الوقت_ يعلم جيش الاحتلال الإسرائيلي جيدًا أن مدن الضفة الغربية المحتلة بأزقتها وشوارعها لم تعد آمنة كما السابق، بل تغيرت فيها الكثير من المعادلات الأمنية التي فرضت واقعاً جديداً يشكل خطرًا على كل جندي أو مستوطن، وبات جيش الاحتلال العسكريّ لفلسطين عاجزاً عن وقف عمليات إطلاق النار التي تستهدف قواته في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة في الجزء الشماليّ منها، وهذا ما يمكن تلخيصه من الرسائل الإعلاميّة للإعلام العبريّ، في ظل الزيادة الكبيرة في معدل عمليات المقاومة في الضفة، وتأكيد مختلف الأوساط التابعة للعدو، مراراً، أنّ تلك المنطقة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة باتت خطرة للغاية على الكيان الذي تعيش أجهزته الأمنيّة ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، ناهيك عن تعرض حكومة العدو لانتقادات لاذعة نتيجة لجرائمها وجاهزيتها القتالية في الضفة الغربية، في اعتراف صريح بقوة المقاومة الفلسطينية، مع تزايد عمليات إطلاق النار، وتنفيذ المقاومة عمليات مكثفة، ناهيك عن الاشتباكات العنيفة المتصاعدة.
فشل أمنيّ إسرائيليّ
مع تصاعد عمليات إطلاق النار وانتشار كميات من الأسلحة في الضفة وضعف سيطرة السلطة الفلسطينية في بعض المناطق وخاصة في جنين ونابلس، يحاول الجيش الإسرائيلي أن يُخفي ما يتعرض له بشكل يومي في الضفة خلال عمليات الاقتحام والاجتياح التي ينفذها إما لقتل المقاومين او تنفيذ عمليات الاعتقال، فالواقع بات قاسيًا وصعبًا وفقاً للكثير من التقارير التي نُشرت على الصحف والمواقع العبرية، خلال الأسابيع الأخيرة، وفقاً لمواقع إخبارية، حيث إن المقاومة في غزة تواصل تقديم الدعم الماليّ للمقاومين في الضفة، في الوقت الذي تعيش فيه أجهزة الأمن الإسرائيليّة ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين لدى العدو، نظرًا لكثافة عمليات المقاومة ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، وبالتالي برهان كبير على النظرية التي أكّدت أنّ الحكومة الجديدة للكيان الصهيوني لن تكون قادرة على وقف عمليات المقاومة الفلسطينية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، فالضفة لم تعد كالسابق والمقاومة تتطور كماً ونوعاً، مع ارتفاع احتمالات أن تنفجر الأوضاع أكثر وأكثر هناك بسبب التمادي الإسرائيليّ الصادم.
واليوم، باتت العبوات الناسفة الهاجس الأكبر الذي يمثل رعبًا حقيقيًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يعني هزيمة كبرى لـ"إسرائيل" في الضفة الغربية، بالتزامن مع مجموعة كبيرة من الإجراءات من عمليات المقاومة الفلسطينيّة، نتيجة جرائم قوات الاحتلال الإسرائيليّ، حيث نشرت العبوات مؤخرًا لتفجير العربات ومركبات إسرائيلية، من خلال تفجير العبوات التي تزرع بدقة من قبل المقاومين الفلسطينيين على جانبي الطرقات وداخل حاويات القمامة والأكياس البلاستيكية، خلقت المعادلة الجديدة وشكلت “نقلة” في أساليب المقاومة، وخاصة أنها أعادت إلى الأذهان إدخال سلاح العبوات الناسفة و”التفجير عن بعد” إبان انتفاضة الأقصى، وهو السلاح الذي غاب طوال السنوات الماضية، لتحلَّ محله عمليات الدهس والطعن وإطلاق النار التي حملت طابعًا فرديًا في الغالب، كما أنّ المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة.
وفي ظل تأكيد وسائل إعلام إسرائيلية أن ظاهرة العبوات الناسفة، في الضفة المحتلة، تقلق جيش الاحتلال الذي يخشى تطورها واستخدامها في عمليات أخرى في قلب المدن المحتلة، تفشل تل أبيب في ضبط إيقاع الساحة الفلسطينيّة، فيما يعيش مجتمعها ترنحاً لم يشهده في وقت سابق في مواجهة المقاومة تماماً مثل حكوماته، فالعمليات المسلحة في المنطقة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ولا مجال للعودة خطوة للوراء بالنسبة للأبطال والفدائيين الذين استطاعوا بما أوتوا من قوّة احتجاز "إسرائيل" ومستوطنيها كرهائن، لكن الخوف الأكبر بالنسبة لهم في هذا المرحلة، هو مما سيأتي بعد، ويتجسد ذلك في مواجهة جديدة لا تجيدها عصابات الاحتلال التي تسعى لإبادة شعب بأكمله وسلب أرضه بقوتها العسكريّة الاستعماريّة.
الحل في المقاومة
بما أنّ كل فلسطينيّ وصل لقناعة تامة بأنّ الحل الوحيد هو مقاومة هذا العدو بأبسط الوسائل، يتأكّد أن تكرار استخدام القوة المفرطة من قبل الصهاينة للقضاء على حالة المقاومة بالضفة الغربية هو "خطأ استراتيجيّ" خطير، لأنّ ذلك ينعكس بشكل مباشر على حالة المقاومة، ما يفضح ضعف وفشل الكيان الإسرائيليّ الذي يعول دائماً على دمويّته المفرطة، وأنّ تطور أساليب المواجهة والمقاومة في الضفة الغربية، وتأكيد الوقائع أنّ الاحتلال بدأ يفقد السيطرة باعتراف وسائل الإعلام العبرية، ما يعني فشل "إسرائيل" في مواجهة المقاومة بشكل آني ومستقبليّ، فالعمليات في المنطقة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ولن تتوقف إلا برحيل هذا السرطان المقيت.
والدليل، أن الأحداث أخذت منحى تصاعديّاً مختلفاً عن كل ما شهدته المنطقة وبوسائل مختلفة وصادمة للقيادة الأمنية والعسكريّة للكيان الإٍسرائيليّ، ففي الوقت الذي يحاول فيه العدو احتواء الوضع في شمال الضفة (جنين، ونابلس، وطولكرم) يزداد الأمر صعوبةً عليه بعد تصاعدها ضد جنوده ومستوطنيه، وتتصاعد المخاوف الإسرائيلية أكثر فأكثر من انتقالها داخل أراضي 48 المحتلة، فيما يدعو رجال المقاومة الفلسطينيّة بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة، واستغلال ما يجري لتلتهب شعلة المقاومة من جديد وبشكل لم تعهده القيادات الصهيونيّة ولن تستطيع التعامل معه.
ختاماً، يشهد العالم على الفشل الذريع لحكومات العدو الإسرائيليّ في القضاء على حالة المقاومة المتصاعدة في فلسطين، بل ستزداد الأمور بلا شك سوءاً بالنسبة للإسرائيليين، لأنّ الإسرائيليّ لا يجيد سوى إدارة الأمور بالسيف والنار، وباعتباره قوة احتلاليّة مدججة بكل أنواع الأسلحة ولن يتخلى عن إجرامه وعنصريّته أبداً، وهذا بالضبط هو وقود الانتفاضات والثورات والمقاومة، بما ينهي أمن كيان الاحتلال للأبد، وخاصة أن جيش العدو بدأ يصطدم بالشعب أكمله، ما يشكّل معادلة قوية في الصراع مع الاحتلال الغاصب، حيث بات الشعب الفلسطينيّ قادراً على قلب الموازين في الضفة المحتلة والقدس بعد أن نجح في تحويل البيئة الأمنية لجيش الاحتلال ومستوطنيه إلى حالة من الرعب المتواصل، بما يصب في مصلحتهم للانعتاق من الاحتلال الغاشم.