الوقت_ بالتزامن مع استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة أكثر من 100 برصاص قوات المستعمر الإسرائيلي أثناء اقتحام الاحتلال مدينة نابلس، أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أن المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة حكومة نتنياهو الفاشية، في الوقت الذي تعيش فيه فلسطين أوضاعاً متوترة للغاية وعمليات استهداف لأبنائها في مخيماتهم، ناهيك عن عمليات الإعدام الميداني واقتحام في المسجد الأقصى المبارك بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، حيث تؤكد فصائل المقاومة الفلسطينية أنه لا يوجد وقف لإطلاق النار مع الكيان الصهيوني المحتل وأن المقاومة مستعدة لخوض الحرب للدفاع عن الفلسطينيين ومقدساتهم إذا اشتدت جرائم العصابات الصهيونيّة، ما يشي بانفجار مخيف للأوضاع، بعد أن فتحت تل أبيب أبواب جهنم على نفسها من خلال منهج تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، لدرجة اشتراك وجهة النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول المستقبل الخطير لهذه المنطقة نتيجة للتمادي الإسرائيليّ الذي بات ملموساً بشدة وخاصة عقب وصول أشد الفاشيين الصهاينة إلى الحكم.
السلطة وسياسة بيع الأوهام
بدأ بيان الفصائل الفلسطينيّة بتنديد شديد بالتراجع الرسميّ للسلطة الفلسطينيّة في ملف المستوطنات الصهيونية وإصدارها بياناً "لا قيمة له" حول ذلك، وأكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أن التعامل الإسرائيلي مع رام الله يجري مقابل التراجع عن مواقفها ضد الصهاينة، ما يعني الاستمرار في بيع سلسلة الأوهام للشعب الفلسطيني والاستسلام للحكومة الأمريكية، والتواطؤ مع الكيان الصهيوني، في ظل الحديث عن قناة اتصال سريّة تعمل منذ أكثر من شهر بين مكتب رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ومكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على الرغم من كل الإجراءات العدائيّة الاحتلاليّة لحكومة العدو المُتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، في وقت تمتلك الكثير من الأوراق السياسية والأمنية للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي الذي لم يترك أخضر ولا يابسا، وزادت حدته بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إلا أنّنا لم نشهد أيّ رد من السلطة التي يتم التعامل معها من قبل الإسرائيليين بإذلال واستعباد لا مثيل له.
وجاء هذا البيان بالاشتراك بين كل فصائل المقاومة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية والجبهة الشعبية - القيادة العامة وقادة معركة التحرير، ليظهر الإجماع الفلسطيني على ضرورة فك ارتباط رام الله مع الصهاينة، رغم أن عباس ومن حوله أثقبوا مسامعنا بالعبارات التي تتحدث أنّ السلطة ستوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله مع الكيان، وتُعلق الاتفاقيات السابقة مع تل أبيب وتسحب الاعتراف، لكن وفي كل مرة تساهم السلطة بشكل أكبر في تطبيق مشاريع الكيان الغاصب التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة من خلال التعاون اللامحدود مع الإسرائيليين، في وقت سقطت فيه سقوطاً مدويّاً من قلوب الفلسطينيين وباتت أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته، والوقائع تثبت في كل مرة أنّ السلطة الفلسطينيّة لن تكون في يوم من الأيام ممثلاً شرعيّاً لمطالب الفلسطينيين الذين يعيشون الويلات بسببها على أراضيهم المسلوبة.
وفي الوقت الذي انخرطت فيه رام الله في المعركة ضد الفلسطينيين، بما يشجع كيان الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين من خلال القتل الميداني ومخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس، أشارت فصائل المقاومة في فلسطين إلى أن هذه الصفقة التي تم رفضها من وجهة نظر الشعب وطنياً وسياسياً، ونظراً لتزايد النضال الفلسطيني ضد الصهاينة، تدل على خطورة أسلوب السلطة الفلسطينية وانعكاساته المدمرة على حقوق الأمة الفلسطينية، فالضفة الغربيّة لو لم تكن مرهونة بقرارات السلطة المتعاونة مع العدو العنصريّ، لما وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لهذا الحد، رغم أنها لم تحصّل أيّ فائدة من العلاقات مع الكيان واستمرارها بالتنسيق الكامل معه، مقابل وقوفها في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة الإرهاب الصهيوني والتطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد.
وعلى هذا الأساس، بات الشعب الفلسطينيّ بأكمله –حتى من يعمل مع فتح أو السلطة- يعلم أنّ الأخيرة ليست قادرة سوى على التصريحات الإعلامية الجوفاء، فيما يعترف الإسرائيليون دائماً بعدم رغبتهم بالسلام أو حتى التفاوض معها، كما يفرض العدو واقعه الاحتلاليّ في مناطق الضفة والعاصمة الفلسطينيّة المحتلة القدس ويحاصر قطاع غزة ويزيد من جرائمه الشنيعة وخطواته التصعيديّة الكثيرة بدءاً من جنايات القتل والإعدام الميدانيّ ومروراً بطرد الأهالي من ديارهم وحرمانهم من لقمة عيشهم وليس انتهاء عند الاعتداء على المقدسات والنشاطات الاستيطانيّة المخالفة للشرعيّة الدوليّة.
المقاومة الشعبيّة خَيار أوحد
بشكل واضح وصريح بيّنت فصائل المقاومة الفلسطينية أن الواجب الوطني هو التحرك في طريق المقاومة الشعبية ضد الصهاينة من أجل تعزيز مكانة الشعب الفلسطيني، لأن الكيان الصهيوني وحكومته الفاشية لن يوقفوا سياساتهم وخططهم إلا بمقاومة شاملة، وبالفعل تُشير الوقائع على الساحة الفلسطينيّة إلى القرارات التي تصدر عن الحكومة الفاشيّة في تل أبيب وداخل الغرف المغلقة لمسؤوليها العنصريين وإلى أنّ الأمور تسير نحو المجهول، فجميعها تؤدي إلى استنتاج واحد لا غير، يتلخص في أنّ نتنياهو يريد القتل والدمار والحرب، وذلك في ظل تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال الغاشم وقتل أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967.
"المقاومة يجب أن تؤدي إلى تحرير الأرض الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة للشعب الفلسطيني عاصمتها القدس الشريف"، هو المطلب الشعبيّ الوحيد لهذا الشعب الرازح تحت نير الإرهاب الصهيونيّ، حيث إن مسلسل القتل والعربدة والاعتداءات الإسرائيلية بات مستمراً بشكل يومي، الأمر الذي بعثر الأوراق الأمنية كثيرًا، ويرسخ نظرية الاحتلال الغاصب التي تعتمد على جر قدم المقاومة وأبناء هذا الشعب لجولة تصعيد جديدة ومختلفة قد تصل لحرب شعواء، ربما لا تقف عند حدود فلسطين.
وبما أن فلسطين تعيش بشكل كبير أوضاعاً متوترة للغاية وعمليات استهداف مكثفة لأبنائها هذه الأيام، حذرت فصائل المقاومة في فلسطين من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع ويصل إلى حد مرحلة خطيرة للغاية، فالتصعيد الأمنيّ في القدس والضفة الغربية حذر منه مسؤولون إسرائيليون أيضاً، تحسسوا خطر تصرفات حكومتهم الطائشة على ما يبدو، في ظل السياسية الصهيونيّة العدوانية المتعلقة بالقدس والضفة الغربيّة والتي بات سكانها يوصفون بأنّهم "جمر تحت الرماد"، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار "انتفاضة شعبية عارمة" ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين، بعد أن شعر الفلسطينيون أنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير.
ومع ارتفاع حدة الاعتداءات والإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين الصهاينة، تدعو الفصائل الفلسطينيّة بشكل مستمر أبناء الشعب الفلسطينيّ في الضفة والقدس والداخل المحتل، لإشعال الأرض الفلسطينيّة المحتلة تحت أقدام جنود الاحتلال رداً وثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء العاصمة الفلسطينية والضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة، لأنّ قوات الاحتلال لا يمكن أن تكف عن قتل واستهداف وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وفقاً لما أثبتته الوقائع.
ختاماً، إنّ المقاومة هي الضمان الوحيد لردع الكيان الصهيوني المحتل عن هجماته وجرائمه ضد الفلسطينيين، في ظل اقتراب تحول الساحة الفلسطينيّة إلى "ساحة مقاومة" لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، عقب تجربة مُرة مع الصهاينة وآلتهم العسكريّة رسّخت قناعة عند الفلسطينيين بأنّ أرواحم مهددة ومطالبهم غير مسموعة، وعلى حكومة العدو أن تستعد لما هو آت بعد أن أوصلوا خلال سنوات احتلالهم رسالة للشعب الفلسطينيّ بأنّهم غير مستعدين سوى لسفك الدماء وسلب الأراضي، لكن المقاومة الفلسطينيّة لن تسمح للكيان الصهيونيّ الغاشم بالاستفراد بفلسطين، وسيواصل الشعب الفلسطيني ثورته التي لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، وإنّ كل الخيارات مفتوحة للمقاومة لمواجهة العدو.