الوقت- روت صحيفة "هآرتس" عن قادة "إسرائيل" الأيام الصعبة عندما توسلوا إلى "حماس"لإنهاء الحرب مع غزة عام 2014، حيث قام الكيان الصهيوني بمهاجمة وقصف غزة واغتيال قادة حماس، وحرب 2014 بين الكيان وغزة هي أحداث جرت في صيف عام 2014 واستمرت لمدة 50 يومًا، وهذه الحرب تعرف أيضًا باسم "عملية الجرف الصامد" من قبل "إسرائيل" و"حرب غزة 2014" من قبل الفلسطينيين، وكانت هذه الحرب واحدة من أكثر الصراعات العنيفة والمدمرة بين الاحتلال والفلسطينيين، وقد بدأت الحرب في 8 يوليو عندما قامت تل أبيب بشن هجمات جوية وبرية على قطاع غزة وردت فصائل المقاومة بإطلاق صواريخ، وقد تسببت الحرب الإسرائيليّة في دمار هائل في غزة وسقوط الكثير من المدنيين الفلسطينيين والمستوطنين، وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في 26 أغسطس 2014، وبدأت بعدها جهود لإعادة إعمار غزة وتحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية هناك، وهذه الحرب أثرت بشكل كبير على العلاقات الدولية وأثارت انتقادات دولية واسعة للكيان بسبب حجم الدمار وعدد القتلى المدنيين.
نتنياهو يحصد الهزائم
في الحرب التي استمرت 51 يوما والتي تعتبر أطول حرب منذ تشكيل (الكيان الصهيوني)، كان نتنياهو هو الذي تراجع وطالب بوقف إطلاق النار، وليس يحيى السنوار،
وهو حاليا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، والذي يُظهر ذكاءً واستدامة استثنائية في تحقيق إنجازات غير مسبوقة، باستخدام أدنى الموارد المتاحة، حيث يعتقد الإسرائيليون أن السنوار يمكنه أن يلعب دورًا كبيرًا في التكتيكات والإستراتيجيات التي تؤثر على مستقبل "إسرائيل"، وقال محلل صهيوني في الصحيفة العبرية: "إننا نرى في ظل قيادة نتنياهو إسرائيل متعبة ومهزومة تتوسل في كل مرة لوقف الحرب، ودائما ما تخرج حماس منتصرة من هذا الصراع، لذلك يمكن القول إن سياسات نتنياهو لا تؤدي فقط إلى أنها ليست حرباً، لكنها تجعل الحرب القادمة أقرب".
وإن عقيدة عدم وجود نهاية حاسمة هي أحد المؤشرات الرئيسية لقيادة نتنياهو، والتي نراها حتى على الجبهة الداخلية، والمثال الواضح على ذلك هو عدم قدرته على إنهاء عملية العنف، والقتل داخل أراضي ما تسمى "عرب 1948"، هذا ما أشارت إليه الصحيفة العبرية التي أكّدت أنّه ما دام نتنياهو يقف على رأس هرم اتخاذ القرار في "إسرائيل"، فلن تتمكن تل أبيب من الدخول في حرب حاسمة، حتى لو ضرب حزب الله مقر الجيش ومطار بن غوريون بمئات الصواريخ الدقيقة، لقد حققت المقاومة نوعاً من التآزر، وأنتجت أدوات حربية تستهدف عمق الكيان وحياة مجتمعه، وحولتها إلى جحيم، وكما نشهد هذا الوضع في الجنوب (فلسطين المحتلة) اليوم، فـ (نتنياهو) رجل جبان يتجلى عجزه عن اتخاذ القرارات الحاسمة في الجانب السياسي الداخلي، وحتى اليوم وحتى اللحظة الأخيرة، وهو يخشى أن يفعل مثل هذا الشيء.
نتائج حرب غزة 2014
بعد كشف الفضائح التي قدمها ضباط الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في حرب "الجرف الصامد" ضد قطاع غزة عام 2014، ومع تقارير تحدثت عن تجارب الجنود والقادة في تلك الحرب، تم فتح نافذة إلى عالم المقاتلين الإسرائيليين الذين عادوا من تلك الحرب، لكنهم لم يعودوا كما كانوا، وإنهم ما زالوا يواجهون مرحلة "ما بعد صدمة القتال والمعركة" منذ ذلك الحين، والإسرائيليون يدركون جيدًا أن ثمن معركة غزة كان باهظًا للغاية، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بحالة هؤلاء الجنود والضباط الذين عاشوا في السنوات الأخيرة تجارب صعبة لم يلاحظها الإسرائيليون على نحو كافٍ، ولم يتم بعد منحهم الاعتراف الاجتماعي الذي يستحقونه، على الرغم من معاناتهم وصدماتهم، وليس فقط عندما ارتدوا الزي العسكري.
والإسرائيليون لا يخفون أن جنود وضباط الجيش الإسرائيلي واجهوا هجمات مسلحة غير مسبوقة خلال حرب غزة، وتعرضوا لعمليات إطلاق نار كثيفة على الجبهة الداخلية للكيان الإسرائيلي، وعاشوا ظروفًا صعبة وصعبة التكيف خلال تلك الحرب والأنشطة الأمنية المصاحبة لها، وما بعد حرب "الجرف الصامد" في غزة لم يكن سهلاً على الإطلاق، حيث يجد الجنود الصهاينة صعوبة في استعادة حياتهم الطبيعية والعودة إلى المسار الاعتيادي، وهذا ينطبق بشكل خاص على الجنود الذين مروا بأصعب الليالي في مواجهة قتالية شهدت خلالها سقوط عدد كبير من قوات الاحتلال الغاصب في وقت قصير جداً.
إضافة إلى ما تم ذكره، يجد العديد من الجرحى الإسرائيليين الذين أصيبوا في تلك المعركة صعوبة في استعادة حياتهم الطبيعية، وإنهم ما زالوا يحملون ذكريات مؤلمة من تلك الحروب، ويظلون يعيشون تأثيراتها في كل لحظة، بالنسبة للجنود الذين تعرضت عقولهم لإصابات لا تُرى بوضوح، فإن مهمة إعادتهم إلى الحياة الطبيعية تبدو صعبة وتحمل تحديات كبيرة، وقد بدأ جيش العدو الإسرائيلي عمليات إعادة تأهيل لهؤلاء المقاتلين، ولكن المجتمع الإسرائيلي لم يظهر بعد الوعي والحساسية الكافية تجاههم، على الرغم من الجهود المبذولة لدعمهم ومساعدتهم على التكيف مع التحديات التي يواجهونها، واستنادًا إلى هذه الوقائع، يدرك الكيان الصهيوني مدى شجاعة الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم رغم كل أشكال الظلم والعدوان التي يمارسها ضدهم، ولقد أظهرت شهادات ضباطه وتسريبات وسائل إعلامه منذ ذلك الحين هشاشة هذا الكيان الذي ارتكب أعمالًا جريمة، على الرغم من جميع محاولاته الفاشلة لتصوير نفسه على أنه قوة لا تُهزم، ومن الواقعي أن نقول إن الحديث مع الجنود الذين نجوا من معارك المقاومة يكشف بوضوح الفارق بين قتال المحتل وقتال أصحاب الأرض، وهذا أمر لا يمكن إنكاره.
حصارٌ خطير للقطاع
استناداً إلى كل الوقائع، يتضح أن استمرار سياسة الإغلاق والحصار على غزة تُعتبر عدوانًا يمثل انفجارًا صادمًا للأوضاع، وإذا استمرت تل أبيب في التماطل والتصعيد المستفز، ستجد فصائل المقاومة نفسها تملك لورقها القوي الكثير، وتشير الإجراءات الإسرائيلية العدوانية إلى تمادي الكيان في التعامل مع أهالي قطاع غزة وقمعهم، وهذا هو ما لن يتم التغاضي عنه من قبل المقاومة، إن تواصل العدوان الإسرائيلي يهدف في الأساس إلى توريط انتباه العالم بعيداً عن هزائمه الواضحة التي بدأ يشعر بها الإسرائيليون، وخاصة بعد انهيار الكيان في معارك كثيرة كان من أبرزها "سيف القدس"، إن هذا النصر الذي أُعلنه الصهاينة نفسهم كان نتيجة مهمة للمقاومة، على الرغم من محاولات بعض المسؤولين إخفاء ذلك، ويحمل هذا النصر رسائل تحد كبيرة في كل معركة.
والقرارات الإسرائيلية تظهر بوضوح طبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي وقراره في استمرار التنكيل بأهالي قطاع غزة، وهذا المنهج يوضح أن الأمور تتجه نحو مرحلة خطيرة، وإن إنهاء الحصار حق طبيعي ولا يمكن أن يُمنح من قبل العدو الإسرائيلي، بل إنه سيتم تحقيقه بقوة وعزيمة المقاومة، وإضافة إلى ذلك، فإن حصار غزة الصهيوني الذي يُفرض يتسبب في معاناة إنسانية هائلة لمليوني نسمة يعيشون في القطاع، ويحتاج إلى حل فوري، والفصائل الفلسطينية تركز على أهمية رفع الحصار عن غزة وإعادة إعمارها لإنهاء معاناة الأهالي وإفشال محاولات كيان الاحتلال الإسرائيلي تدمير حياتهم وعزلهم عن أرضهم المحتلة.
ومن الجدير بالذكر أن الفلسطينيين في غزة يبدون غضبهم باستمرار من الظلم الذي يتعرضون له من قبل "إسرائيل"، ويطلقون بالونات حارقة باتجاه الحدود، والفصائل الفلسطينية تسعى حالياً إلى تسليط الضوء على الحصار ونتائجه السلبية على السكان، وإن إغلاق المنافذ ومنع السلع والمواد الأساسية قد زاد نسب الفقر والبطالة، وهذا يتطلب حلاً عاجلاً من العالم لإنهاء الحصار وفتح المعابر.
في النهاية، يبدو أن هذا الصراع بين أصحاب الأرض سيستمر مع الكيان الصهيوني حتى يتمكنوا من استعادة حريتهم من الاحتلال على أرض فلسطين، والفلسطينيون يعتبرون أنفسهم أصحاب الحق وسيواصلون نضالهم وكفاحهم دفاعًا عن حقوقهم، بينما تل أبيب ليس لديها الجرأة للانخراط في حرب جديدة، وخاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية والدولية ضدها.