الوقت - فتحت الهجمات الصاروخية لمجموعات المقاومة من لبنان وسوريا وغزة أبواب جهنم على الصهاينة لعدة ساعات حتى يرى قادة تل أبيب المخدوعون بأنفسهم أن ما كانوا يخشونه منذ سنوات أصبح حقيقة. وها هم الآن محاصرون في حصار المقاومة.
ما حدث في الأيام الماضية كان عرضًا رائعًا لتآزر وتنسيق وتعاون مجموعات المقاومة، ما أثبت أنها الآن أقوى تحالف إقليمي في تحديد النظام الأمني والتطورات. تحالف يسعى لتحقيق هدف رئيسي ومثالي وهو تحرير القدس الشريف من الاحتلال وإزالة الكيان الصهيوني سيئ السمعة من الخريطة الجغرافية للمنطقة. الموضوع الجديد والمهم في الاعتداءات الأخيرة ليس حجم الأضرار والخسائر التي لحقت بالكيان، وهو ما لم يكن مخططًا له في الأساس، بل الرسائل الرمزية المهمة جدًا التي احتوتها ونقلتها إلى العدو الصهيوني.
1- مظلة وحدة المقاومة
واقع جديد ورسالة مهمة للغاية برزت في مسار موجة الهجمات الصاروخية المتعددة الأطراف على إسرائيل، تمثلت في عجز الصهاينة وخوفهم من مواجهة عسكرية مباشرة مع حزب الله، وحتى على عكس السنوات السابقة، عدم القدرة على انطلاق هجوم جديد واسع النطاق على غزة.
حتى ساعات قليلة ماضية، كان الصهاينة، ولا سيما الحركات الراديكالية في مجلس الوزراء، يهددون لبنان بهجوم عسكري من خلال التهديد بخرق اتفاقية الغاز مع لبنان على ميدان عملياته، لكن الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنتها الجماعات الفلسطينية من جنوب لبنان، والتي أثبتت بالتأكيد التنسيق والضوء الأخضر من حزب الله أن الكيان الصهيوني ليس فقط فاقدا للشجاعة والقدرة على بدء صراع كبير مع حزب الله، ولكن حتى معادلات الردع قد أقيمت حتى الآن بمظلة دعم حزب الله.
يمكن استخدامها كضمان أمني، ويجب أن تعمل مع مجموعات المقاومة الأخرى بالطريقة التي وجدها الصهاينة في حساباتهم أنه من المستحيل تنفيذ هجمات واسعة النطاق على مقرات ومواقع عسكرية للجماعات الفلسطينية في لبنان وسوريا بسبب إمكانية الصراع مع حزب الله.
لقد حدث هذا الوضع بطريقة أخرى داخل الأراضي المحتلة من قبل. في قصة هجوم جيش الكيان على سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، والذي أدى إلى هدم منازل المواطنين، بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بقصف المستوطنات الصهيونية في عمق الأراضي المحتلة بالصواريخ في عملية هجومية سميت بعملية "سيف القدس".
وقد دقت الهزيمة في حرب غزة جرس الإنذار للصهاينة، وعلى سبيل المثال، أثار أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية الكيان الصهيوني في ذلك الوقت، التساؤل إذا كنا في هذا الوضع اليوم أمام حماس، في المستقبل سنكون أمام إيران وحزب الله. الأقوى بكثير، ماذا يمكننا أن نفعل؟ هذا السؤال، لم يكن سؤالاً، بل كان في الواقع نبوءة وتحذيرًا توقع القادة الصهاينة حدوثها، وأثبتت موجة الهجمات الصاروخية الأخيرة وعجز الصهاينة هذه النبوءة.
2- زر الهجوم الشامل على طاولة المقاومة
الحقيقة الرمزية الجديدة أن الموجة الأخيرة من الهجمات الصاروخية من قبل المقاومة من الجبهات الثلاث لغزة وجنوب لبنان وسوريا أظهرت أنها توفر خيار شن هجوم شامل على الأراضي المحتلة. في الواقع، سجل تاريخ المواجهات بين فصائل المقاومة وإسرائيل منعطفاً، وكان ذلك استكمالاً عملياً لتشكيل جبهة مشتركة كهدف استراتيجي دائم لمجموعات المقاومة.
على الرغم من أن الصهاينة واجهوا صراعًا مع الجبهة العربية المشتركة بما في ذلك سوريا ومصر والأردن في حربي 1967 و1973، إلا أنهم لم يخوضوا أبدًا حربًا شاملة مع المقاومة. أصبحت فصائل المقاومة الآن محاطة بإسرائيل من جميع الجهات كجيش قوي ذي خبرة ومجهز بالصواريخ والطائرات المسيرة من جنوب لبنان إلى سوريا وغزة واليمن، مع تجربة الهزائم المتتالية للجيش الصهيوني في حروب منفصلة مع المقاومة.
تثبت مقاومة لبنان وفلسطين أنه في حالة حدوث صراع مع الجبهة المشتركة للمقاومة، يجب أن يشهد المرء انتصارًا فريدًا وصنع التاريخ من شأنه أن يحول تاريخ وجود إسرائيل إلى تاريخ. تضمنت الهجمات الصاروخية الأخيرة رسالة مهمة مفادها بأن هذا الخيار أصبح الآن حقيقة ثابتة في ساحة التطورات الميدانية وزرّه على طاولة تحالف المقاومة.
3- المنقذ ينام في القبر
كان الحدث المهم والرمزي الآخر الذي أظهر مقاومته للمحتلين في موجة الهجمات الأخيرة هو تقاعس حلفائه الإقليميين الواضحين والداعمين الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة ودول الخليج الفارسي عن دعمه، وهؤلاء الذين حلموا بتشكيل تحالف ضد المقاومة قبل أيام قليلة، لم يخذلوا الكيان فحسب، بل فتحوا أفواههم أيضًا للانتقاد.
بسبب التورط في العديد من الأزمات الداخلية، من الاحتجاجات الشعبية إلى معاناة الحرب الأوكرانية واتساع الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، لا تستطيع الدول الأوروبية أن تولي اهتمامًا كبيرًا للأزمات الأمنية للكيان. فقدت الحكومة الأمريكية، التي تواجه حاليًا تحدي هجمات فصائل المقاومة على مواقعها العسكرية ومقارها في سوريا والعراق، قدرتها السابقة على التأثير في مجريات الأحداث في المنطقة ولا تريد تصعيد التوترات مع جماعات المقاومة.
أصبح الوضع الدولي للصهاينة الآن من الخطورة حيث لا بد من القول إن الكيان يجد نفسه أعزل أكثر من أي وقت مضى ضد التهديدات الأمنية، وبالتالي، خوفًا من لعنة الـ 80 عامًا، يحذر من الدخول في مستنقع الحرب.