الوقت- منذ فترة نشاهد في لبنان بعض المحاولات لبث الفتن الطائفية والمذهبية في العديد من المناطق ومحاولات استغلال أي حادث أو جريمة وإلباسها اللبوس الطائفي المذهبي وربطها بأبعاد سياسية وصولا لاتهام فريق دون آخر بما يوتر الأجواء ويبث حالة من الاضطراب لدى المواطنين، فمن انفجار مرفأ بيروت إلى أحداث خلدة إلى جريمة الطيونة وصولا إلى حادثة العاقورة وموت أحد الاشخاص في بلدة عين إبل الجنوبية، مرورا بأحداث مخيم عين الحلوة، وصولا لجريمة الكحالة التي تم فيها الاعتداء على شباب المقاومة بعد انزلاق شاحنة على الطريق الدولية بين بيروت ودمشق، فهناك دائما من يخرج ليبث السموم والأحقاد الطائفية والمذهبية ومحاولة الاصطياد بالماء العكر لتوتير الأجواء وتوجيه بوصلة الاتهامات إلى المقاومة لتشويه صورتها في محاولة لإشغالها بالداخل.
حتى كأنك تكاد تتيقن أن كل ما يجري تقف خلفه بعض الغرف السوداء “المعلومة المجهولة” لخدمة مشاريع معينة والانتهاء بخلاصات لا تخدم إلا جهات معروفة في الداخل والخارج، وهنا لا بد من طرح السؤال البديهي، من المستفيد من كل هذه الأمور والمحاولات لإشعال نار الفتنة في البلد؟ ومن المستفيد الأول والأخير من اتهام حزب الله بكل صغيرة وكبيرة في البلد والمنطقة والعالم؟ ومن المستفيد من توتير الأوضاع الأمنية في الداخل اللبناني؟ من المستفيد من إشغال اللبنانيين بعضهم ببعض في ظل كل هذه الضغوطات والصعوبات التي نمر بها؟ ومن المستفيد من محاولة إشعال الفتن الطائفية والمذهبية؟
حادثة الكحالة نتاج التحريض
أدانت كتلة الوفاء للمقاومة التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة قبل عدة أيام عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط النفس، وخلال اجتماعها الدوري بمقرها المركزي برئاسة النائب محمد رعد، رأت الكتلة أنّ ذلك هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين.
وأكَّدت الوفاء للمقاومة أنَّ هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرضين وسوقهم إلى العدالة، وتوجَّهت بأحرّ التعازي والتبريكات لذوي الشهيد المغدور المجاهد أحمد علي قصاص المتميّز برباطة جأشه ومناقبيّته وشجاعته، راجيةً له من الله عظيم الأجر والثواب وعلو الدرجات في جنان الخلد والنعيم الدائم ولأهله جميل الصبر والسلوان.
وأعربت الكتلة عن دعمها كل الجهود التي بُذلت وتُبذل لإعادة الهدوء إلى مخيم عين الحلوة في صيدا، مشددةً على أنَّ مصلحة الفلسطينيين عمومًا والمقيمين منهم في المخيمات خصوصًا، تكمن في التهدئة وحلّ النزاعات والاختلافات عبر الأطر والمرجعيات المعتمدة والمتفق عليها والمعنية بالتنسيق مع السلطات اللبنانية الرسميّة.
وأشارت إلى أنَّ زعزعة الأمن في المخيمات هي مطلب أعداء الشعب الفلسطيني وإشغال استنزافي للساحتين الفلسطينية واللبنانيّة، داعيةً الجميع إلى توخي التنبُّه والحذر من كل ما يخدم أهداف العدوّ الصهيوني وعملائه، مؤكدةً ضرورة تعزيز وحدة وتماسك الصف الواحد الملتزم نصرة الشعب الفلسطيني وقضيّته المشروعة والعادلة.
واعتبر الكتلة أنَّ الحوارات الثنائيّة والجامعة مفيدة دومًا لبلورة الأفكار وتقريب وجهات النظر واعتياد التوصّل إلى الحلول عبر التفاهمات المتبادلة التي لا يُعكّر صفوها استعراضات أو تحدّيات، لافتةً إلى أنَّه ليس هناك حوار يلغي حوارًا آخر وخصوصًا إذا كان ممهدًا أو مكمّلًا.
وبيَّنت الوفاء للمقاومة أنَّ ما يجري بين حزب الله والتيار "الوطني الحرّ" اليوم من حوار هدفه توضيح المواقف وشرح دوافعها والتوصل إلى قناعة مشتركة تعزز الموقف الوطني السليم وتدفع باتجاه تسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وجدَّدت الكتلة تأكيدها أنَّ الشغور الرئاسي لا يُعطّل أعمال المجلس النيابي التشريعيّة أو الرقابيّة ولا أعمال مجلس الوزراء لكنّه يستدعي منهما مراعاة بعض الأحكام والمواد القانونيّة المتصلة بالصلاحيّات الممنوحة حصرًا لرئيس الجمهوريّة بموجب النص الدستوري وما يترتب عليه.
وأضافت: "بناءً عليه فإنّ لمجلس الوزراء المستقيل أن يتابع إدارة مصالح الدولة واللبنانيين في الحدود الدنيا لتصريف الأعمال وتسيير المرافق العامة، فيما يتابع مجلس النواب عمله التشريعي والرقابي وعند إصدار القوانين يطبق المواد الدستوريّة التي تنظّم ذلك".
وأوضحت أنَّ "استخدام البعض لسلاح العقوبات أو التحريض عليه في إطار الضغط والابتزاز وما تتوعد به بعض الجهات الاستكباريّة الضالعة في جرائم التدخل في شؤون الآخرين لمصادرة المواقف والمصالح وممارسة التهويل على الحكومات والدول والشعوب، لن يثنينا عن مواصلة السعي لتحقيق تفاهمٍ وطني بغية إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأفضل طريقةٍ ممكنة وحسب مقتضيات الدستور".
ودعت الكتلة الحكومة وأجهزتها الأمنيّة والرقابيّة إلى بذل أقصى الجهود الممكنة وسط الظروف الصعبة الراهنة من أجل ضبط الأمن ومنع التوترات الآخذة بالاتساع في معظم المناطق اللبنانيّة والتي لا يتورّع المتورطون فيها عن إطلاق الرصاص وارتكاب الجرائم.
وأهابت "بالأجهزة والإدارات المعنيّة والمختصّة وبالبلديّات عمومًا أن تتشدّد في تطبيق معايير السلامة العامّة في البناء والطرقات والآليّات تجنّباً للمزيد من الكوارث التي شهدناها ونشهدها في أكثر من منطقة والتي لم يكن آخرها الحريق الذي اندلع في مستودعاتٍ تجاريّةٍ سفليّة داخل بناءٍ سكني جاهد الإطفائيّون البواسل لإخماده على مدى أيّام بسبب المخالفات والموانع المعيقة التي حالت دون محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكانت الأضرار والخسائر بالغةً وضخمة على المستوى المادّي فضلاً عن تشرّد العديد من العائلات من منازلهم".
أحزاب وقيادات لبنانية: نرفض الفتنة والمقاومة درع الوطن الحصين
استنكرت أحزاب لبنانية وقيادات دينية الاعتداء على الشاحنة في منطقة الكحالة، و محاولات الفتنة والتهجم على الجيش اللبناني، واعتبرت ما جرى "محاولة جديدة لتأليب الرأي العام على المقاومة".
وأفادت بعض وسائل الإعلام، بأنه وجّه المفتي الجعفري الممتاز في لبنان، الشيخ أحمد قبلان، رسالة إلى القيادات المسيحية تعليقاً على حادثة انقلاب شاحنة على طرق الكحالة، والاعتداء عليها من قبل بعض الميليشيات، والتي أدت إلى استشهاد المقاوم أحمد علي قصاص، وخاطب قبلان القيادات المسيحية قائلاً إنّ "هناك من يدفع البلد نحو فتنة مجنونة، ويعمل ضد المصالح المسيحية الإسلامية". وأضاف إن "هناك من يريد حرق البلد بمن فيه، ولا يهمه كنيسة أو مسجد، ولا يعتقد بالمسيح ولا بمحمد، ولا وظيفة له إلا الفتنة والدم".
وأشار إلى أن "تاريخ المقاومة هو أمن وأمان وحماية سيادة وكيان، بعيداً من الداخل اللبناني والمصالح الطائفية". وأكد قبلان أن "كمائن المعلومة نشطة للغاية، وعرّابي الفتن يلعبون على المكشوف، وبعض الإعلام جاهز وموظف بدقة"، وأن "الجهات الدولية تستثمر بالنار الطائفية، وتعتقد أن الخلاص من لبنان، يكمن بخرابه وإشغال مكوّناته بحرب أهلية طويلة". كما أشار إلى أن "حماية المسيحيين تبدأ بحماية المسلمين والعكس صحيح، وأن منع الفتنة هي أوجب الواجبات".
وختم قبلان بأن "المقاومة هي ضمانة الوطن، لا ضمانة طائفة، والنيل منها هو نيلٌ من صميم سيادة لبنان".
من جهتها دانت القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، الاعتداء الذي تعرّض له عناصر من المقاومة في منطقة الكحالة، وقال حزب البعث في بيانه: "ندين الاعتداء السافر الذي تعرّض له عناصر الحماية في المقاومة، والذي أدى إلى استشهاد المقاوم أحمد قصاص، بعد أن بادر عناصر من الميليشيات المسلحة، في منطقة الكحالة إلى مهاجمة الشاحنة والتعرّض لمرافقيها بالحجارة والشتائم، ومن ثم المبادرة إلى إطلاق النار".
وأضاف البيان: "هذا ما أثبتته مقاطع الفيديو التي صوّرها ونشرها أهالي الكحالة أنفسهم، فكان من الطبيعي أن يرد عناصر الحماية على مصادر النيران، في إطار الحق المشروع بالدفاع عن النفس". ودان بيان القيادة المركزية للحزب "المواقف غير المسؤولة والموتورة التي صدرت عن أحزاب، ونواب وشخصيات سياسية، بعضهم يفترض أنهم حلفاء للمقاومة".
ووصف البيان هذه المواقف بأنها "محاولات للاستثمار السياسي والانتخابي في الدم، عبر خطاب طائفي تحريضي، يشبه إلى حد بعيد لغة أعداء المقاومة، من دون الأخذ بالحسبان خطورة هذا الخطاب على السلم الأهلي في البلد"، كذلك استنكر البيان "التهجّم العلني على مؤسسة الجيش اللبناني، التي أدّت دوراً جبّاراً في حقن الدماء، ومارست دورها الطبيعي في الحفاظ على السلم الأهلي". وتقدّم حزب البعث في بيانه "بأحرّ التعازي من قيادة حزب الله، وأهالي بلدة يونين، وعائلة الشهيد البطل أحمد قصاص".
من جانبه قال الحزب السوري القومي الاجتماعي عن حادثة الكحالة، "إن استنفار الغرائز، واستحضار محطات فتنوية، يهدّد السلم الأهلي والوحدة الوطنية"، واستغرب الحزب "حجم الاستفزاز الذي طال الجيش، والذي بدا وكأنه أمر عمليات يستهدف المؤسسة الضامنة لوحدة لبنان".
وفي السياق، قال لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية إن "الاعتداء يقدّم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي، لأنه يستهدف عامل القوة الذي يؤمّن الحماية للبنان وثرواته، ويردع العدو الإسرائيلي عن القيام بأي عدوان على لبنان من خلال معادلة الردع التي فرضتها المقاومة، والتي أجبرت العدو على الاعتراف بحق لبنان في ثرواته البحرية".