الوقت_ في فضيحة جديدة للسياسة الإسرائيليّة المتطرفة، دعا مؤخراً عضو الكنيست تسفي سوكوت، من حزب "الصهيونية الدينية" المعروف بتشدده، بمصادرة كامل الأموال التي جُمِعَت من أجل أبناء فلسطين الذين أصبحوا ضحايا عنف المستوطنين في بلدة "حوارة"، وذلك عقب الإدانات العربية والدولية التي أثارتها تصريحات وزير المالية في حكومة العدو بتسلئيل سموتريتش، ومحاولاته الفاشلة التنصل منها، حيث تضمنت محو بلدة "حوارة" الفلسطينية شمال الضفة الغربية المحتلة، زاعماً أنها لم تكن مقصودة، لكن حديث سوكوت يكشف عمق العنصرية والطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني في الوقت الذي تتصاعد فيه الوحشيّة الإسرائيليّة بحق الشعب الفلسطينيّ، وانتهاج "إسرائيل" سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملته، ناهيك عن المنهج الإباديّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، ما يستدعي أن يتحمل المجتمع الدوليّ مسؤولياته الفوريّة تجاه فلسطين ومساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ.
تمييزٌ عنصريّ
كشفت صحيفة Jerusalem Postالعبرية، أن طلب سوكوت جاء بعد إطلاق الناشط اليساري، يايا فينك، حملة لجمع التبرعات من أجل الفلسطينيين المتضررين في منطقة حوارة، ونجح فينك في جمع أكثر من 1.5 مليون شيكل من أجلهم، بعد وقتٍ قصير من إحراق المستوطنين العديد من سيارات ومنازل البلدة، لكنّ سوكوت طالب وزارة الدفاع بالحرص على عدم وصول الأموال المجمّعة إلى أيدي من وصفهم بـ"الإرهابيين وداعمي الإرهاب"، فيما يشهد العالم على إجرام العدو الإسرائيلي الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، واتهامات المنظمات الحقوقيّة الدوليّة المعنية بحقوق الإنسان، بانتهاج الكيان الباغي سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، وإنّ الاحتلال المجرم يعترف بكل وقاحة باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، ورغبته بالهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لصالح الإسرائيليين اليهود.
"إن جمع الأموال وتحويلها إلى الإرهابيين المُفرَج عنهم وداعمي الإرهاب يمثل انتهاكاً للقانون، ونحن نعيش في دولة قانون ويجب على الأشخاص المهتمين بإنشاء حملات، وجمع الأموال من العامة لدعم الفلسطينيين في حوارة، أن يلتزموا بقوانين البلاد، بغض النظر عن دوافعهم"، هذا ما ركّزت عليه تصريحات سوكوت، ما أكّد من جديد أنّ الإجرام الإسرائيليّ لا مثيل له في العالم، في وقت ينتهك فيه العدو الصهيوني المجرم القانون الدولي بشكل لحظيّ ويغض الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، إضافة إلى استمرار التعنت الإسرائيلي في استخدام الآلة العسكرية الاحتلاليّة لإبادة هذا الشعب وسرقة أراضه والأراضي العربيّة المحتلة لصالح عصابات المستوطنين التي جُلبت من أصقاع الأرض.
وفي الوقت الذي شهدت فيه بلدة حوارة في 26 فبراير/شباط 2023، هجمات غير مسبوقة شنّتها عصابات المستوطنين، وأسفرت عن قتل فلسطيني، وإصابة عشرات آخرين، وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات، وذلك بعد مقتل مستوطنين اثنين في إطلاق نار قرب البلدة، قال عضو الكنيست المتطرف: "إذا لم تكن الأموال مراقبة، أو إذا كان هناك سبب قلق منطقي من تحويلها إلى من وصفهم بالإرهابيين، فسوف نطالب وزارة الدفاع بمصادرة تلك الأموال".
فيما أشارت مواقع إخباريّة نقلاً عن شهود عيان من السكان أنّ هذا العنف واسع النطاق لم يُشهد بهذه الدرجة من قبل، رغم أن الاشتباكات في حوارة مستمرة منذ سنوات، وقد أثار عنف المستوطنين في البلدة الفلسطينية إدانات جماعية في أرجاء العالم حتى الولايات المتحدة نفسها الداعم الأول لكيان الاحتلال.
وبالاستناد إلى أن أكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربية، والمستوطنون الذين يعيشون حول نابلس هم من بين أكثر المستوطنين تشدداً، ويرى كثيرون منهم أنهم يمارسون حقاً توراتياً في الضفة الغربية، التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقبلية عليها، يقول سكان حوارة وقرى مجاورة إنهم يشعرون بالعجز في مواجهة الهجمات المتصاعدة من قبل المستوطنين، في ظل عدم تلقيهم حماية لا من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ولا قوات الاحتلال التي عادة ما تساند المستوطنين في أيّ هجوم، حيث سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 849 هجوماً شنّها مستوطنون العام الفائت، وأسفرت عن ضحايا أو أضرار في الممتلكات في أنحاء الضفة الغربية، وهو أعلى عدد يعلنه المكتب منذ أن بدأ رصد هجماتهم في عام 2005.
برهانٌ جديد
برهنت تصريحات المسؤول الإسرائيليّ من جديد على أنّ الكيان الصهيونيّ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، فهم يعتبرون أنّ الفلسطينيين ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين، وهذا حرفيّاً ما تدل عليه صريحات البرلمانيّ العنصريّ، فلم يترك الصهاينة سوى حلاً وحيداً للفلسطينيين هو وقوع "ثورة غضب" عارمة بوجه الاحتلال وعصاباته تنهي جبروتهم وطلمهم، لأنّ التصدي للصهاينة وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها.
وإنّ تاريخ الصهاينة أقذر مما يتخيل البعض، وخاصة أنّ جميع المجازر التي ارتكبتها مختلف العصابات الصهيونيّة اشتركت بإلقاء المتفجرات على الفلسطينيين وفتح النار في جميع الاتجاهات، فضلاً عن استخدام الأسلحة البيضاء الحادة دون أي تمييز بين شباب أو مسنين أو أطفال ونساء، وتخلل بعضها شق رؤوس أطفال بالعصيّ، ولم يخل منزل من الجثث، ثم اقتادوا النساء والرجال وأبقوهم دون ماء أو طعام، وفجروا المنازل بمن فيها، فإن المطلوب هو أن يكون أبناء الشعب موحدين دائماً حول مطالبهم، وإن قدرهم يجب ألا يكون إما تحت سطوة عصابات الاجرام، أو تحت الحكم العسكري، لأنهم أبناء هذا الوطن ويجب أن يكونوا موحدين حول حقوقهم ومقدساتهم وقدسهم وأقصاهم وبيوتهم وشعبهم، لأنهم جميعاً وباختصار “مهددون”.
وبذلك، يكشف الإسرائيليون بأنفسهم، ويوماً بعد آخر، حقيقة "إسرائيل" الدمويّة، في وقت تتصاعد الرغبة الإسرائيليّة في قتل المدنيين وتدمير مستقبلهم ومقدساتهم وتهديد أرواحهم، وكأن الصهاينة وآلتهم العسكريّة يودون إخبارنا بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه وليفعل العالم ما يشاء، وإنّ التصريحات الأخيرة هي بمثابة شهادة إسرائيليّة محقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة.