الوقت- منذ تعيين إيتمار بن غفير وزيرا للأمن القومي الإسرائيلي وهو يعيش حالة من القلق والتخبط بفعل فشل مخططاته للنيل من الفلسطينيين، عبر سرقة أراضيهم وطردهم من بيوتهم ومحاولة محاصرة بعض المناطق بعد كل عملية بطولية ينفذها شاب فلسطيني ويحقق خسائر كبيرة تضع بن غفير في موقف ساخر من الإسرائيليين. وانتقاما من الفلسطينيين يحاول بن غفير بشكل مستمر تمرير قوانين عنصرية عبر الكنيست ضد الأسرى في سجون الاحتلال وأخرى تتعلق بالاستيطان والقدس، حتى كُشف النقاب مؤخرا عن وحدة تدريب جديدة تتكون من مليشيات من المستوطنين ستتبعه مباشرة، استعدادًا لأي توتر قد يطرأ في شهر رمضان المبارك، وهدفها قمع الفلسطينيين في المدينة. وتجدر الإشارة إلى أن الكتيبة تسمى "الحرس الوطني" وستضم حوالي 4 آلاف متطوع، 95% منهم عبارة عن مستوطنين خريجين من وحدات الجيش القتالية، تسرحوا من الخدمة الإلزامية وانضموا لعصابات إجرامية لقتل الفلسطينيين وارتكاب مزيد من المجازر دون أن يحاسبهم أحد.
وحول هذا السياق، يقول عبد العزيز صالحة المختص في الشأن الإسرائيلي: إن تشكيل سرية إرهابية جديدة يشكل نقلة نوعية وخطيرة في الصراع الفلسطيني مع الاحتلال. وأوضح صالحة، أن أخطر ما في هذه الخطوة النية لارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الحديث يدور حول "حرس وطني" يعمل في مهمات داخلية أو نقاط التماس مع الفلسطينيين وهذه الوحدات تابعة للجيش أو الشرطة. وذكر صالحة أن المليشيات الجديدة عبارة عن عصابات صهيونية مسلحة تعمل تحت يد بن غفير، لافتا إلى أن خطورة العصابة تكمن في نية العدو ارتكاب مجازر وقتل الفلسطينيين باسم ميليشيات عسكرية غير محسوبة على الجيش.
ويشير إلى أن ارتكاب تلك المليشيات لأي عمليات إرهابية لن يدينها المجتمع الدولي أو يحاسبها؛ لكونها لا تتبع لجهة أمنية رسمية. ودعا زميلها النائب غلعاد كاريف رئيسَ "الشاباك" للتدخل، ووقف هذا الاتفاق مع بن غفير، مؤكداً أن تشكيل هذه الكتائب المسلحة تحت إمرة بن غفير تهديد خطير للديمقراطية الإسرائيلية، بما لا يقل عن خطورة التشريعات الانقلابية: "ينبغي إبقاء الحرس الوطني تحت قيادة الشرطة، لا تحت سلطة عناصر كاهانية عنصرية. هذه ساعتك يا رئيس الشاباك لمنع ذلك".
وقال المفتش السابق للشرطة الإسرائيلية موشيه كرادي، في مؤتمر صحفي جمعه مع قادة بارزين سابقين في المؤسسة الأمنية، إن وزير الأمن الداخلي "لا يفعل شيئاً سوى ملاحقة الفلسطينيين وحرمانهم من الرغيف". وقالت الحركة من أجل جودة الحكم إنه "لا مكان في دولة ديمقراطية لكتائب مسلحة تخضع لإمرة جهة سياسية". وتابعت: "مئات الآلاف من الإسرائيليين ممن خرجوا للتظاهر من أجل الديموقراطية لن يسمحوا بتشكيل قوات بوليسية فاشية. في النظام الديمقراطي هناك جيش واحد وشرطة واحدة وولاؤهما لسلطة القانون فحسب وليس لقائد سياسي".
وتعرّضَ بن غفير لانتقادات من جهة معسكر اليمين الصهيوني أيضاً فقد اتّهمتْه أوساطٌ مؤيدة للتشريعات بأنه باع اليمين. وعلى خلفية هذه الانتقادات، قال بن غفير، في تغريدة، إن "التشريعات ستمرّ، والحرس الوطني سيُقام، والميزانية التي طالبتُ فيها لوزارة الأمن سيصادَق عليها بالكامل، ولن يخيفنا أحد، ولا أحد سينجح في التغلب على الشعب". يذكر أن "الليكود" وعد بن غفير بإقامة "الحرس الوطني"، وتم تضمين ميزانيته ضمن موازنة الدولة الجديدة، لكن الوعود لم تطبّق حتى الآن، وحسب الاتفاق الجديد، أمس، سيطرح موضوع هذه الكتائب المسلحة في أول اجتماع قريب للحكومة.
ديمقراطية عبر ميلشيات بين غفير الإرهابية
من جهته، أكد حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، برئاسة النائب السابق سامي أبو شحادة، على أن توافق رؤساء الائتلاف والمعارضة في "إسرائيل" على الشروع بحوار لتمرير التعديلات القضائية، يأتي بعد خضوع نتنياهو لابتزازات بن غفير، وأهمها إقامة ميليشيات شرطة خاصة تخضع لأوامره، بهدف معلن منذ حملته الانتخابية، وهو تسليح المواطنين اليهود لمحاربة الفلسطينيين، وتنفيذ إعدامات ميدانية، وترهيب العرب في المدن المختلطة، على إثر هبّة الكرامة عام 2021، وما تبعها من أحداث، وهو ما يعتبر عصابة، لكن وفقًا للقانون وتحت وشاية ورعاية وزير مدان بالإرهاب في السابق.
وقال "التجمع الوطني الديمقراطي" إن "الديموقراطية" التي تمر عبر ابتزاز داعم للإرهاب، وإقامة ميليشيات خاصة بوزير مع خلفية جنائية لاستهداف العرب، هي ديمقراطية مزيفة ومستهجنة وغريبة من نوعها، ما يؤكد أن الصراع الدائر حالياً هو حول إعادة ترتيب حدود الديمقراطية لليهود فقط، مع تجاهل الاحتلال والعنصرية وصناعة المزيد من أدوات الأمن القامعة لكل ما هو عربي وفلسطيني.
كما أكد "التجمع"، في بيان، أن تجاهل العلاقة المباشرة بين الانتهاكات المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، والانقلاب على النظام القضائي، يعتبر أكبر دليل على أنَّ حركة الاحتجاج الحالية لم تخرج إلى الشوارع بهدف إنتاج ديمقراطية حقيقية، ومواطنة جوهرية متساوية، بل من أجل الحفاظ على معادلة "يهودية وديمقراطية"، والتي تؤكّد على الديمقراطية الإجرائية القائمة والمستندة إلى مفهوم الفوقية اليهودية. وأضاف "التجمّع" في بيانه: "السياسة الإسرائيلية ستعود حتمًا إلى النقطة ذاتها مرة تلو الأخرى، في حال عدم الاعتراف أولًا بالتناقض البنيوي المتأصل، بين نظام قائم على مفهوم الفوقية اليهودية، والسيطرة على مصير أكثر من نصف سكان البلاد أصحاب البلاد الأصليين، بالقوة والعنف، وبين نظام قائم على الديمقراطية الجوهرية والمساواة المدنية والقومية الكاملة".
لكن مقابل الغضب المتصاعد ضد بن غفير، يواصل نتنياهو الدفاع عنه، وكتب للمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، رداً على التماس للمحكمة العليا ضد تعيين بن غفير وزيراً، أنه تعزز الاعتقاد لديه أن التعيين "جدير ومعقول". وقال نتنياهو في رسالة إلى ميارا، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه "بعد ثلاثة أشهر من تعيين عضو الكنيست بن غفير وزيراً للأمن القومي، أعتقد بشكل أكبر أن هذا التعيين جدير ومعقول". وكتب نتنياهو في رسالته للمستشارة القضائية أنه "قررت تعيين بن غفير وزيراً للأمن القومي بعدما درست اعتبارات متنوعة واسعة، وبينها الثقة البالغة التي حظي بها في الانتخابات الأخيرة، وتعهده للناخب بتولي منصب وزير الأمن، وحجم كتلته الكبير في النسيج الائتلافي". وأضاف نتنياهو "بالطبع لم أستهن بمخالفاته وتصريحاته في الماضي غير المقبولة، لكني أخذت بالحسبان أنه غيّر أساليبه والمخالفات نُفذت عندما كان مواطناً شاباً. والآن تعزز اعتقادي بأن تعيينه جدير ومعقول ولا يمكن النظر إليه كتعيين غير مقبول بصورة متطرفة"