الوقت- تحت عنوان "إسرائيل تشوه حقيقة الحرب والاحتلال في الجامعات الأمريكية"، كشف خبراء ومحللون سياسيون في الأراضي المحتلة أن الكيان الصهيوني يحاول تشويه حقيقة الحرب والاحتلال في فلسطين وقتل النساء والأطفال الفلسطينيين المضطهدين للمواطنين الأمريكيين، حيث إن وعد بلفور المشؤوم قد أعطي للحركة الصهيونية دون الحق في الوطن والدولة والمستقبل، لذا فإن حقبة جديدة من الحرب والعدوان والانتهاكات وجرائم الحرب الفظيعة التي لم تشهدها فلسطين العربية وفي جميع أنحاء المنطقة، ربما باستثناء حالة التتار والمغول، لم يكن من الممكن تحقيقها دون عنصرية بشعة ضد الشعب كله، حتى النازية هتلر، وذهبت الحركة الصهيونية الفلسطينية والمنظمات الإرهابية إلى الحرب والقمع والإساءة والتطهير الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، وكان هذا الوعد الكاذب هو بداية سلسلة من الجرائم ذات الصلة في فلسطين ، تليها سلسلة مخططة بين عشية وضحاها من الجرائم الشاملة الأخرى التي لم تنته حتى اليوم ، ونحن في الألفية الثالثة.
استرجاع تاريخيّ
نعلم أن موجة الهجرة والتهجير والعدوان الإنساني الإسرائيلي على فلسطين شكلت بدعم وحماية الاستعمار البريطاني الجريمة الكبرى، وخاصة بعد الوعد بالتآمر ضد الشعب الفلسطيني، لبدء مرحلة تنفيذ المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية والاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي العربية وبناء أكبر عدد ممكن من المستوطنات هناك، وقبل ذلك، وفي الوقت نفسه بناء جيش الكيان الصهيوني مهيئ بالأسلحة الأكثر دموية في ذلك الوقت، وكانت هذه الجريمة الكبرى في فلسطين العربية.
وبلغت المؤامرة البريطانية الصهيونية الدولية ذروتها عشية الإعلان عن نهاية فترة الانتداب البريطاني، وكان اندلاع الحرب العربية الصهيونية غير متكافئ تماما، حيث وقعت الحرب المزعومة بين القوات الصهيونية المدججة بالسلاح الثقيل والأسلحة الثقيلة والطائرات، بين الجماعات المسلحة الفلسطينية المتناثرة التي يبلغ عددها حوالي 50 ألف جندي محترف ولم يكن لديها سوى بنادق خفيفة، وجرى الحديث أن قوات عربية دخلت فلسطين للقضاء على "الدولة الصهيونية"، إضافة إلى ذلك، لا يتجاوز عدد الأفراد 15000 شخص، وهناك أسلحة وذخيرة، وكانت هذه الجريمة الجديدة في فلسطين.
وبعد كل شيء، ستستمر أبشع وأشنع الجرائم الصهيونية عبر التاريخ: الحرق الجماعي للأراضي الفلسطينية الخضراء والقاحلة، والتدمير الكامل للمدن والقرى الفلسطينية (حوالي 500 قرية وبلدة ومدينة)، والإبادة الجماعية الدموية المروعة التي لم ينج منها حتى الأطفال الفلسطينيون، والترحيل والإجلاء والتدمير الشامل للفلسطينيين، واللجوء (حوالي 800 ألف فلسطيني، منهم 156 ألفا، بقي 48 فقط في فلسطين).
وما أرادوه بالفعل هو تحويل فلسطين العربية إلى كيان صهيوني، والشعب الفلسطيني إلى لاجئين في جميع أنحاء العالم العربي ، وحولوا الحركة والعصابات الصهيونية إلى أنظمة وكيانات ودول معترف بها لها وطن وهوية وحق في الوجود ومستقبل، دون وطن، دون هوية، دون حق، دون مستقبل.، ويا لها من معادلة عكسية غير عادلة، ودع جرائم الصهاينة تستمر في مختلف أشكالها الدموية والقمعية، وانتهاكا صارخا لحقوق الفلسطينيين في فلسطين عام 1948، مرورا بالمرحلة الأولى من يوم بلفور الكارثي الموعود إلى حرب/غزو عام 1967، لكن الجريمة الأكبر والأكثر قمعا ومرارة كانت حالة العجز والسخط والتكيف العربي والدولي مع مسرح الجريمة المستمرة في فلسطين، كما مثلها التواطؤ الأمريكي العربي مع الدولة الصهيونية، وكذلك شلل المجتمع الدولي أو حياده.
نشاط إسرائيليّ في أمريكا
في الوقت الذي توسعت فيه الدائرة الصهيونية العدوانية لتشمل فلسطين التاريخية بأكملها، وتسريع وتيرة الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب، بما في ذلك في سوريا ولبنان و سابقا في مصر، لتوسيع نطاقها ومنطقتها ومعالجتها، ولزيادة عواقبها، ولزيادة الحصاد، لتشكيل سجل ضخم من جرائم الحرب الإسرائيلية المخفية تماما، كشف صحفيون ومحللون سياسيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن الكيان الصهيوني، من خلال زيادة نشاطه في الجامعات الأمريكية، يحاول تشويه واقع الحرب والاحتلال في فلسطين ويريد تقديم أحداث فلسطين بالشكل الذي يريده للجمهور الأمريكي.
وبدأت بعد ذلك أعمال الكيان الصهيوني هذه، مع تزايد عمليات القتل والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، كما ازدادت موجة معاداة السامية في المجتمع الأمريكي، وأبدى غالبية المجتمع في هذا البلد اشمئزازهم من الكيان الصهيوني، وفي فلسطين المحتلة، لا تزال سياسة الاحتلال الحربية والتطهير العنصري تشمل الأرض كلها والشعب كله، في منهجية سياسة شاملة للعقاب الجماعي، بدءا من التخلص من الأرض بأكملها واستيطانها وتهويدها، بما في ذلك الاعتقالات والمحاكمات وهدم المنازل وإغلاقها وإجراءات الخنق الاقتصادي وتدابير التهويد الثقافي والتعليمي، إلخ. والوصول إلى ارتكاب الذبح الدموي الجماعي والفردي.
المشهد كله، جنبا إلى جنب مع تفاصيل تلك الجرائم، ينطبق أيضا على تاريخ الاحتلال في مصر وسوريا ولبنان، لذلك يشكل الجريمة الكبرى الجديدة في التغطية على تاريخه الدمويّ، لأن الجريمة الأكبر والأكثر وحشية والأكثر قمعا ومرارة في العالم، تتمثل أيضا في حالة التكيف مع مسرح العجز والسخرية والجريمة الصهيونية المسمرة، وكذلك حالة التواطؤ الأمريكي الغربي مع دولة الاحتلال الصهيوني، وتجاهل أو خنوع أو حياد المجتمع الدولي.
في ضوء سجل إسرائيلي "عائم" دون احتساب بجرائم الحرب التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، قال المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار أيشنر: إن الحملة الإسرائيلية من أجل السيطرة على الروايات الإعلامية في الأشهر الأخيرة، زاد نشاطها في جامعات أمريكية مرموقة من أجل جعل "إسرائيل" تبدو رائعة، وخاصة أن "حكومة السلام" الإسرائيلية ارتكبت سلسلة طويلة من الانتهاكات المستمرة للاتفاقات المبرمة، ناهيك عن القتل والهدم والتدمير وسوء المعاملة، مع استمرار سياسة الاحتلال الإسرائيلي نفسها، حتى تحت مظلة "عملية السلام" والمصالحة التاريخية، على الرغم من أن الاحتلال يتكون من سلسلة طويلة من الجرائم الأخرى، كل منها يشكل جريمة كبرى مستقلة.
ولم يخف المراسل الصهيوني أن هذه العمليات نفذت بأمر من وزير الخارجية إيلي كوهين، لأنه في كانون الثاني (يناير) الماضي تم الإعلان عن زيادة معاداة السامية في الجامعات الأمريكية بنسبة 50٪،: ومنذ بداية هذا العام تم تنفيذ أنشطة مختلفة في سفارة "إسرائيل" في واشنطن وقنصلياتنا في أمريكا، وخاصة في نيويورك وبوسطن وميامي وأتلانتا وشيكاغو وهيوستن وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، لتقوية الروايات الإعلامية الإسرائيلية، بالاستناد إلى أن المراحل السابقة والمشاهد المذكورة، كانت أكبر الجرائم وأكثرها قسوة ومرارة تتمثل أيضا في جرائم الاحتلال "اليومية" وتكييفها مع جرائم العالم.
ويتم تنفيذ هذه الأنشطة بحضور الآلاف من الأمريكيين، ومعظمهم من طلاب المؤسسات التعليمية الكبيرة في أمريكا الشمالية، وسيقود هؤلاء الطلاب الجيل القادم من أمريكا، وقد أشار الصحفي الصهيوني إلى وجود نشاط آخر في إحياء ذكرى يوم النكبة الذي أقيم في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك في مايو الماضي، بمبادرة من القنصلية الإسرائيلية وبالتعاون مع منظمة إنهاء كراهية اليهود، مع برامج الدعم الأخرى، وتم عقده في جامعة كاليفورنيا ، سان دييغو.
و"يوم النكبة" هو مأساة احتلال فلسطين ، ويوافق 15 أيار (مايو) هذا العام الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، مأساة تسببت في تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين منازلهم وأراضيهم بسبب جرائم وقتل النظام الصهيوني عام 1948 وتهجيرهم داخل فلسطين المحتلة وخارجها، كما أن إيلي كوهين، وزير خارجية الكيان الصهيوني، يعتقد أن عليهم السيطرة على الروايات وأن يكونوا قادرين على تحييد الرواية الفلسطينية للجمهور الأمريكي، وفي هذا الصدد، قال إيلي كوهين: "سنكون هناك حيثما كان ذلك ضروريًا للتغلب على الرواية الفلسطينية"، كما قال آساف سيغييف، مدير الإدارة القنصلية الأمريكية في وزارة الخارجية: "أصبحت الجامعات الأمريكية منصة صعبة للحكومة الإسرائيلية والطلاب الإسرائيليين واليهود الذين يتعاملون مع حالات متزايدة من معاداة السامية".
خلاصة القول، منذ ذلك اليوم للاحتلال، بدأت جرائم حرب الاحتلال بأشكال مختلفة، ولكن اليوم تجري بطرق أكثر شراسة وقذارة واستمرارا لقمع الشعب الفلسطيني وتركيعه، لأنه دولة محتلة لا تفهم سوى منطق القمع والإرهاب وتعتبر نفسها فوق كل القانون الدولي، وتدعي أن قوات الاحتلال هي الأقوى في المنطقة (وفقا لمعايير القوات المسلحة في المنطقة) والأكثر تسليحا بأنياب نووية وقرارات وسياسات عسكرية حقيقية وحتى في تطبيقها على الأرض بهدف تقويض معنويات وصلابة وولاء الشعب الفلسطيني ومراعاة حقوقه المشروعة في فلسطين، لذا نحن أمام مشهد واضح، لكن دولة الاحتلال الإرهابية وجميع أسلحة القتل والتدمير القوات المسلحة والمواجهات والانتهاكات مع الجرائم الدموية والقمعية والإرهابية، لن تقف أمام مقاومة الشعب الفلسطيني الأعزل وحقوقه المشروعة.