الوقت - أظهرت العملية التي أدت إلى مقتل اثنين من الصهاينة في جنوب نابلس وما تلاها من أعمال همجية قام بها المستوطنون، أن إمکانية اشتعال الضفة الغربية قد ازدادت بشكل كبير.
وفي هذا الصدد، أكد المحلل البارز في صحيفة "هآرتس" عاموس هريئيل في مذكرة نشرت في الصحيفة: وقعت هذه الأحداث بالضبط عندما عقد مؤتمر العقبة الدولي تحت إدارة حكومة الولايات المتحدة، ليثبت مرةً أخرى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يتحكم في الوضع، بما في ذلك الوضع السياسي في "إسرائيل".
وحسب اعتراف هذا المحلل الصهيوني، قبل حادثة نابلس، اقتحمت قوات كبيرة من الجيش والأمن حي القصبة في نابلس الأسبوع الماضي لاعتقال عناصر من عرين الأسود، وأدى الهجوم إلى صراع عنيف قتل فيه 11 فلسطينياً، وزادت بعدها بشكل حاد التحذيرات من عمليات ومحاولات فلسطينية للانتقام.
إن مجموعة "عرين الأسود"، التي اعتقدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبل أربعة أشهر أنها تعرضت للقمع والتدمير بشكل كامل، لا تزال على قيد الحياة، وبدلاً من النشطاء الذين قُتلوا، ينشط أناس جدد، مستوحين من الروح نفسها التي کانت لدی الأشخاص السابقين (المقاتلين).
هؤلاء هم الذين لديهم اليوم موقعهم الخاص(المحترم) في نابلس، وحتى يمكنهم أن يعلنوا بفخر أن لديهم خطهم السياسي الخاص، والذي ينتقد بشدة منظمة السلطة الفلسطينية. في غضون ذلك، تحدث صحفي صهيوني أيضاً عن قيام الفلسطينيين بفرض معادلة الدم بالدم.
فحسب يوني بن مناخيم الذي ينشر آراءه وتحليلاته في مختلف وسائل الإعلام وفي الفضاء الإلكتروني، يحاول الفلسطينيون حالياً فرض معادلة جديدة(في صراعهم مع الصهاينة)، وهي باختصار الدم مقابل الدم. أي، مقابل أعمال الجيش الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين، سيُقتل جنود صهاينة ومستوطنون.
ومثل العديد من الخبراء الصهاينة، يؤكد أن مسار العمليات الفلسطينية يظهر أن الأوضاع الأمنية الإسرائيلية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وهذا أمر ملموس أكثر في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، والمقاومة تفرض مخططاتها في ساحة المعركة قبل رمضان.
وكتب بن مناخيم في إشارة إلى عملية حوارة: يسكن المئات من الجنود والمستوطنين بالقرب من حوارة، والطريق الدائري المحيط مزدحم للغاية، وعادةً ما تضطر السيارات(الصهيونية) للمرور من هذه القرية الفلسطينية، وهو ما يمكن أن يصبح فخاً لأي إسرائيلي يختار هذا الطريق لعبوره.
ويؤكد في جزء آخر من مقاله: إن عملية حوارة و(قتل) مستوطنين اثنين التي حدثت يوم الأحد الماضي، كانت تهدف إلى إرسال رسالة إلى اجتماع العقبة مفادها بأن منظمة السلطة الفلسطينية لم تعد تسيطر على الوضع في الميدان، والمقاتلون (الفلسطينيون) هم الذين يسيطرون على الميدان.
ويرى هذا الخبير، والذي کان أيضًا مديرًا عامًا لإذاعة الکيان الصهيوني، أن عملية المقاتلين الفلسطينيين هي صفعة قوية في وجه منظمة السلطة الفلسطينية التي شاركت في لقاء العقبة، وبالفعل أظهرت هذه العملية أن لقاء العقبة ولد ميتاً.
كما أشار بن مناخيم إلى المقاتلين الفلسطينيين، وأكد أنهم يسعون من خلال عملياتهم إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وعلى الرغم من حقيقة أن المجتمع الدولي منشغل بالحرب في أوكرانيا، إلا أنهم يحاولون إظهار أن القضية الفلسطينية موجودة أيضًا.
وفي هذه الأثناء، استولت المنظمات الفلسطينية تدريجياً على أجزاء أخرى من الضفة الغربية، ونتيجةً لذلك، فإن منظمة السلطة الفلسطينية وزعيمها، محمود عباس، يتراجعون أكثر فأكثر إلى الوراء.
وفي تحليل لأوضاع الكيان الصهيوني في ظل العمليات المناهضة للصهيونية في الأيام القليلة الماضية، كتب موقع إنتل تايمز: "يحاول الجميع مقارنة إسرائيل بالدول الغربية، لكن ما شهدناه في قرية حوارة يظهر التآكل الشديد والهشاشة التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي".
ووفقًا لهذا الموقع، فإن (ضربات المقاتلين الفلسطينيين من جه) والاختلافات الشديدة في بنية الجيش بسبب تصرفات نتنياهو في تغيير القوانين(من جهة أخرى)، تجعل "إسرائيل" تجد تدريجياً ظروفاً مشابهةً لفترة الحروب الأهلية في لبنان، حيث يقوم كل طرف بتجهيز ميليشياته الخاصة حسب رأيه وفكره، وبهذه الطريقة يحاول تنفيذ أهدافه، حتى لو أدى ذلك إلى وضع مثل الحرب الأهلية اللبنانية.