الوقت- استخدام عقوبة الإعدام كأداة سياسية لإخضاع المواطنين يظهر أن السعودية لا تخطط للتراجع عن استخدامها عقوبات الإعدام مطلقاً. حيث كشفت منظمة "سند" الحقوقية السعودية النقاب عن عزم السلطات السعودية تنفيذها مذبحة جديدة بحق عدد من معتقلي الرأي العسكريين. فيما تم نقل السجناء من مناطق مختلفة إلى سجن "الحائر" منذ شهرين حيث انقطعت أخبارهم عن ذويهم من ذلك الوقت. و من بينهم عسكريون من قبيلة الحويطات الذين اعتقلوا بسبب تعبيرهم عن رأيهم ورفض التهجير القسري منهم "عيد حمود الحويطي" و"سليمان محمد الحويطي".
وفي سياق متصل، صدر عن لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزيرة العربية بيان حذرت فيه من مجزرة جديدة في مملكة الرعب والإعدام. وحذرت اللجنة من خطورة الوضع الإنساني والحقوقي في “السعودية”، بعد تصاعد وتيرة صدور أحكام الإعدام من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، بحق المواطنين من معتقلي الرأي والنشطاء والمتظاهرين. فممارسة الحق في التعبير عن الرأي وإبداء وجهات النظر من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر الخروج في مسيراتٍ سلمية تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الوطن أهم التهم الموجهة لمن تنفذ بحقهم أحكام الإعدام فهذه الأحكام التعسّفية بشكلٍ مستمر، تثبت زيف ادعاءات النظام مراعاة حقوق الإنسان وإلغاء حكم الاعدام .
مع أجراس الميلاد لن يسمع صوت الموت !
من الجدير بالذكر أن صحيفة تليغراف قد كشفت مؤخراً ان السعودية تعتزم استخدام عيد الميلاد كغطاء لعمليات إعدام جماعية، لتشتيت انتباه الغرب و العالم خلال الاحتفالات. و في السياق نفسه يرى محمد بن سلمان الوضع الدولي والحاجة للطاقة كبيئة مناسبة لتمرير أحكامه الظالمة بأقل تكلفة ممكنة.
ففي رسالة إلى وزير الخارجية جيمس كليفرلي، قال نواب بريطانيون، إن السعودية ستستخدم عيد الميلاد كـ”غطاء لارتكاب الفظائع”، كما كان الحال في عام 2016 عندما تم إعدام نحو 50 شخصاً، بينهم أطفال، في أواخر ديسمبر تقريباً. وقالت الرسالة: “نشعر بقلق بالغ من أن السعودية قد تنفذ إعداما جماعيا خلال فترة العطلة، عندما تكون أعين العالم في مكان آخر وتشعر السلطات السعودية أنها ستواجه رد فعل دبلوماسي أقل”. وأضافت: “للسعودية تاريخ في تنفيذ عمليات الإعدام خلال فترة الأعياد ورأس السنة الجديدة، كما فعلت في عامي 2016 و2020، حيث كان من الصعب على المجتمع الدولي الاستجابة بسرعة. نحن نحثك على تقديم إقرارات قبل العطلة للتعبير عن أن هذا سيكون غير مقبول على الإطلاق، قبل فوات الأوان”.
و ليس من قبيل المصادفة أن السعودية نفذت سلسلة الإعدامات الأخيرة- إعدامات في جرائم مخدرات- بينما كان العالم يشاهد كأس العالم.
تعذيب وانتهاكات ترافق عقوبة الإعدام في السعودية
"فوق الموت عصة قبر"، هذا ما تمارسه بالضبط السلطات السعودية ضمن جرائم سحق حقوق الإنسان و الحريات في المملكة من خلال ممارسة التعذيب و الانتهاكات قبل تنفيذ عقوبة الإعدام. تشكل الأجهزة الرسمية وفي مقدمتها رئاسة أمن الدولة التي ترجع مباشرة للملك، شبكة متينة لممارسة التعذيب الممنهج، الذي يتم بأوامر ورغبة وتغاضي، الملك وولي عهده وأعلى المسؤولين.
وحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية، يتعرّض المعتقلون لأنواع مختلفة من التعذيب تبدأ منذ لحظة الاعتقال، ولا تتوقف مع إصدار الأحكام، بل إن سوء المعاملة يستمر بعد تنفيذ الأحكام، ليطال عائلات المحكومين. وأكد ذلك مقررون خاصون في رسائل إلى الحكومة السعودية، من بينها ما يخص قضايا تتعلق بإعدامات نفذت في مارس 2022، حيث أشاروا إلى تعرض أسعد شبر ومحمد الشاخوري إلى الإخفاء القسري بعد الاعتقال.
وخلال مرحلة التحقيق، وثقت المنظمة الاوروبية السعودية استخدام أنماط من التعذيب الجسدي، بين ذلك الصعق الكهربائي، والحرمان من النوم، والضرب وقلع الأظافر، والتعليق من الأرجل وغيرها وذلك بهدف إجبار المعتقل على الإدلاء باعترافات أو التوقيع على اعترافات.
ففي أغسطس أيدت محكمة الاستئناف المتخصصة الحكم بإعدام القاصر عبد الله الدرازي، على الرغم من تأكيده أمام القاضي أنه تعرض لتعذيب لإجباره على الإدلاء بأقوال محددة، ما تسبب بحروق حول العين وتكسر في الأسنان، بالإضافة إلى آلام في الركبة وفي الأذن، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى أكثر من مرة.
إضافة إلى الدرازي، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة بالقتل على محمد اللباد، بعد انتزاع اعترافات منه تحت التعذيب الوحشي، حيث وضع في غرفة مظلمة لأيام، وفي غرفة شديدة البرودة، ثم وضعوه في غرفة ذات إضاءة قوية لمنعه من النوم. كما تعرض للشتم والقذف، والتهديد باغتصاب أخواته والتهديد بالقتل. أدى التعذيب الذي تعرض له إلى الإغماء المتكرر وهبوط الضغط وضعف نبض القلب، ما أدخله المستشفى. كما أدى التعذيب إلى آلام متواصلة ومستمرة منعته من النوم، إلى جانب آثار طويلة الامد، بينها النسيان وعدم التركيز.رفض أربع مرات التوقيع على ما كتبه المحقق، ولكن في كل مرة يتجدد تعذيبه بسبب الرفض، حتى صادق عليها مكرها، تجنبا للتكرار التعذيب الوحشي.
ومن بين من تعرضوا لهذه الأنواع من التعذيب، القاصر مصطفى الدرويش الذي أعدم في يونيو 2021، حيث أجبر على التوقيع على الاعترافات تحت التهديد بإعادة محاكمته.
إلى جانب التعذيب الجسدي، رصدت المنظمة ممارسة تعذيب نفسي بحق عدد من المعتقلين الذين حكم عليهم بالإعدام، من بين ذلك التهديد بعائلاتهم. إذ تم تهديد المتظاهر حيدر آل ليف الذي أعدم في 23 أبريل 2019، بإحضار زوجته إلى السجن وتطليقه منها في حال عدم توقيعه على اعترافات. يضاف ذلك إلى ممارسات أخرى مثل الحرمان من التواصل مع العائلة، والشتم وإهانة المعتقدات.
ومن بين الألف إعدام، 12 إعداما طال قاصرين، معظمهم نفذ بعد إقرار قانون الأحداث في أغسطس/آب 2018، الذي يحظر إعدام كل شخص يواجه تهما أو تهمة حصلت حين كان قاصر. إلى جانب ارتفاع أرقام الإعدامات المنفذة، فإن السعودية اتبعت نهجا مستجدا في احتجاز جثامين المعدومين، حيث أكد توثيق المنظمة الحقوقية حرمان 132 عائلة على الأقل من حقها في الدفن. من بينها جثامين لقاصرين، وهذا ما يعد تعذيبا مستمرا للعائلات.
على الرغم من ذلك تستمر السعودية بنفي ممارسة التعذيب في المحافل الدولية. كما تدعي أن هيئة حقوق الإنسان الرسمية هي جهة محايدة تتقبل شكاوى المعتقلين في حال حصول أي انتهاك، ولكن لم يتم التحقيق بشكل جدي في أي من مزاعم التعذيب التي رصدتها المنظمة.
الإعدام في السعودية في أرقام
أعدمت السعودية في 2022 ضعف عدد الذين نفذت فيهم هذه الأحكام العام الماضي، حسب ما كشف إحصاء لوكالة الأنباء الفرنسية و الذي يشير إلى زيادة حادة في هذا الإجراء الذي تدينه المنظمات الحقوقية الدولية بشدة. و قد اتضح المسار في الأشهر الأولى من 2022، بعد تنفيذ أكبر إعدام جماعي في تاريخ البلاد، حيث قتلت السعودية في 12 مارس 81 شخصا، معظمهم لم يواجهوا تهما من الأشد خطورة وحكموا بالقتل تعزيرا. اللافت وبشكل كبير، أن ذلك حصل بعد 9 أيام من تصريح قال فيه ابن سلمان إن السعودية تخلّصت من عقوبة الإعدام ما عدا فئة واحدة مذكورة في القرآن حسب زعمه.
ومع انقضاء الربع الأول من العام، وصل عدد الإعدامات المنفذة إلى 100، وتشير تقارير إلى أنّ السعودية أعدمت ما لا يقل عن 20 شخصاً خلال الأسبوعين الماضيين فقط، من بينهم 12 أجنبياً. و هذا ما يشير إلى إنّ الرقم الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى بكثير. و كانت السعودية قد تعهّدت في السابق بأنّها لن تفرض عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات، لكنها تراجعت فجأة عن وعدها. فيما وصل عدد الإعدامات المنفذة في 2022 إلى 144 شخصا، حسب حصيلة أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى بيانات رسمية. من الجدير بالذكر أن الإصرار على إصدار أحكام إعدام بحق قاصرين، هو من أبرز صور التدهور الكبير الذي حدث في هذا الملف، وحاليا، يواجه 8 قاصرين خطر الإعدام على الأقل.
وكانت السعودية نفذت 69 حكما بالإعدام في 2021. وتم تنفيذ 27 عملية إعدام في 2020 خلال ذروة تفشي فيروس كورونا، و187 في 2019.
وحسب الأعداد المصرح عنها فقد وصل عدد أحكام الإعدام المنفذة في مجمل فترة تولي الملك سلمان وابنه الحكم، منذ يناير 2015، إلى أكثر من ألف حكم إعدام. يذكر أنه في 31 أكتوبر 2022، نفذ النظام السعودي الحكم رقم 1000 في عهد سلمان بن عبد العزيز. إذ تؤكد الأوروبية السعودية انعدام الشفافية في تعامل النظام السعودي مع ملف الإعدام، وترهيب العائلات ومنع أي نشاط للمجتمع المدني، ما يمنع الوصول إلى أرقام المهددين الفعليين ولا توضح التقارير الرسمية طريقة تنفيذ عملية الإعدام، لكن المملكة الخليجية الغنية بالنفط نفذت في كثير من الأحيان أحكام الإعدام عبر قطع الرأس.
مطالبات أممية بوقف الإعدام بالمملكة
وكان خبراء أمميون طالبوا السلطات السعودية بفرض حظر رسمي على جميع عمليات الإعدام؛ بهدف إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل ودعت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للحد من الأضرار، إلى جانب 33 منظمة غير حكومية أخرى، كلا من الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى العمل على إجراءات عاجلة ردا على سلسلة عمليات الإعدام المتعلقة بتهم مخدرات والتي نفذتها المملكة العربية السعودية منذ 10 نوفمبر 2022.