الوقت- بشكل لاذع، اتهم مراقب الدولة في "إسرائيل"، الحكومة بالفشل في الرعاية الداخلية بعد إخلاء الآلاف من سكان التجمعات في الجنوب والشمال، ومهمة مراقب الدولة تتمثل في مراقبة أعمال الحكومة وسياساتها، وهو جهة تابعة للكنيست (البرلمان) وأدلى إنجلمان بهذه التصريحات أثناء لقائه بعدد من المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من منازلهم على الحدود الشمالية ومحيط قطاع غزة. وخلال هذا اللقاء الذي أجراه في مدينة طبريا في شمال فلسطين المحتلة واستمع فيه إلى شهادات الأشخاص المتضررين، أعرب إنجلمان عن اعتقاده بأنه لا يوجد تبرير لغياب خطة اقتصادية محددة ومنسقة لإدارة الأزمة وخاصةً في الأسبوع الرابع من تلك الحرب.
انتقادات حادة لحكومة نتنياهو
وفقًا للإعلام العبري، أثار إنجلمان انتقادات حادة وغير معتادة بشأن سلوك الحكومة منذ بداية الحرب، وأكد أن إخلاء الآلاف من سكان التجمعات في الجنوب والشمال من منازلهم يمثل فشلًا كبيرًا وخللاً، وأنه لا يمكن تبرير هذا الفشل بأي شكل من الأشكال، وشدد على ضرورة أن يقوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء الحكومة بسرعة بتصحيح الأوضاع وحل المشكلات على الفور.
ومنذ اندلاع الحرب مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، قامت السلطات الإسرائيلية بإجلاء عشرات الآلاف من المستوطنات المجاورة لغزة جنوبًا والمستوطنات المجاورة لجنوب لبنان شمالًا. هذا الإجلاء تم بغرض توفير الحماية للمدنيين خلال تصاعد العنف والصراع، ولمدة 23 يومًا متتاليًا، شن الجيش الإسرائيلي غارات عنيفة على قطاع غزة، وأسفرت هذه الغارات عن استشهاد 8005 فلسطينيين، من بينهم 3324 طفلا و2062 سيدة و460 مسنًا، وفقًا لمعلومات وزارة الصحة الفلسطينية.
ومن جانبها، سجلت حركة حماس أنها قتلت أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132 آخرين، وفقًا لبيانات وزارة الصحة التابعة للاحتلال الإسرائيلية.
وهذا الصراع أيضًا أسفر عن استشهاد 116 فلسطينيًا في الضفة الغربية منذ بداية أكتوبر، وفقًا للوكالة الفلسطينية الرسمية للأنباء "وفا"، إلى جانب هذه الخسائر البشرية الهائلة، هناك جهود جارية لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبحث سبل تحقيق السلام وإنهاء الصراع والحرب العبثية للكيان على قطاع غزة.
أوردت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تصريحات قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن حربًا مع حزب الله ستؤدي إلى دمار غير مسبوق وستسفر عن سقوط آلاف الضحايا في صفوف الإسرائيليين.
ويُعتبر أن لدى حزب الله أسطولًا كبيرًا من الصواريخ يُقدر بمئات الآلاف، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا لـ"إسرائيل"، وهذه التصريحات تُسلط الضوء على التوترات الجارية والمخاوف الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط والكيان بشكل عام، وخصوصًا فيما يتعلق بالتوتر بين الاحتلال وحزب الله في لبنان، والأوضاع الإقليمية تستدعي محاسبة الكيان لتجنب التصعيد العسكري والعمل على حلول لإنهاء معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون لحملة إبادة من الكيان.
أسباب الفشل المتزايد؟
مع استمرار الحرب الإجرامية على قطاع غزة، يظهر حزب الله متجرئاً ويزيد من تحدياته من خلال محاولات التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وإطلاق القذائف والصواريخ.
ويشير تقرير صحيفة "هآرتس" إلى أن هذا التحدي يتسبب في تصاعد التوترات على الحدود مع فلسطين، وعلى الرغم من أن حزب الله لا يظهر أنه معني باندلاع حرب بشكل مباشر، إلا أن وجود هذه التوترات واستمرار التحرشات تزيد من احتمالية تصاعد الصراع.
وفيما يتعلق بالإجلاء، تم إخلاء 43 مستوطنة حتى الآن خلال الأسبوع، مع استمرار التبادل في إطلاق النار على الحدود، هذه الأحداث تعكس الأوضاع الحالية والتوترات المتصاعدة في المنطقة، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا ويستدعي الحفاظ على الاستعداد والجهوزية.
و"إسرائيل" قامت بإجلاء حوالي 120 ألف شخص من مناطق إقامتهم في الشمال والجنوب منذ السابع من أكتوبر الجاري، ويتعلق هذا الإجلاء بما وصفته "إسرائيل" بـ "خطة الإخلاء أو الإنعاش"، حيث تم إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة، ومن ثم تم إعلان إخلاء 43 بلدة في الشمال.
هذه الإجراءات تأتي في سياق تصاعد التوترات والتبادل في إطلاق النار بين الكيان وحزب الله اللبناني، والهدف من هذه الخطوات هو تحقيق السلامة وحماية المستوطنين خلال هذه الفترة الحساسة، ويعكس هذا الوضع التوترات الإقليمية ويتطلب الجهوزية للتعامل مع التحديات الراهنة التي تفرضها الآلة العسكرية للعدو.
وتقرر توسيع خطة الإخلاء في الكيان لتشمل 14 بلدة إضافية في الشمال على الحدود مع لبنان، وتم الإعلان عن هذا القرار في بيان مشترك من وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، وتأتي هذه الخطوة قبل أيام في إطار توجيهات من وزير الأمن يوآف غالانت لتوسيع الخطة لتشمل هذه البلدان المعنية.
وتتضمن الخطة تعبئة الموارد والجهود لتنفيذ الإخلاء والتعامل مع العوامل الأمنية والاستعداد للوضع الحالي المعقد، وتعكس هذه الإجراءات التصاعد الحالي للتوترات والضغوط الأمنية على الحدود الفلسطينية مع لبنان، وتم الإعلان في البداية عن إخلاء 28 بلدة في "إسرائيل"، ثم تمت إضافة مستوطنة "كريات شمونا" ليصبح إجمالي البلدات المعنية 29، وتأتي هذه الخطوات استجابةً للتوترات والأوضاع الحالية على الحدود وتزعم حماية المدنيين والتحضير لأي حالة طارئة.
ولم تكتمل عملية إخلاء السكان الإسرائيليين من المناطق القريبة من الحدود مع لبنان بشكل تام، ويتعلق الأمر بعملية إخلاء تقدر بـ 60,000 إسرائيلي الذين يعيشون على طول الحدود في الخطوط الأمامية والثانوية، وتم إخلاء 28 بلدة حتى الآن، ويبدو أن هناك مشكلات تقنية تواجه عمليات الإخلاء، بما في ذلك عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي لعمليات النقل، ولم يتم ترتيب الفنادق والغرف اللازمة بعد لاستقبال المستوطنين.
وتشير هذه المعلومات إلى تعقيد العمليات الكبيرة مثل هذه والتي تتطلب تنسيقًا دقيقًا واستعدادًا كاملاً لا تملك الحكومة الإسرائيلية الحد الأدنى منه.
ويبدو أن هناك اعتراضات من قبل الإسرائيليين على طريقة وآلية عملية نقل السكان الحالية، حيث إن "إسرائيل" لم تكن تعتاد على مثل هذه العمليات في السابق.
وعلى الإثر، تبين أن عملية إخلاء الخط الثاني من الحدود لم تأت بقرار من الجيش الإسرائيلي لوحده أو قرار من وزير الأمن الإسرائيلي، بل جاءت بعد ضغط من السكان الإسرائيليين في هذه المناطق ومن رؤساء المجالس المحلية الذين طالبوا بذلك وخرجوا للإعلام الإسرائيلي معبرين عن استيائهم وضغطهم على الحكومة لإجراء هذا الإخلاء.
وهناك خشية من قبل السكان في مناطق الجليل من تكرار ما جرى في غزة في المنطقة، وهذا يعكس مخاوفهم من توسع الجبهة الحالية، حتى الآن، الضربات تتم على الحدود أو بشكل نوعي على الخط الثاني من الحدود بإطلاق صواريخ باتجاه منطقة كريات شمونة، ومع ذلك، لم تتجاوز هذه الضربات هذه المنطقة بشكل كبير حتى الآن.
نتيجة لكل ذلك، من الواضح أن هناك نقصاً في مستوى الثقة بين الإسرائيليين والجبهة الداخلية بسبب ما جرى في غزة، وهناك أيضًا تشكيك في الجيش الإسرائيلي وجهوزيته لمواجهة سيناريوهات محتملة، ويبدو أن التصريحات عن جهوزية الجيش الإسرائيلي لكل السيناريوهات من قبل المسؤولين تواجه تشكيكًا من قبل الإسرائيليين في هذه المناطق، ونتيجة لهذا التوتر وعدم الثقة، قام عدد كبير من السكان في مناطق الجليل الأعلى بالإخلاء الطوعي من منازلهم وذهبوا إلى مناطق أخرى بتكلفتهم الخاصة وابتعدوا عن الحدود تحسبًا لأي تطورات محتملة.