الوقت- في 9 يناير، تم هدم مسجد شاهي، وهو مسجد تاريخي من القرن السادس عشر في مدينة براياغراج بولاية أوتار براديش الهندية خلال مشروع لتوسيع الطريق. وقد حدث هذا التدمير بينما كان من المفترض، حسب إمام المسجد، أن تنظر المحكمة المحلية في عريضة لوقف هذا البرنامج الحضري بعد أسبوع.
وحسب وكالة الجزيرة الإخبارية، كان من المفترض أن يثير هذا الحادث غضب الرأي العام، لكن هذا الحادث بالكاد احتل الأنباء. أصبح هدم الهياكل التاريخية في الهند أمرًا شائعًا وفقد قوته في إحداث صدمة.
ومع ذلك، فإن مسجد شاهي ليس أول مسجد قديم أصبح ضحية لمشاريع توسيع الطرق. في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تم هدم مسجد عمره 300 عام في منطقة مظفرناغار بولاية أوتار براديش، وكان يقع على أرض طريق سريع!
مسجد آخر، وهو واحد من أكبر وأقدم المساجد في الهند، مسجد شمسي الجامع، وهو موقع تراثي وطني عمره 800 عام في بوداون في أوتار براديش، والذي تمت مقاضاته العام الماضي من قبل مزارع هندوسي محلي بدعم من مجموعة بهارات هندو ماهاسابها القومية اليمينية. حيث ادعت الجماعة أن المسجد "هيكل غير قانوني" بني على قمة معبد اللورد شيفا المدمر في القرن العاشر. وينص التماسهم على أن الهندوس لديهم ملكية قانونية للأرض ويجب أن يكونوا قادرين على العبادة هناك.
يستند ادعاء عدم شرعية المسجد إلى رواية يمينية متطرفة مفادها بأن معظم المساجد في الهند كانت في وقت ما معابد هندوسية وتم تحويلها بالقوة إلى مساجد من قبل الحكام المسلمين. على الرغم من أن معظم المؤرخين اليوم يرفضون هذه الادعاءات بسبب عدم وجود أدلة كافية، إلا أن هذه الرواية تتمتع بدعم كبير بين الهندوس.
باتت حكومة حزب بهاراتيا جاناتا التي يتزعمها رئيس الوزراء ناريندرا مودي مرتبطة بشكل متزايد بأجندة مدمرة. بدأت جهود الحزب لتوحيد الهند ثقافيًا بإعادة تسمية الأماكن بكلمات هندوسية وانتقلت إلى استراتيجيات جديدة مثل تدمير الآثار الإسلامية والحفريات الأثرية للعثور على جذور هندوسية في المواقع الدينية الإسلامية.
في السنوات القليلة الماضية، كان هناك كثير من الجدل حول آثار العصر المغولي. حتى تاج محل، وهو نصب تاريخي ذو أهمية عالمية، لم يسلم من التطرف. حيث تزعم الجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة، مرة أخرى دون أي دليل، أن المبنى كان معبدًا هندوسيًا. وقدمت جماعات هندوسية يمينية عشرات الالتماسات ضد مساجد في جميع أنحاء البلاد.
في السنوات القليلة الماضية، شهدنا أيضًا تفعيل جهاز غير رسمي للمتطوعين الدينيين الذين يستخدمون الاحتفالات الدينية للسيطرة على الأماكن الدينية الإسلامية، بما في ذلك المساجد والأضرحة الإسلامية. حيث تم خلال العديد من احتفالات المهرجانات الهندوسية في عام 2022، بما في ذلك رام نافامي وهانومان جايانتي، دخول حشود هندوسية مسلحة، يقودها أحيانًا أعضاء من الحزب الحاكم إلى الأحياء الإسلامية وترديد شعارات وهم يرفعون الأعلام الهندوسية على المساجد.
من المهم أن نتذكر أن الإيمان بالملكية الحصرية للأرض في الهند لم يظهر عندما وصل حزب بهاراتيا إلى السلطة، ولكنه كان دائمًا أحد المبادئ المهمة للفكر القومي الهندوسي كلوالکار أحد مؤسسي القومية الهندوسية، في نصه الأكثر شهرة، يدعي أنه "أينما يوجد مسجد مسلم أو محلة [مستعمرة]، يعتقد المسلمون أن هذا المكان هو منطقتهم المنفصلة".
لم يكن من قبيل المصادفة أن تدمير مسجد تاريخي غذى صعود السياسة القومية اليمينية المتطرفة التي تهيمن على الهند اليوم. كان التدمير غير القانوني للمسجد التاريخي الذي يعود إلى عهد المغول، مسجد بابري، في 6 ديسمبر 1992، إعلانًا صامتًا للحرب ضد التاريخ. تم تحويل هذا المسجد إلى أنقاض من قبل متطوعين دينيين زعموا أن معبداً قديما كان موجودًا هناك. تلتقط صور المسجد المدمر فكرة الهند ما قبل بابري وما بعد بابري، ما يشير إلى بداية مشروع قومي يرفض كل احتمالات التعددية في أرض الهند.
أدى تدمير مسجد بابري، الذي كان من نواح كثيرة أهم حدث في الهند بعد الاستقلال، إلى بدء سلسلة من العنف في عدة مدن بلغت ذروتها في أعمال شغب واسعة النطاق في الهند. بعد ذلك، تغير النسيج الاجتماعي للمدن الهندية بشكل جذري وأعيد تنظيم المساحات الحضرية على أسس دينية. لا تزال ذكرى تلك المواجهات العنيفة أحد دوافع الفصل الجغرافي في العديد من المدن الهندية.
في غضون ذلك، في عام 2019، قضت المحكمة العليا في الهند بتسليم أرض مسجد بابري كمكان ولادة "اللورد راما" إلى الهندوس. شجع هذا الجناح اليميني على التحول من عنف الغوغاء غير القانوني إلى الأساليب القانونية.
منذ ذلك الحين، طعنت الجماعات الهندوسية في استمرار وجود مسجدي ماثورا وفاراناسي التاريخيين من خلال دعاوى قضائية، وأمرت محكمة ماثورا بإجراء تحقيق في ادعاء الملتمسين أن موقع مسجد شاهي إدجاه هو في الواقع مسقط رأس "كريشنا".
أنشأت عدة ولايات في الهند، بما في ذلك كشمير وأوتاراخاند وأوتار براديش، مواقعها الدينية الهندوسية. يستلزم إطار عمل الفكر القومي الهندي نشر الانطباع الهندي المكاني حيث يتم تعريف أراضي الهند بأكملها على أنها منظر طبيعي مقدس في مفردات دينية هندوسية صريحة.
لقد اعتمد اقتصاد القومية الهندوسية اليوم دائمًا على جعل التاريخ أهم مكان له، والذي تجب إعادة تشكيله لتبرير حكمه الحالي. يدعي غولوالكار أيضًا أن المسلمين حولوا الوطن الهندوسي إلى "مجرد فندق، مجرد أرض للمتعة"، ما يعني فعليًا مساواة وجود المسلمين والمساجد بانتهاك رمزي للوطن الهندوسي.
لذلك، في ظل هذه الرؤية القومية، يُنظر إلى أي علامة للتعبير الثقافي في العمارة الإسلامية على أنها انتهاك لنقاء الأرض المقدسة أو بهارات ماتا. إنها روح الانتقام التي لا تزال قائمة، في حين أن واقع العنف المستمر اليوم ضد المساجد الهندية القديمة يمكن فهمه بشكل أفضل من خلال جذوره العميقة.
تاريخيًا، كان التطهير الثقافي لشعب بأكمله مصحوبًا بتدمير المعالم التاريخية والنية الواضحة لمحو ذكرياتهم. لأخذ مستقبل الناس، أولاً يتم تدمير ماضيهم على الأرض.
تُظهر أحداث ليلة "الزجاج المكسور" المأساوية في ألمانيا هذه الظاهرة على وجه التحديد. احترقت المئات من المعابد اليهودية، بينما تضرر العديد من المعابد الأخرى في ليلة ربما كانت بمثابة بداية المراحل الأخيرة من الهولوكوست. لم يتم تدمير هذه المباني لأنها كانت تؤوي اليهود، ولكن لأنها كانت تدل على وجود اليهود في تلك الأرض.
تخلق الآثار، نظرًا لدوامها وخلودها، مساحة للمجتمعات وتعمل كنقطة ثابتة يتم حولها إقامة التقاليد. لذلك، فإن تدميرها ليس فقط علامة على إعادة ترتيب العلاقات الجغرافية، ولكن أيضًا إعادة بناء التقاليد التاريخية. وبالتالي، فإن العنف المكاني ليس مجرد أداة انتقامية عدوانية للإرهاب، ولكنه استراتيجية محسوبة تهدف إلى إعادة خلق المعاني الثقافية المرتبطة بالأرض وإعادة تعريفها بناءً على لغة مفاهيمية قومية.
إن العمل السياسي لحزب بهاراتيا الذي يتزعمه رئيس الوزراء وحلفاؤه الهندوس اليمينيون المتطرفون أشبه بآلة حرب عالقة في محاولة مسعورة لا نهاية لها لتفكيك الزمن. يتم تعويض الفشل في العثور على روح الماضي باختراع شبحه في الحاضر، وأصبحت هذه المباني ميدانًا لهذه الحرب بالوكالة.