العالم، وسيكون هذا في الواقع انتصاراً كبيراً لأفريقيا وفلسطين.
الوقت: هل يمكن لموجة الدعم الدولي من الدول لشكوى جنوب أفريقيا، أن تمارس ضغوطاً على مجلس الأمن؟ وما هي توقعاتكم لاستراتيجية الدول في التعامل مع الفيتو الأمريكي؟
السيد صباح زنغنه: لا تزال هناك طرق عديدة، لقد دخل إلى الساحة مئات المحامين الدوليين، ويمكن القول إن حاجز الخوف والقلق من التحرك ضد الکيان الصهيوني قد انكسر، وهناك أيضًا العديد من القضايا التي يمكن التحقيق فيها في كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية.
جاء في الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية، أن هذه المحكمة لم تنظر ولم تتعامل إلا مع قضية الإبادة الجماعية التي كانت محور شكوى جنوب أفريقيا، ولم تتم معالجة المشكلات الأخرى لأنه يجب تقديم طلب بشأنها.
وهذا هو واجب المحامين الدوليين الذين يمكنهم المطالبة بمحاكمة الکيان الصهيوني على شكل حكومة أو على شكل منظمات قانونية دولية، فيما يتعلق بأعماله الأخرى مثل منع دخول المواد الغذائية إلى قطاع غزة، أو تسميم مياه الشرب لأهل غزة، أو الاعتقالات غير القانونية التي يقوم بها الکيان الإسرائيلي للفلسطينيين، والعديد من القضايا الأخرى التي يمكن رفعها إلى محكمة العدل.
ولذلك، لو طالب المحامون أو الحكومات باستدعاء قادة الکيان الصهيوني إلى المحكمة ومحاكمتهم، كما حدث مع سلطات صربيا، فيمكنهم أيضًا أن يفعلوا ذلك مع سلطات الکيان الصهيوني.
وحتى لو كانت الولايات المتحدة تنوي الاعتراض، ولم يتوصل التصويت في مجلس الأمن إلى نتيجة، فيمكنها إثارة الأمر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي بعض الحالات، وعلى الرغم من معارضة أحد الأعضاء الدائمين، تمكنت الجمعية العامة من التصرف بشكل أقوى من مجلس الأمن.
الوقت: هل لحكم محكمة لاهاي تبعات على القيادات السياسية والعسكرية لهذا الکيان لجريمة ارتكاب الإبادة الجماعية؟
السيد صباح زنغنه: حالياً لا، لم تتم إثارة قضية في حكم المحكمة، لكنه يمكن أن يؤدي إلى إدانة واستدعاء سلطات الکيان الصهيوني.