الوقت- من الواضح أن حكومة نتنياهو التي تشكلت مؤخراً هي عنوان للتطرف فالحكومة حتى قبل تشكلها لقيت معارضة كبيرة في أوساط المجتمع الإسرائيلي حيث شهدت تل ابيب العديد من الأحداث قبل أن تشُكل الحكومة، فلقد خرجت العديد من المظاهرات التي عارضت بشكل كبير ضم نتنياهو لأعضاء متطرفيين كغالبية في حكومته، من جهةٍ اخرى وفي هذا السياق فإن الحكومة الجديدة باتت ايضاً محط اهتمام الجميع بمن فيهم الفلسطينيون والعرب وحتى أوروبا وأمريكا ، وما لا يخفى على احد أن الائتلاف الجديد قدم وثيقة بأبرز الخطوط العريضة للحكومة المقبلة، إلى الكنيست، تتبنى أفكار اليمين المتطرف الفاشي، وجاء في البند الأول في الوثيقة أن “للشعب اليهودي حق حصري وغير قابل للتقويض على كل مناطق أرض فلسطين، وستدفع الحكومة نحو تطور الاستيطان في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية المحتلة، في الحقيقة إن هذه الوثيقة تشكل إعلانًا واضحًا وصريحًا عن توجهات الحكومة العنصرية والقمعية وتعزيز الفوقية اليهودية وتعزيز الفصل العنصري، والعمل على تعزيز مكانة القدس كاملة كعاصمة للاحتلال وتعزيز الاستيطان، فهذة الخطوط العريضة لحكومة نتنياهو تُهدف بشكل صريح إلى تعزيز الاضطهاد والتمييز العنصري الممنهج ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل والتعامل معهم باعتبارهم أعداء وتعزيز تعامل شرطة الاحتلال و”الشاباك” معهم بشكل قمعي.
نتنياهو سيسمح بضمٍّ فعليٍّ للضفّة دون إعلان رسميٍّ
موخراً ذكر معلّق الشؤون السياسية في موقع "WALLA "باراك رابيد أنّ اتفاق الائتلاف بين حزبي (الليكود) و(الصهيونية الدينيّة) لبتسلئيل سموتريتش، الذي أصبح وزيرًا للمالية، يمنح صلاحيات غير مسبوقة للأخير، بما يتعلّق بالبناء في المستوطنات والعلاقات مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ويقلل من وزن جيش الاحتلال، ويقوض من شأن الاعتبارات الأمنية، ويزيد من وزن الاعتبارات السياسية في صناعة القرار واعتبر أنّ الصلاحيات التي حصل عليها سموتريتش “تحقق الحلم بالنسبة للوبي المستوطنات”، موضحًا أنّ سموتريتش هو مستوطن، وشخصية يمينية متطرفة ويدعم التفوق اليهوديّ الذي يعنيه ضمّ الضفة الغربية، وتوسيع البناء في المستوطنات وزيادة هدم منازل الفلسطينيين في محاولة لإخراجهم من المنطقة، ولفت إلى أنّ جميع الصلاحيات التي تلقاها سموتريتش تتعلق بمجالات ذات حساسية سياسية ودولية كبيرة، وخاصة في الوقت الذي يجلس فيه رئيس من الحزب الديمقراطي في البيت الأبيض والذي تجري فيه إجراءات ضدّ "إسرائيل" في محكمتين دوليتين واعتبر رابيد أنّ الصلاحيات التي حصل عليها سموتريتش ستشكل تغييرًا مهمًا في الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
ما هي التداعيات ؟
يمكن القول بوضوح إن الحكومة "الإسرائيلية" الجديدة هي الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني وستؤدي إلى زيادة الانقسامات الداخلية والنزاع مع الفلسطينيين، فعلى مدى العقود الماضية، سعت "إسرائيل" إلى بناء المستوطنات في الضفة الغربية في ظل جميع حكوماتها. وبالتالي من الواضح أن الحكومة الجديدة سوف تدفع أكثر باتجاه توسيع المستوطنات وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية الأصغر، وتؤشّر مخططات تركيبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي إلى أن الفلسطينيين يقفون أمام محطة مفصلية، حيث تنجح أحزاب "الصهيونية الدينية" في الاستحواذ على صلاحيات مهمة، من بينها الأمن في الضفة الغربية خاصة، وهو ما سيقود بالضرورة إلى تصعيد في المواجهة مع الفلسطينيين بكل أماكن وجوده، أما في ما يتعلّق بالقدس والمقدسات، أن حكومة نتنياهو وبموجب تصريحاتها المعلنة، ستسعى خلال عام 2023، إلى حسم معركة السيادة على المسجد الأقصى لصالحها، وبالتالي سيكون هناك تداعيات على فلسطينيي 48، وخاصة في النقب (جنوب) الذي يخوض أهله معركة دفاعية ووجودية لمنع مصادرة 800 ألف دونم من أراضيهم، وهدم وتشريد 40 قرية لا تعترف بها "إسرائيل"، وهذا ينذر بمواجهات، فقيام الحكومة الإسرائيلية بتكثيف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس بالتوازي مع الاستمرار في عمليات التهجير والاعتقال والاغتيال وهدم المنازل ومصادرة الأراضي فضلا عن القيام بضم أجزاء من الضفة الغربية لتلتهم الأرض الفلسطينية سيكون له عواقب وخيمة على حكومة الكيان الصهيوني ولن يظل أبناء الشعب الفلسطيني مكتوفي الأيدي أمام ممارسات الحكومة الصهيونية الجديدة، حيث إن تصعيد الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين سوف يكون إيذانا بانفجار الانتفاضة الثالثة التي سوف تكون الأكثر عنفا والتي بدأت بعض ملامحها تظهر بالفعل في الضفة الغربية.
استياء ضد حكومة نتنياهو
إن حالة الاستياء في أوساط المجتمع الدوليّ، وخصوصًا فيما يتعلق بأعمال “المنسّق”، بالصيغة الجديدة، على “تطوير” وتوسيع البناء الاستيطانيّ الإسرائيليّ، سيعزز الكراهية ضد الكيان الصهيوني من طرف جهات سياسية عديدة، حيث إن التغيير البنيوي المتوقع يمكن أنْ يسمح بـ “ضمٍّ فعليٍّ” لأجزاءٍ من الضفة (بالأساس مناطق “ج”)، من دون إعلان رسمي، أوْ خطوات قانونية منظمة”. وفي هذا السياق تم التحذير من انه يجب على الحكومة الإسرائيلية الجدية فهم الأبعاد المختلفة للسياق الفلسطينيّ، وفي أساسها الاعتراف بأنّ الواقع في الضفة الغربية يمكن أنْ يؤثر بسرعة، وسلبيًا، في ساحات أخرى، كقطاع غزة والمجتمع العربي في أراضي الـ 48، إضافة إلى أنّه يمكن أنْ يضع عوائق في علاقات الكيان الصهيوني مع المجتمع الدوليّ ، فالعلاقات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ستشهد العديد من التعقيدات فالحكومة الاكثر تطرفاً والسلوك الإسرائيلي، وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإطار الفلسطيني، فحكومة نتنياهو ستشكل تهديداً لمستقبل هذا الكيان الصهيوني. وفي هذا الصدد تُطرح العديد من التساؤلات هل ستتخذ الإدارة الامريكية موقفاً رسمياً أم إنها ستمتنع عن الدخول في مواجهات مع الحكومة الجديدة بقدر الممكن؟
في النهاية إن التحديات السياسية والأمنية المعقدة التي ستواجهها حكومة بنيامين نتنياهو في الأشهر القريبة ستكون كبيرة وستواجه حكومة نتنياهو ازمة لا تقل عن الازمات السابقة فهذه الحكومة الجديدة ستكون الأكثر يمينية وتطرفاً وسوءا في تاريخ الكيان الصهيوني، حيث لا يستبعد مواجهة مسلحة بين أطراف من الداخل الفلسطيني وعناصر الأمن الإسرائيلي، وذلك على غرار المقاومة والاشتباكات المسلحة بالضفة، التي ستأخذ -أيضًا- منحى تصاعديًا غير مسبوق.