الوقت- منذ عودته إلى السلطة، انخرط بنيامين نتنياهو في قضايا ومشاكل داخلية كان لها عواقب وخيمة على الكيان الصهيوني حتى الآن، وعلى عكس التوقعات بأن عملية اتفاقات ابراهام ستنتعش مع عودته للسلطة، فإن الكيان الصهيوني لم يحقق أي إنجازات في المجال الإقليمي خلال فترة عودة نتنياهو إلى السلطة، وتظهر استطلاعات الرأي في الوقت الحالي أن موقف نتنياهو في الأراضي المحتلة اهتز أمام منافسيه.
أيضًا، بخصوص الاتفاق بين إيران والسعودية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فإن منتقدي نتنياهو هاجموه كثيرًا واعتبروا نتنياهو سبباً في تأخر "إسرائيل" عن التطورات الإقليمية بسبب خلق مشاكل داخلية بسبب "خطة الإصلاح القضائي".
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الاتفاق بين إيران والسعودية وتخفيف التوترات بين إيران والدول العربية المطلة على الخليج الفارسي، تعرضت خطة الكيان الصهيوني لإنشاء حلف إقليمي شبيه بحلف شمال الأطلسي ضد إيران لضربة قاسية، لم يتمكن الصهاينة من التعامل معها حتى الآن.
وتتواصل حاليًا المحادثات والمفاوضات بشأن التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية، على الرغم من حقيقة أن السعودية والكيان الصهيوني لم يصلا إلى مرحلة التطبيع، إلا أن العلاقات غير الرسمية بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية مستمرة منذ سبع سنوات وشملت بشكل أساسي تعاون المملكة العربية السعودية مع الموساد ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أيضا، في هذه الأيام، يحاول الصهاينة بدء بعض التعاون مع المملكة العربية السعودية.
محاولة تحقيق خطة طموحة
في الأيام الأخيرة، أثيرت قضية أخرى، وهي ربط الأراضي المحتلة بالسعودية بالسكك الحديدية، وأعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، أن الكيان سيبدأ مشروع سكة حديد بقيمة 27 مليار دولار لربط المناطق النائية بتل أبيب وربط خطوط السكك الحديدية بالسعودية، وقال رئيس وزراء الكيان الصهيوني: إن إسرائيل ستبدأ مشروع سكة حديد بقيمة 27 مليار دولار لتوسيع شبكة السكك الحديدية الحالية وربط المناطق النائية المحيطة بتل أبيب، ويمكن لخط السكة الحديدية هذا أن يوفر اتصالًا بريًا مع المملكة العربية السعودية في المستقبل.
قبل سنوات، قدم يسرائيل غانتس، وزير خارجية الكيان الصهيوني الأسبق، خلال زيارته لأبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، خطة لبناء خط سكة حديد جديد يربط بين أرض فلسطين المحتلة والمملكة العربية السعودية عبر الأردن ودول الخليج الفارسي، وهي أيضًا "سكة حديدية للسلام الاقتصادي الإقليمي".
في عام 2018، كتب موقع Khaleej Online الإخباري في ملاحظة كتبها نادر الصفدي بعنوان "من حيفا إلى الخليج الفارسي... الرياض وأبو ظبي تحققان حلم "إسرائيل" بقطار التطبيع: "كشف الكيان الصهيوني الآن عن أهمية مشروع التطبيع الجديد له مع بعض الحكومات العربية فانطلق قطاره من محطته الأولى في تل أبيب بالسير على مسار العلاقات مع ما تسمى دول الاعتدال، وبمروره عبر الإمارات سيصل إلى الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، ويعلن عن حقبة جديدة في علاقات "إسرائيل" مع الدول العربية، حيث ستكون القضية الفلسطينية أكثر معاناة".
وبعد ذلك بعامين، كتبت صحيفة معاريف الصهيونية في مقابلة مع آفي سمحون، رئيس المجلس الاقتصادي في مكتب رئيس الوزراء للكيان الصهيوني: "إسرائيل" والإمارات تخططان لإطلاق عدد ضخم واستراتيجي من مشاريع البنية التحتية، وفوق ذلك إنشاء خط سكة حديد يربط الإمارات العربية المتحدة بميناء حيفا.
وحسب هذا المسؤول الصهيوني، فإن خط السكة الحديدية الذي كان الكيان الصهيوني والإمارات يفكران في فتح ممرات له، يمر عبر الأردن والسعودية، وحسبه، سيؤدي هذا المشروع إلى نقل البضائع من "إسرائيل" إلى الإمارات في غضون يوم أو يومين، بينما يستغرق الآن 12 يومًا لنقل البضائع عبر قناة السويس.
طريق تجاري أقصر مع الشرق
الآن يحاول نتنياهو تحقيق هذه الخطة لإجراء تغيير كبير للغاية يتماشى مع إجراءات التطبيع مع السعودية، سيحقق تطبيق هذه الخطة فوائد كبيرة لكل من الكيان الصهيوني والسعوديين، ومع هذه الخطة، سيكون للصهاينة وصول أسهل إلى شرق آسيا للتبادلات التجارية والاقتصادية، ويمكن أن يكون تحقيق هذه الخطة إنجازًا مهمًا لنتنياهو.
كما أن ربط خط السكة الحديدية من الأراضي المحتلة بالمملكة العربية السعودية سيكون له مزايا اقتصادية كبيرة للمملكة العربية السعودية.
تربط هذه الخطة أيضًا المملكة العربية السعودية بالدول الأوروبية، وهو أحد أحلام المملكة العربية السعودية، إضافة إلى أهمية القضايا الاقتصادية للدول العربية والكيان الصهيوني، ستساعد هذه الخطة الدول العربية والصهاينة في تجاوز مضيق باب المندب ومضيق هرمز.
شروط الرياض الصارمة للتطبيع
نتنياهو يحاول تحقيق نجاح تاريخي، وهو التطبيع مع السعودية، يشبّه الصهاينة الاتفاقات الإبراهيمية بتاج تكون السعودية فيه الجوهرة الرئيسية، فالتطبيع مع السعودية يمكن أن تكون له فوائد كثيرة لنتنياهو ويهمش الأزمة الداخلية في الأراضي المحتلة إلى حد ما.
لكن ابن سلمان وضع عدة شروط لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي جعل الأمور صعبة على الكيان الصهيوني. من أجل تطبيع العلاقات مع الصهاينة، طالب ابن سلمان بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتوقيع اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، وشراء أسلحة حديثة، بما في ذلك F-35، والحصول على برنامج نووي.
في الوقت الحالي، في ظل الظروف الحالية التي اقترحتها السعودية للتطبيع، فإن احتمال التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني غير مرجح، وفي نظر الصهاينة، فإن قبول هذه الشروط ليس في مصلحة "إسرائيل" على الإطلاق.
في العقود الأخيرة، كان الكيان الصهيوني دائمًا ضد تحقيق الدول العربية في المنطقة لقدرات نووية، كما قام بقصف المراكز النووية في العراق وسوريا، حيث إن الصهاينة، الذين يمتلكون مقاتلات F35 وأسلحة أمريكية حديثة، يدعون التفوق العسكري بين جيوش المنطقة، ولا يحبون أن تنتزع السعودية هذا التفوق من السلاح الإسرائيلي.
والأهم من ذلك أن قبول الشرط السعودي بشأن القضية الفلسطينية سيؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو الائتلافية، ولن يقبل الصهاينة أبدًا بالاعتراف بدولة تسمى فلسطين، وتجدر الإشارة إلى أن السعوديين أعربوا في السابق عن استيائهم من الحكومة اليمينية الحالية للكيان الصهيوني.
هل يقبل الأمير؟
أحد أهداف نتنياهو الرئيسية لتحقيق ربط خط السكك الحديدية بين الكيان الصهيوني والمملكة العربية السعودية والمزايا الاقتصادية للرياض من هذه الخطة هي جعل المملكة العربية السعودية أكثر ليونة فيما يتعلق بشروط التطبيع.
يمكن تقييم أن الكيان الصهيوني يأمل في أنه مع تنفيذ هذه الخطة وغيرها من خطط التعاون الاقتصادي والتجاري وربما الأمني المشترك بين الرياض وتل أبيب، سيتجاوز رجال الدولة السعوديون شروطهم الصارمة التي تمنع حاليًا إقامة علاقات رسمية وتوافق على التطبيع.
لكن لا بدّ من معرفة ما إذا كان قطار التطبيع التابع للكيان الصهيوني سيصل إلى محطة الرياض أم لا، حسب سياق الأحداث الداخلية في الأراضي المحتلة وكذلك التطورات الإقليمية في المستقبل القريب.