الوقت- قال ميشال عون سابقاً إن الحكومات التي استثمرت في الحرب السورية بضخ الأموال تربح من خلال تخويف اللاجئين من العودة إلى سوريا.
في الحقيقة يعود ملف اللاجئين للواجهة من جديد وخصوصا في لبنان البلد الشقيق للسوريين وهذه القضية أثارت الرأي العام اللبناني والسوري وقسمت الشارع اللبناني ما بين مدافع عن حقوق اللاجئين وما بين رافض لتواجد أي لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، وفي هذا الصدد أجرت مراسلة موقع الوقت الإخباري التحليلي مقابلة مع المحلل السياسي الأستاذ حسام طالب تمحورت خول التالي:
الوقت: ما هي الدول التي يقصدها ميشال عون بوصفه حكومات تضخ الأموال؟
طالب: الآن بات المستثمر الوحيد باللاجئين هو الغرب وكانت من قبله تركيا والحكومات اللبنانية المتعاقبة تستثمر باللاجئين من خلال الأموال والمساعدات التي كانت تصلهم.
والرابح الأكبر خلال العشر سنوات الماضية في هذا الأمر كان التركي، أما اليوم أصبح اللاجئ عبئاً على دول الجوار وعبئا على تركيا وعبئا على لبنان بل أكثر من ذلك، ويسبب اللاجئ مشكلة أمنية ومشكلة داخلية بوجوده سواء في تركيا أو لبنان لذلك اليوم المستثمر الوحيد الذي ما زال يستفيد من قضية اللاجئين هو أمريكا وحتى المجتمع الأوربي بات يخشى من موجات اللاجئين ولذلك الأوروبي تراجع كثيراً في هذا الموضوع.
أما أمريكا وبريطانيا يستثمرون باللاجئين إلى الآن للضغط على الدولة السورية والضغط على دول الجوار وأيضا من خلال عمليات وجود اللاجئين ووجود المعسكرات - أي الخيم - في تركيا في لبنان في كثير من الدول هذا الأمر يعطي مجالاً لتمويل المنظمات الإنسانية التي تعمل بمشورة سياسية أو تحت غطاء سياسي أمريكي وبريطاني.
إذاً هم يريدون تمويل المنظمات لاستثمارها واستثمار عمل هذه المنظمات لكن بتمويل من الدول المانحة بحجة وجود اللاجئين لذلك المستفيد اليوم من هذه القضية هي أمريكا وبريطانيا أما باقي الدول بات اللاجئ عبئا عليها ويسبب مشكلة كبيرة.
الوقت: ما مدى استعداد الحكومة السورية لعودة اللاجئين؟
طالب: استعدادات الحكومة لعودة اللاجئين لا نستطيع أن نتحدث عن مجال واحد أو الحديث عن أن الحكومة مستعدة أو تصريحات فهذا الأمر يكون خارج الواقع وغير صحيح ولهذا يجب الوقوف عند عدة مراحل لعودة اللاجئين.
حيث لدينا المراحل كالتالي مرحلة أمنية أي الاستعداد الأمني لعودة اللاجئين والاستعداد اللوجستي والاستعداد القانوني.
اذا بدأنا بالحديث عنها بالترتيب، أولا الاستعداد الأمني هل تمت السيطرة على المناطق التي سيعود إليها اللاجئون وهل بسط الأمن فيها كي يعود اللاجئ الى بيئة آمنة؟
هذا الأمر تحقق في سورية حتى الآن إذاً على مستوى الاستعداد الأمني عودة اللاجئين إلى منطقة آمنة لا يوجد بها إرهاب فهذا الأمر تم ونفذ في أكثر من ٧٠ ٪ من الجغرافيا السورية، حيث إن ٨٠٪ من هذه الجغرافيا هي آمنة اليوم.
ثانيا الاستعداد القانوني اللاجئ الذي هو لأكثر من عقد خارج سورية أصبح لديه أطفال لم يسجلوا، فهناك الكثير من الأطفال غير مسجلين، وهناك الكثير من اللاجئين الذين هم مواطنون سوريون قد فقدوا وثائقهم، فالاستعداد القانوني من قبل الدولة السورية من هذه الناحية، كان من خلال مراسيم ومن خلال إجراءات على الحدود تعطي اللاجئ السوري أوراقا يستطيع من خلالها الدخول إلى الأراضي السورية، ويستطيع من خلالها تثبيت الولادات في النفوس السورية وإعطائهم أوراقا ثبوتية هذا الأمر يأتي من خلال تصريح على الحدود ومن ثم يأتي اللاجئ ويستكمل أوراقه في الداخل السوري.
وهكذا يكون الاستعداد الأمني والاستعداد القانوني قد جهز من قبل الدولة السورية، وهذا كان من خلال عقد مؤتمر عودة اللاجئين وقد عقد لأكثر من مرة، والمؤتمر الدولي لعودة اللاجئين الذي عقد في دمشق كان هو البيئة القانونية لعودة اللاجئين، والبيئة الأمنية أيضا كانت قد هيئت من قبل من قِبل الجيش العربي السوري وحلفائه.
أما عن التهيئة اللوجستية فهل المدن التي سيعود اليها اللاجئون آمنة؟ لاشك أنها آمنة، لكن البنية التحتية مدمرة بفعل الإرهاب، واللاجئ إذا أراد أن يعود يحتاج إلى مياه ويحتاج لصرف صحي ويحتاج الى بيت يسكن به وهنالك عدد كبير من البيوت المدمرة في المناطق التي شهدت معارك مع الارهاب، ولذلك فإن هذا الأمر يحتاج لجهود دولية كبيرة ولجهود مكثفة من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ومن المفوضية السامية لعودة اللاجئين، التي إلى الآن تشجع اللاجئين على البقاء في المخيمات ولا تشجعهم على العودة إلى سورية إلى بلدهم وإلى مدنهم وبلداتهم، رغم أنه في ميثاق المفوضية السامية لعودة اللاجئين يجب أن تسعى إلى عودة اللاجئ إلى دياره ومساعدته سواء بالأموال أو بإعادة الإعمار ولكن هي تعمل بالعكس تنفيذا لأجندات أمريكية وبريطانية، لذلك على الصعيد اللوجستي هنالك صعوبات كبيرة جدا وسورية تسعى مع حلفائها وأصدقائها وأشقائها إلى أن يهيئ هذا الوضع اللوجستي لعودة اللاجئين إلى أماكن مناسبة وإلى إعادة الإعمار وهذا ما أكد عليه بيان عمان عندما عقد الاجتماع الخماسي لدعم سورية في إعادة الإعمار وإعادة البنية التحتية لعودة اللاجئين بشكل لائق إلى ديارهم.
الوقت: ما هي أهم معوقات عودة اللاجئين الآن؟
طالب: أهم معوقات عودة اللاجئين هو حقيقة تصرفات المفوضية السامية لعودة اللاجئين والدعاية التي تنشرها، وهي صاحبة دعاية بتخويف اللاجئين من العودة إلى سورية وحتى وقف الدعم عنهم في حال العودة إلى سورية، وهذا أمر مخالف لميثاق الأمم المتحدة ومخالف لميثاق المفوضية السامية لعودة اللاجئين، ولذلك هي من أهم العوائق والعائق الآخر هو الدمار والحصار الذي يمنع إعادة الإعمار إلى الآن .
الوقت: إذا عادت سوريا إلى الجامعة العربية وعادت علاقاتها مع الدول العربية إلى طبيعتها ، فما هي الفرص المتاحة لعودة اللاجئين ، وفي هذه الحالة ، هل يمكن للدول التي تمنع العودة أن تستمر في عرقلة ذلك؟
طالب: حقيقة عودة سورية إلى الجامعة العربية لها مكاسب كبيرة جداً
أولا عندما تعود سورية إلى الجامعة العربية يفك طوق الحصار عنها فبالتالي يفقد الحصار الأمريكي هامشاً مهماً جداً من مهمة الضغط على سورية من خلال الانفتاح العربي ومن خلال عودة الحدود وإعادة فتح السفارات وعودة الحركة الاقتصادية وكل هذه الأمور يستفيد منها كلها الشعب السوري.
أما على صعيد اللاجئين فبالتأكيد عندما تعود سورية إلى الجامعة العربية سيكون هناك عودة للاجئين عودة مدعومة من الجامعة العربية، وأيضاً ستكون مدعومة بإعادة الإعمار والاستثمار أيضاً، وهذا ما يسهل عودة اللاجئين فالعودة لها مكاسب مهمة جداً، والعودة ستسهل وتساعد على عودة اللاجئين إلى سورية وستساعد على حل الأزمة السورية ونقصد أزمة اللاجئين، وأزمة دول الجوار الذين يتواجد بها هؤلاء اللاجئين لأنه كما قلنا بات اللاجئ اليوم يشكل عبئا ويشكل أزمة في الدولة التي يتواجد فيها .
الوقت: ما تعليقكم حول المخاوف والتحذيرات التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعية من تخويف اللاجئ السوري من العودة؟
طالب: هذه المخاوف تنشرها أمريكا والدول التي تريد إبقاء اللاجئين كجرح نازف للضغط على سورية، وللضغط على دول الجوار، وهذه المخاوف التي تنشرها أمريكا تقوم بالترويج لها من خلال بعض المنظمات التابعة لها وأيضاً من خلال العملاء وبعض الصفحات التي تدار من قبل الموساد أو من قبل الـ CİA وهناك صفحات كبيرة وضخمة جداً وممولة بشكل كبير هي من تنشر هذه المخاوف التي هي غير موجودة على الأرض.
فاللاجئ يعود بطريقة آمنة واللاجئ الذي يعود مشمول بالمرسوم العفو من السيد الرئيس بشار الأسد مرسوم رقم ٧ لا يوجد عليه إشكالية، أو أي اعتقال أو أي ذنب ومساءلة، باستثناء إذا قام هذا اللاجئ بعمل جنائي فهذا الأمر متروك للشرطة.
فاللاجئ عندما يعود إنه يعود كمواطن عادي يلتزم بالقانون السوري، وهذا لا شيء عليه حتماً أما من يخالف القانون فهذا شيء طبيعي سواء كان لاجئا أو غير لاجئ فسيطبق عليه القانون .