الوقت- بوضوح، حذرت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، يوم الجمعة، عائلات الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها من أن "الوقت يمضي ويتلاشى" على حياة أبنائهم في قطاع غزة، وأشارت الكتائب إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر عدم اكتراث تجاه عودتهم، متهمة إياه بـ "قتلهم"، وتأتي هذه التحذيرات في سياق رسالة مصورة نشرها المكتب الإعلامي لـ "القسام" على منصة "تلغرام"، والتي كانت موجهة لأربعة إسرائيليين، من بينهم عسكريون، كانوا محتجزين لدى القسام، يذكر أن الجيش الإسرائيلي اعترف بقتل ثلاثة منهم بـ "الخطأ" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتظهر في مقطع الفيديو الأربعة الذين تم احتجازهم، وهم "جنود الاحتياط: ألون شامريز وتام حييم وسامر طلالقة، وضابط الاحتياط ساخي إدن"، في رسالتهم، وجهوا نداءً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حثوه فيه على وقف الحرب وإعادتهم سالمين إلى منازلهم، في وقت يتصاعد فيه الغضب ضد حكومة نتنياهو لدرجة خطيرة تهدد المجتمع الإسرائيلي.
عودة بسلام
ضجت مواقع التواصل بالعبارات التي قالها الجندي شمريز في رسالته: "كلي أمل قريب جداً بالخروج من هنا (…) قبل حلول عيد ميلاد والدتي، ورسالتي لنتنياهو بوقف الحرب والقصف بالصواريخ كي لا تمسنا نحن المخطوفين، نريد العودة بسلام"، وفي مقاطع الفيديو، قال الجندي حييم: "لعائلتي سوف أراكم قريبا، أنا قوي، كلنا بخير، أتمنى أن يحل السلام وأعود قريباً، أطلب منكم (من حكومة نتنياهو) أوقفوا الحرب"، وأضافت كتائب عز الدين القسام "كانت أمنيتهم الأخيرة هي العودة أحياء"، أما الضابط إدن، فأفاد في شهادته بأنه "كان في ثلاثة منازل، وتم قصفها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي"، وفقًا لما ورد في المقطع.
وما يدل على أن الإجرام الإسرائيلي والمماطلة من حكومة العدو هما السبب الأول والأخير في تهديد حياة الأسرى، هو أن الجندي طلالقة أدلى بشهادته قائلاً: "كل يوم هناك قصف، حتى البيت الذي كنا نتواجد بداخله قصفوه"، وأفادت كتائب عز الدين القسام في مقطع الفيديو بأن الأسرى "لوحوا للجنود بالعلم الأبيض وصرخوا لهم: مخطوفين، مخطوفين، لكنهم قتلوهم بدم بارد"، واتهمت القسام رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته بالعنصرية والتطرف، مؤكدة أنهم قتلوا الأسرى، وفي رسالتها لأهالي المحتجزين، أشارت القسام إلى أن "كرسي قيادة الحكومة مهم لنتنياهو أكثر من عودة أبنائكم"، وختمت رسالتها بالتحذير، مؤكدة أن "الوقت يمضي ويتلاشى"، وقد نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقطع فيديو يظهر الأسير الإسرائيلي بيباس، يأتي هذا بعد أن قتلت طائرات الاحتلال زوجته شيري وطفليه كفير وأرئيل، في المقطع، يعبر بيباس عن حزنه وألمه بسبب فقدان عائلته، ويتساءل: "هل سأخرج وأشيّعهم، أم أُدفن معهم؟".
ويُذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن عن مقتل "بالخطأ" لثلاثة أسرى إسرائيليين محتجزين لدى حركة "حماس" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتفيد المعلومات بأن الجنود الثلاثة، تام حاييم، وألون شامريز، وسامر طلالقة، استطاعوا الفرار من خاطفيهم أو تم التخلي عنهم قبل أن يتم قتلهم بطريق الخطأ، وهذا جاء بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنهم قتلوا بالخطأ بسبب اعتبارهم تهديدًا، وفي بيان سابق، قال الجيش إن قوة تابعة له أطلقت النار بالخطأ على الرهائن الإسرائيليين بذريعة أنهم يشكلون تهديدا، ما أدى إلى مقتلهم، وفي الرسالة المصورة التي بثتها "القسام"، أكد الجنود الثلاثة على المعاملة الطيبة التي تلقوها من عناصر "القسام".
ولا شك أن رسائل "القسام" تأتي في سياق الحرب النفسية التي يشنها الجناح العسكري لحركة "حماس"، بهدف تحريض الرأي العام وعائلات الأسرى ضد الحكومة والجيش الاحتلاليين، ويتم تداول هذه الرسائل كجزء من استراتيجية ناجحة للغاية لتحقيق أهدافهم، وفي سياق ذي صلة، إن حماس منفتحة على كل المبادرات وتسعى لوقف العدوان على الشعب في غزة، وإن الاحتلال لن يتمكن من إخراج أسراه أحياء قبل وقف العدوان ودفع الثمن، وتشرف مصر وقطر، بجانب الولايات المتحدة، على جهود للتوصل إلى هدنة مؤقتة ثانية في قطاع غزة.
ومنذ بداية ديسمبر الماضي، ركزت وسائل الإعلام العبرية على وجود محادثات غير مباشرة بين الكيان وحركة "حماس"، برعاية من مصر وقطر، بهدف العمل على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حملة عسكرية مدمرة في قطاع غزة، حيث أسفرت عن خسائر كبيرة بلغت "22,722 شهيدًا و58,166 مصابًا"، معظمهم من الأطفال والنساء، كما تسببت الحملة في دمار هائل للبنية التحتية وخلقت كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا للسلطات القطاعية وتقارير الأمم المتحدة.
رسالة مؤثرة للغاية
إن الرسالة التي وجهتها كتائب القسام لأهالي الجنود الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ستكون أقسى وأشد إيلامًا عليهم من مشاهد تدمير الآليات التي تبثها المقاومة، كما أن الرسالة سيكون لها صدى واسعاً في المجتمع الإسرائيلي، وفي السياق ذاته، بثت كتائب القسام مقطع فيديو يحتوي على رسالة تحذير موجهة إلى عائلات جنود الاحتلال الإسرائيلي المحتجزين في قطاع غزة، مشيرة إلى أن رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو لا يأبه لحياة ذويهم ويرغب في أن يعيشوا تجربة مماثلة لتلك التي عاشها أخوهم يوناتان، الذي قتل في عملية تحرير رهائن في أوغندا عام 1976.
ويعتبر كثيرون أن نتنياهو يعاني من مشكلاته الخاصة المتعلقة بمحاكمته في قضايا الفساد، ويُظهر ذلك حسب رأيه أنه يفضل الهروب إلى الأمام، حيث يضع مصالحه الشخصية فوق كل اعتبار، ولذلك، فإن هذه الرسالة التي وجهتها كتائب القسام إلى أهالي الجنود الأسرى كان لها تأثير أكبر من مقاطع القسام الأخرى، وتتضمن إشارة واضحة إلى أن نتنياهو يعاني من عقدة نفسية تعود إلى عام 1976 حيث قتل شقيقه يوناتان، وتعكس الرسالة عدم اهتمام نتنياهو بحياة الجنود المحتجزين ورغبته في تحميل الآخرين ما عاناه بمقتل أخيه، كما أن هذه الرسالة "ستحظى بصدى داخل المجتمع الإسرائيلي".
أيضا، جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ يغير طريقته في إدارة المعركة من خلال "تجزئة المجزأ"، وفي منطقة الوسط، قام الجيش بقطع كل مسارات التواصل فوق الأرض بين مخيمات المغازي والزوايدة والبريج، كما أن جيش الاحتلال كان يركز في السابق على مواجهات البريج ولكنه فشل ولم يحقق أي تقدم، والآن يهاجم هذه المخيمات وغيرها من 3 اتجاهات، وهذا يعتبر توظيفًا للعقيدة القتالية الأمريكية، التي تم استخدامها في عدة مناطق بسوريا والعراق، مع اختلاف الظروف المكانية، وجيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ يغير طريقته في إدارة المعركة من خلال "تجزئة المجزأ"، حيث قام في منطقة الوسط بقطع كل مسارات التواصل فوق الأرض بين مخيمات المغازي والزوايدة والبريج.
وكان يركز سابقًا على مواجهات البريج ولكنه فشل ولم يحقق أي تقدم، وفي الوقت الحالي، بدأ يهاجم هذه المخيمات وغيرها من 3 اتجاهات، وإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد حاليًا على استراتيجية "القضم المتدرج"، التي تتضمن التقدم بخطى تدريجية في المعركة، يرافق هذا الأسلوب إسناد بدعم جوي، وفي الوقت نفسه أن أداء المقاومة لا يزال فعّالًا، حيث توقع خسائر كبيرة في جيش الاحتلال، الذي لا يصرح بخسائره بشكل رسمي، ما يجعل الأمر يقتصر على الإعلان عن عدد المصابين فقط.
النتيجة، يُتوقع تصاعد الخلافات داخل هرم السلطة الإسرائيلية بشأن الحرب على قطاع غزة، وذلك نتيجة للفيديوهات التي تبثها المقاومة الفلسطينية، وآخر هذه الفيديوهات يتعلق بشهادات جنود إسرائيليين أسرى، الذين قال الاحتلال إنه قتلهم خطأ في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وخاصة بعد أيام من إقرار تحقيق عسكري إسرائيلي بقتل 3 جنود أسرى خطأ في الشجاعية، كما أن قيام كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ببث مشاهد لـ 4 جنود، حيث أطلقوا مناشدات للمسارعة في تحريرهم، يعني قنبلة وسط تل أبيب، حيث يتابع الكثير من الإسرائيليين ما تقدمه فصائل المقاومة من فيديوهات، ويتوقع أن تكون مشاهد الجنود الأسرى لها تأثير على الإسرائيليين، وخاصة في ظل أزمة الثقة بين أهالي المحتجزين وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وإن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا أساسيًا في نقل الرسائل من الجانب الفلسطيني دون تصفية عبر وسائل الإعلام التقليدية التي تركز على الرواية الإسرائيلية الرسمية.