الوقت_ أشارت عايدة سليمان توما النائب العربية في الكنيست الإسرائيليّ (برلماني العدو)، إلى أنّ إعلان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، عن تشكيل ما أسماه “كتيبة متطوعين” في مدينة "اللد" والتي تقع على مسافة 16 كم جنوب شرق مدينة يافا (تل أبيب) ويقطنها عرب ومستوطنون صهاينة، هو محاولة لتأسيس ميليشيات مسلحة تبطش بالعرب في المدن الفلسطينية داخل كيان الاحتلال، ففي الفترة الماضية، قام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن عفير –المشهور بفاشيّته الشديدة- بزيادة منح تراخيص حمل الأسلحة الشخصية من نحو ألفين إلى 10 آلاف شهريا، ولا سيما للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، ما اعتبر إصراراً من كيان الاحتلال الغاصب على تجربة المُجرب وإعادة تكرار الأخطاء نفسها في فلسطين، ما يُنذر بانفجارات لا يُحمد عقباها في الساحة الفلسطينيّة مع توسيع سياسة منح رخص الأسلحة لعصابات المستوطنين.
سياسة القتل الإسرائيليّة
في الوقت الذي تضمن فيه بيان النائب العربيّة أن القرار يمثل تطبيقاً فعليّاً لمحاولات اليمين الصهيونيّ المتطرف لتأسيس ميليشيات وعصابات مدنية مسلحة، تحت مسمى "الحرس القومي"، وهذه المرة تحت غطاء كتائب شرطية تطوعية، يواصل كيان العدو سياسة الاستيطان والقتل المروعين بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يعني باختصار ارتفاع حدّة المقاومة والمواجهة في المنطقة التي تمادت فيها قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، فيما تؤكّد الوقائع أنّ حسابات تل أبيب خاطئة بامتياز، حيث بات الفلسطينيون يشعرون بأنّهم "جمر تحت الرماد"، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار "انتفاضة عارمة" ستغير الواقع الحالي ويمكن أن تكون أكثر مما يتخيل الإسرائيليون، في ظل تلك الحرب المباشرة التي أعلنها كبير الفاشيين في حكومة الاحتلال.
وحسب ما قالته توما، فإنّ الهدف الحقيقي الذي يسعى بن غفير لتحقيقه من تشكيل "الميليشيات اليهودية" هو إشعال المدن الفلسطينيّة التي يقطنها عرب ومستوطنون عن سابق إصرار وترصد، فهو من دعا لتسليح المدنيين وعسكرة المجتمع المدني في الكيان وتحديدا في المدن المختلطة وفي القدس المحتلة وفي الضفة الغربية أيضاً، معتبرة تلك الميليشيات هجومية وليست دفاعية هدفها إشغال الشارع وضرب المواطنين العرب بيد من حديد، حيث وجه “بن غفير” شعبة ترخيص الأسلحة النارية في الوزارة باتخاذ مجموعة من الخطوات في هذا الإطار، حيث إنه من اللحظة الأولى التي تحدث فيها المكتب الوطني أنّ وزير أمن الاحتلال الداخلي، جلعاد أردان، قد صادق على إجراء تعديلات بشأن حمل السلاح، تسمح لمليون مستوطن بالحصول على رخصة سلاح، تبيّن أنّ العدو الصهيونيّ غير مستعد لأدنى تغيير في منهجه الإباديّ ضد الفلسطينيين، وتأتي تلك الأنباء بعد سلسلة من الهجمات وعمليات المقاومة في القدس والضفة الغربية في الفترة الأخيرة رداً على الجرائم الإسرائيليّة، وقدوم حكومة نتنياهو الفاشيّة التي بدأت تمارس العنف المفرط وتؤيّد ارتكاب المستوطنين اليهود جرائم الإعدام بحق أبناء فلسطين.
وفي ظل "إعلان الحرب" من حكومة العدو ضد أبناء فلسطين، بما يؤكد أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين وصل حدا خطيرا للغاية لا يمكن السكوت عنه أبداً، ذكّرت النائب العربية في كنيست الكيان أنّ ما قامت به العصابات المسلحة قبل عامين بحق العرب في المدن المختلطة، قائلة: “نحن لم ولن ننسى أن العصابات الاستيطانية المسلحة التي كانت موجودة فعليا في اللد وعكا والقدس وغيرها من المدن الفلسطينية والمختلطة، في أيار 2021، دخلت هذه المدن بحماية ووساطة قيادة المستوطنين التي تجلس اليوم في الحكومة؛ ولم ننس تغريدة وزير الشرطة آنذاك ورئيس الكنيست اليوم أمير أوحانا الذي طالب بإطلاق سراح المستوطنين قتلَة الشهيد موسى حسونة، وأثنى على أهميّة تسليح المواطنين".
ومن الجدير بالذكر أنّ توما تحمل الحكومة الحالية في كيان العدو مسؤولية أي تصعيد في العاصمة الفلسطينية القدس أو اللد أو النقب أو الضفة وغيرها من المدن، وختمت قائلة:“من يعمل على إشعال النيران وعسكرة المدنيين وترسيخ العقلية العدوانية الأمنية تجاه المواطنين العرب، ويعمل منذ أشهر لترهيب المجتمع من شهر رمضان الكريم لدب حالة الرعب خدمة لأجنداته، هو الملام الأول لأي مواجهات تحصل"، فبالتزامن مع إعلان بن غفير عن تشكيل ميليشياته الشرطية، تصاعدت عمليات إتلاف المحاصيل الزراعية وهدم المنازل العربية ومصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية لاستهداف الفلسطينيين وأراضيهم وبيوتهم، ضمن مَشاريع تهدف إلى إبادتهم أو تهجيرهم من وطنهم.
خطورة تسليح المستوطنين
يمكن اعتبار أوامر العنصريّ “بن غفير” في زيادة أعداد إصدارات تراخيص الأسلحة أمراً خطيراً للغاية ضد أبناء فلسطين، بما يؤكد أن الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين، فدعم عصابات المستوطنين بآلاف الأسلحة لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق دون أيّ رادع قانونيّ أو إنسانيّ أو أخلاقيّ يمكن أن يودي بالأمور إلى ساحة حرب دامية، في ظل ارتفاع احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم، في كل الأراضي المحتلة، بسبب ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، وقيام قوات الاحتلال والمستوطنين باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.
وتؤكّد الوقائع أنّ الأهداف الإسرائيلية أخطر من ذلك بكثير والهدف الأول والأخير هو حصد أرواح الفلسطينيين، حيث تم تخفيض متطلبات حصول المستوطنين على رخصة سلاح ناري ضمن شروط أبرزها العيش في مستوطنة قريبة من جدار الفصل العنصريّ الذي يحد بين أراضي الـ48 و الـ67 المحتلة، في تطور خطير يعني السماح قتل الفلسطينيين وترهيبهم في بلادهم المحتلة عسكريّاً، ما يشي بارتفاع الرد الشعبيّ والفرديّ على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الأراضي الفلسطينية أرسلت رسائل عدّة للمحتل، أثبتت فيها أنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، وأنّ رد الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة في أراضيه المسلوبة سيكون بشكل دائم مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة.
وتشير المعلومات التي نشرها الإعلام التابع لعدو رغبة الحكومة وبن غير على وجه التحديد بتوفير استجابة فورية لحوالي 9 آلاف مستوطن ينتظرون الحصول على تصريح لحمل الأسلحة، وبالاستناد إلى أنّ التسهيلات تسمح للمستوطنين من صغار بالسن، ممن ينتمي أغلبيتهم لمنظمات إرهابية "كشبيبة التلال" وعصابات "تدفيع الثمن"، حيث يثبت الكيان من جديد حقيقته الدمويّة والإجراميّة، والدليل الآخر على الخطر الشديد لهذا القرار، هو وجود نحو 145 ألف إسرائيليّ في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 يحوزون على تصاريح لحمل السلاح، وهي لا تشمل الجنود وضباط الشرطة.
وفي المقلب الآخر، إنّ قيام حكومة الاحتلال العسكريّ لفلسطين بتخفيف معايير ترخيص الأسلحة سيزيد عدد المستوطنين الذين يحملون رخصة سلاح بنحو 35- 40 ألفًا، ما يعني أن الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع عدد المستوطنين الذين يحملون السلاح إلى ما يقارب 200 ألف، الشيء الذي يرفع بلا شك نسبة الجرائم الصهيونية بحق الأبرياء، كما أنّ العمليات الفدائية للشبان الفلسطينيين سترتفع لأقصى حدودها، لأنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة ولو بأبسط الوسائل.
نهاية القول، إنّ القرار العدوانيّ لحكومة الاحتلال العسكريّ يمثل عدواناً حقيقياً من قبل الصهاينة على أبناء فلسطين في كل المناطق الفلسطينيّة المحتلة، وهو شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ العنصريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة الفاشيّة، واعتراف من قبل حكومة العدو نفسها بجرائمهما المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، الشيء الذي يجب أن يدفع المجتمع الدوليّ بشكل أكبر إلى تحمل مسؤولياته بسرعة تجاه العنصريّة المقيتة التي تمارسها سلطات العدو، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي التي تؤكّدها كل يوم الأخبار الآتية من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، وبالتالي نقل ملف تسليح المستوطنين إلى المحافل الدولية، للتحذير من خطورة هذه الترتيبات، والمطالبة بتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطينيّ الذي سيكون رده في كل مرة انتفاضة عظيمة تسجل في تاريخه.