الوقت- شهدت فرنسا لليلة الرابعة على التوالي مواجهات عنيفة وأعمال نهب وحرق، واستولى متظاهرون على أسلحة، في إطار الاحتجاجات المستمرة على مقتل فتى برصاص الشرطة في ضاحية نانتير بباريس، في وقت طلبت فيه الحكومة من أعضائها البقاء في العاصمة وسط مخاوف من توسع رقعة الاضطرابات. وأفادت بعض المصادر الاخبارية باندلاع صدامات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين مساء أمس الجمعة في مرسيليا (جنوبي فرنسا) مشيرة إلى إصابة شرطيين واعتقال أكثر من 80 شخصا. وقد دعا عمدة مرسيليا السلطات إلى إرسال قوات إضافية إلى المدينة، في حين أظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارا يهز منطقة الميناء القديم، وقالت السلطات المحلية إنها تحقق لمعرفة السبب لكنها لا تعتقد أن هناك إصابات أو خسائر في الأرواح.
وأشارت المصادر الاخبارية إلى حدوث مناوشات في مدن ليون وستراسبورغ ونانت، وحدوث إطلاق نار في حي لادوشير بمدينة ليون، وتوجه قوات التدخل السريع للمكان. وفي ليون أيضا، استخدمت الشرطة المدرعات وطائرة مروحية في محاولة للسيطرة على المتظاهرين. وفي مدينة أنجيه (غربي البلاد) أضرم محتجون النار في عشرات السيارات، حسب ما نقل مراسل الجزيرة. وقد سجلت عمليات نهب في مدن عدة بينها باريس وستراسبورغ، استهدفت محال تجارية، وذلك على الرغم من نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن ووقف حركة المواصلات العامة بداية من الساعة التاسعة مساء. وكانت الاحتجاجات اندلعت إثر مقتل الشاب نائل (17 عاما) ذي الأصول الجزائرية برصاص الشرطة في ضاحية نانتير. وأثارت عملية القتل اتهامات للشرطة الفرنسية بالعنصرية
حرائق وأسلحة منهوبة
وفي باريس، سُجلت مساء أمس أعمال عنف جديدة بعدد من الضواحي، وأحرق متظاهرون مباني حكومية وسيارات ما اضطر السلطات لنشر المزيد من قوات الأمن. وقال مراسل الجزيرة إن النيران التهمت مساء أمس مقر بلدية بيرسان بمقاطعة فالدوار بضواحي باريس بعد تعرضها للنهب والتخريب. وأضاف إن تعزيزات أمنية وصلت في وقت مبكر من صباح اليوم إلى إيفري سورسان بضواحي العاصمة بعد عمليات حرق واسعة للسيارات. وبالتزامن، تجددت المواجهات في ضاحية نانتير غرب باريس، واستخدمت قوات الأمن العربات المدرعة لإزالة المتاريس. كما افاد مراسل الجزيرة بوقوع مناوشات وإضرام نار في ضاحية جانفيلييه شمال باريس ووصول تعزيزات أمنية للمنطقة.
وقبل ذلك، تدخلت الشرطة لإخلاء ساحة الكونكورد الشهيرة وسط باريس من المحتجين. وفي مرسيليا، نهب متظاهرون متجرا للأسلحة واستحوذوا على أسلحة صيد. وقالت الشرطة إن المتظاهرين استولوا على بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة. وأضافت إنها اعتقلت أحد الأشخاص وبحوزته بندقية ربما نُهبت من متجر السلاح. وبالتزامن، تجددت المواجهات في ضاحية نانتير غرب باريس، واستخدمت قوات الأمن العربات المدرعة لإزالة المتاريس. كما افادت المصادر الاخبارية بوقوع مناوشات وإضرام نار في ضاحية جانفيلييه شمال باريس ووصول تعزيزات أمنية للمنطقة. وقبل ذلك، تدخلت الشرطة لإخلاء ساحة الكونكورد الشهيرة وسط باريس من المحتجين.
ماكرون يغادر بروكسل ويعود إلى باريس
قطع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارته إلى بروكسل التي هدفت إلى حضور قمة الاتحاد الأوروبي، وألغى مؤتمره الصحفي، بهدف العودة إلى باريس، ليترأس اجتماعاً لخلية الأزمة المشتركة بين الإدارات، بعد بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد. ونقلت وسائل إعلام فرنسية، عن رئيسة الحكومة، تعليقها حول إمكان فرض حالة الطوارئ بسبب الاحتجاجات، إذ صرّحت بأن "كل الاحتمالات مطروحة على الطاولة، لعودة استتباب الأمن في البلاد". من جهتها، أعلنت الشرطة الفرنسية اعتقال 667 شخصاً في البلاد خلال أعمال الشغب الجماعية، التي اندلعت منذ 3 أيام، على خلفية مقتل فتى عمره 17 عاماً على يد الشرطة.
وكان معظم الشبان الذين اعتقلتهم الشرطة الفرنسية الليلة الماضية شبان، من الفئة العمرية، من 14 إلى 18 عاماً. وشهدت منطقة الشاتليه، وسط العاصمة الفرنسية، أعمال عنف كبيرة. وتمددت هذه الأعمال إلى مدن مرسيليا ومونبيليه ورين. واشتعلت الحرائق في أوبيرفيلييه، إحدى ضواحي شمال باريس، لتطال عدة مناطق ومرافق، بينها محطة الحافلات. وشمل التوتر أيضاً مدناً كبرى أخرى، مثل ليون جنوبي شرق البلاد، وتولوز في جنوبها الغربي. كما تعطّلت حركة المواصلات في شمال شرق باريس بسبب الأضرار التي لحقت بالشوارع.
ومساء أمس، قررت الحكومة الفرنسية نشر 40 ألف شرطي ودركي، في كل أنحاء البلاد، بينهم 5 آلاف في العاصمة باريس وضواحيها القريبة، لمواجهة أعمال عنف محتملة، ليصبح بذلك عدد قوات الأمن "أكثر بأربع مرات" مما كان عليه، في الليلتين الماضيتين. من جهتها، أطلقت قوات الأمن الفرنسية، الغاز المسيل للدموع على مشاركين في "مسيرة بيضاء"، نُظِّمت يوم أمس، تكريماً للفتى نائل، الذي قُتِل برصاص الشرطي. ووُجِّهت تهمة "القتل العمد" إلى الشرطي الذي أطلق النار على نائل، ووُضع في التوقيف الاحتياطي. وكان الفتى نائل قد قُتِل الثلاثاء الماضي، في نانتير، إحدى ضواحي باريس، من مسافة قريبة خلال عملية تدقيق مروري، بعد أن أطلق شرطي النار عليه.
وقالت الشرطة إنه "كان يقود بسرعة كبيرة في ممر الحافلات، ورفض التوقف عند الإشارة الحمراء"، وهي تصريحات دانها محامي عائلة الضحية. وأعرب محامي الأسرة، ياسين بزرو، في بيان، عن أسفه "لإخفاء المدعي العام التواطؤ المحتمل في القتل العمد من قبل الشرطي الثاني، والتزوير المحتمل في الكتابات العامة نتيجة التصريحات الكاذبة الأولية لمطلق النار، الذي أكد رسمياً أن الشاب نائل حاول دهسه بالسيارة". من جهته، ندّد ماكرون بـ"أعمال عنف غير مبررة طالت المؤسسات والجمهورية" في اجتماع خلية أزمة وزارية، دعاها إلى الانعقاد في وزارة الداخلية. ودعت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، خلال جولة قرب باريس، إلى تجنّب "أي تصعيد"، معتبرةً أن "القضاء يؤدي وظيفته". وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها فرنسا أحداثاً كهذه، إذ كانت مسرحاً لأعمال عنف في مختلف المدن بسبب مقتل شبان يتحدّرون بغالبيتهم من أصول مغاربية ومن دول أفريقية أخرى خلال عمليات تدخّل للشرطة.
اعتقال نحو 900 محتج
ارتفع عدد المعتقلين في فرنسا خلال موجة الاحتجاجات على مقتل الفتى نائل برصاص الشرطة في ضواحي باريس، في حين حذرت مذكرة للاستخبارات من اتساع رقعة العنف خلال الليالي المقبلة. وقالت وزارة الداخلية -اليوم الجمعة- إن السلطات اعتقلت 875 شخصا بعد اندلاع مواجهات بين الشرطة والمحتجين لثالث ليلة على التوالي في أنحاء البلاد. وقالت مصادر مقربة من وزير الداخلية إن عددا كبيرا من المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما. وأعلنت الوزارة أيضا إصابة 249 شرطيا ودركيا مساء أمس الخميس -ليس بينهم أي إصابة خطرة- وأشارت إلى أن السلطات نشرت 40 ألف عنصر من قوات الأمن على كامل الأراضي الفرنسية من بينهم 5 آلاف في باريس.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر بالشرطة أن مذكرة للاستخبارات حذرت من أن العنف قد يصبح "معمما" في البلاد خلال الليالي المقبلة ويتسم بأعمال "تستهدف الشرطة ورموز الدولة". وتفقدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن برفقة وزير الداخلية جيرالد دارمانان -صباح اليوم- مركز شرطة إيفري كوركورون بضاحية باريس الجنوبية بعد تعرضه "لقصف بقذائف الهاون" ليلا، وفقا لمصادر بالشرطة الفرنسية. وتحدثت بورن مع المسؤولين عن مركز الشرطة وأعربت عن دعمها لهم، وشددت على أن "جميع الخيارات ممكنة لاستعادة النظام في البلاد". واستبقت رئيسة الوزراء زيارتها لمركز الشرطة بتغريدة على تويتر نددت فيها بأعمال العنف وقالت إن تلك الأفعال "لا تطاق ولا يمكن تبريرها"
حظر تجول ليلي
قررت 4 مدن قريبة من العاصمة باريس فرض حظر تجول ليلي -بعضها لعدة أيام- في كل أو بعض الأحياء، وعلى الجميع أو على القاصرين فقط. وفي العاصمة، تعرضت بعض المتاجر في حي لي آل وشارع ريفولي -الذي يؤدي إلى متحف اللوفر- إلى "التخريب" و"النهب وحتى الحرق"، وفقا لمسؤول رفيع المستوى في الشرطة الوطنية. وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حرائق عديدة في أنحاء بالبلاد منها محطة حافلات في ضاحية تقع شمال باريس ومحطة ترام في ليون. وفي منطقة باريس، توقفت خدمات الحافلات والترام عن العمل اعتبارا من الساعة 9 مساء الخميس الماضي.