الوقت- شهدت الفترة الأخيرة تطورات مثيرة في الصراع العنيف بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، حيث نجد أن تل أبيب، بدعم من القوى الإمبريالية، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، قد أسقطت، وفقًا لإعلان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، كمية متقاربة من قنابل ذات القدرة التدميرية العالية، ما يعادل ربع قنبلة نووية، على أهداف في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة. ولاحقًا، في إطار تلك الأحداث المحورية، أدلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتصريحات مثيرة حيث تحدث عن "القضاء على حماس"، ما أضاف حجم التوتر في المنطقة الذي بني في الأساس على الوجود الصهيوني الذي يفصل شرق الوطن العربي عن مغربه لتحقيق مصالح الجميع عدا أصحاب هذه البلاد الذين ملوا ويلات الحروب والصراعات والتدخلات.
الأمن الإسرائيلي قد انتهى
من الضروري الحديث عن التصريحات التي أدلى بها البعض وتدين تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشدة على الصعيدين الجنائي والسياسي، وفي الجانب الجنائي، أكدوا أن تصريحات بايدن تمثل انتهاكا جنائيا يجب أن يُستنكر، حيث يمكن اعتبارها مشاركة في جريمة إبادة، وفي الجانب السياسي، أشاروا إلى أن تصريحات بايدن تشكل إنكارًا لحق فلسطين في مقاومة الاحتلال ودعمًا لجرائم الاحتلال، ورأى أن الأمر كان يتعين على رئيس الولايات المتحدة أن يركز بدلاً من ذلك على البحث عن حل سياسي للقضية.
ويستنكر كثيرون وجود أكثر من 20 دولة عربية، إضافة إلى الدول الإسلامية الأخرى، وقد عجزت عن فتح الممرات الإنسانية إلى قطاع غزة بالقوة، سواء كان ذلك على الصعيدين السياسي والعسكري، وأبدى غضبه واستياءه من هذا الوضع، وأكدوا أن الضعف والعجز واضحين ولا يحتاجان إلى تعريف إضافي بناءً على المواقف والأحداث التي شهدتها المنطقة، إضافة إلى أن حرب غزة قد أعادت الروح للشعوب التي قد تكون كانت هامدة، وأن أعداء هذه الحرب هم في الواقع الأنظمة الحاكمة الاستبدادية في الإقليم، وأيضًا في أوروبا وأمريكا.
وأشار كثيرون إلى أنه ليس في مصلحتهم إيقاظ "الموتى" أو تعزيز الوعي والروح الثائرة للشعوب، وهذا الوقت هو وقت الخسارة لأي شخص يحاول الاستفادة من الأزمة أو التلاعب بها، مع أهمية الدفاع عن كل عواصم المنطقة، وأن بداية هذا الدفاع يكون من خلال الدعم والتضامن مع غزة والدفاع عنها.
وبالفعل، نجحت حماس في كسر عقيدة "الأمن الإسرائيلي" بشكل دائم وقد قامت بأداء رائع من الناحية العسكرية، ما أثر بشكل كبير على توازن القوى في المنطقة، مع وجود مخططات لاقتطاع جزء من سيناء، وإن الضغط مستمر على النظام المصري بهذا الصدد، وإن أي تدخل من أي مسؤول عربي للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين يمكن أن يكون خطيرًا للغاية، وبدلاً من ذلك، يفضلون قتل السيدات والأطفال، ما يعكس حرصهم على تفادي أي تداول يمكن أن يستفز القوى الإسرائيلية والمؤثرين على الساحة السياسية.
وفي ظل الدعوات للدول العربية والإسلامية للتوحد وتقديم مطلب موحد في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف محاولة "إسرائيل" لتهجير سكان غزة، ينتقد كثيرون دعم واشنطن لـ"إسرائيل" في هذا السياق، بالتزامن مع أهمية تنسيق جهود الدول العربية وتقديم مطلب مشترك في مجلس الأمن بهذا الشكل مبادرةً لمعالجة الوضع في غزة والتصدي لمخططات تل أبيب والولايات المتحدة، وخاصة أن "إسرائيل" تحاول بقوة تهجير سكان غزة ما يعني انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وهذا الإجراء يعاقب الفلسطينيين بشكل جماعي، ويشكل تهديدًا للأمان والسلم الدوليين، وبالتالي الأهمية القصوى لإرضاخ الكيان للامتثال للقانون الدولي وحماية الحقوق الإنسانية في النزاعات والأزمات الدولية.
ولا شك أن الدول العربية مجتمعة على رفض محاولة تهجير الفلسطينيين ولم تستجب لمطالب الولايات المتحدة في هذا الصدد. وإن حكومة الولايات المتحدة تعمل كوكيلة لـ"إسرائيل" وتسعى إلى تمرير هذا الإجراء.
إذا فشلت محاولات الحصول على قرار من مجلس الأمن، فإنه يمكن تقديم هذا الطلب في جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ويشير كثيرون إلى أهمية أن تكون الدول العربية قوية في مواجهة هذه المحاولة والتصدي لها، والقيام بدورها في مساعدة الفلسطينيين وممارسة الضغط على الساحة الدولية لوقف هذا العمل.
أمريكا خلف قتلة الأطفال
في ظل الحديث عن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يجد أي مصدر للتفاؤل، ويعزز الغموض حول أهداف زيارته ويبرز التركيز بشكل رئيسي على "مصلحة إسرائيل"، ومنذ الأزمنة السابقة، اعتاد الشعب الفلسطيني أن يكون الحضور الأمريكي في المنطقة مرتبطًا بالتفضيل لمصالح مُحتل أراضيهم، وذلك على حساب الحقوق والمصالح الفلسطينية. القضية الفلسطينية، التي تتعلق بالأمن والاستقرار الإقليمي، وقضايا حقوق الإنسان والعدالة، تبدو كأنها تُغفل وتُهمش في حقائب الأمريكيين، هذه الزيارة تأتي مع تزايد ظاهرة القتل الجماعي والطرد لسكان غزة.
وإن تعاطي واشنطن مع الأحداث أثبت مجددا أن التزام الولايات المتحدة بدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عانى من سلب تاريخه وحاضره ومستقبله، يجد نفسه مهمشًا أمام أعين العالم في ظل هذا السياق الدولي، وفي الوقت الذي يركز فيه العدو الإسرائيلي بشدة على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة ويسعى للاستفادة منها سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا بما يخدم مصالحه، يظهر الفلسطينيون قلقا وعدم اهتمام كبير بتلك الزيارة، ويراقبونها بقلق على حد سواء، تمامًا كما يتعاملون مع أي زيارة لمسؤول بارز، لا يثبتون أي آمال أو طموحات بالزيارة وهم يقتلون برغبة أمريكية في غزة.
ويدعو بعضهم إلى استغلال زيارة بادين للأردن لنقل رسائل مهمة عبر تنظيم مسيرات شعبية في مختلف مدن العالم العربي وبالأخص عمان، اعتراضًا على زيارة الرئيس الأمريكي. ويهدفون من خلال هذه المسيرات إلى التعبير عن غضبهم واحتجاجهم ضد نهج الولايات المتحدة في التعامل مع "إسرائيل" وتجاهلها لجرائمها وانتهاكاتها، إضافة إلى ذلك، ينتقدون تشجيع البيت الأبيض للكيان في جناياته ومحاولاته تصوير الذئب على أنه الضحية.
الفلسطينيون يدركون أيضًا أن سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن لن تكون مفيدة بل ستكون على العكس تمامًا، وقد تكون مصيبة حقيقية بالنسبة لهم، وخصوصًا إذا ما تم تنفيذ ما يُعتبر ابتداءً منه إبادة جماعية.
يتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي المنطقة بعد أن تم التأكيد على أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعم الصهاينة المحتلين على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، رغم علمها باليقين أن الاحتلال قائم على الإرهاب المنظم، في ظل حكم الإدارة الديمقراطية في أمريكا والتي لم تحمل أي بشائر بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص.
واستمرت الإدارة في السير على السياسة الأمريكية المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيوني المجرم والدفاع عن مصالحه في المنطقة.
وتنشط الولايات المتحدة في توفير المزيد من الدعم للاحتلال، ومحاولة لجعل دولة الاحتلال جزء من المنطقة في إطار هيمنة واشنطن ومصالحها وشراكتها الاستراتيجية معه، وخاصة أن كل ما تحدث به بايدن في حملته الانتخابية من وعود تجاه القضية الفلسطينية لم تنفذ، بل نفذ عكسها، حيث يكون الهدف الرئيسي للأمريكيين هو محاولة ترتيب المنطقة في إطار تحالف عربي يجعل العدو الصهيوني بأمان على أشلاء الآلاف.
وتأتي تصريحات ومواقف أمريكا كجزء من هجمة متصاعدة وعدائية ضد وجود الفلسطينيين على أرض فلسطين ومستقبل الأمة العربية، و تهدف واشنطن إلى تشكيل كيان سرطاني أقوى ومعاد لشعوب المنطقة وقوى المقاومة فيها، لمحاربة حقوق الشعب الفلسطيني، وبناءً على ذلك تنبع ضرورة التصدي لأهداف الإدارة الأمريكية من خلال سياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ومنطقتنا العربية.
لذلك، إن الإدارة الأمريكية لا تتردد في الكشف عن أهدافها من خلال سياستها العدوانية الموجهة ضد الشعب الفلسطيني، ومن خلال برنامج الدعم الأمريكي بكل ما تملك أمريكا للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، حيث يتم الحديث عن دعم مالي وتسليح جديد لمنظومة حرب الكيان الصهيوني ضد وجود الشعب الفلسطيني، بينما يشدد الفلسطينيون على أن دماء آلاف الشهداء تظل تشهد بوضوح على أيدي السفاحين الصهاينة الذين نفذوا هذا العمليات الإبادية، بالتعاون بين تل أبيب ومجرمي الإمبريالية الأمريكية، ما يشكل انكشافًا إضافيًا للشراكة الكاملة والعلنية بين الإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني في جرائمهم المتواصلة ضد الأمة وشعوبها.