الوقت - لم يجف حبر قانون توسيع مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي الذي أحاله البرلمان العماني في الأول من أمس الثلاثاء حتى بدأ شبح الصمت الاسرائيلي يحوم حوله، في ظل استياء وخيبة أمل اسرائيلية.
فهذا التحرك من مجلس الشورى العماني شكل صفعتين قويتين لحكومة الاحتلال جعلها تلتزم الصمت وكأنها في حالة ذهول بعد توقعها وترقب المسؤولين في كيانها المحتل صدور قرار عن السلطات العُمانية يسمح بعبور طائرات مدنية إسرائيلية في أجوائها، وكذلك ظن هذه الحكومة أنها ستطبع العلاقات مع سلطنة عمان .
حيث تأتي الخطوة العمانية الجديدة بالتزامن مع المطالب الإسرائيلية بفتح الأجواء العمانية أمام طائراتها المدنية، بعدما وافقت الرياض على قرار مماثل خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو الماضي، وهو ما رفضته السلطنة.
وتحدثت وسائل إعلام أمريكية في 17 نوفمبر الماضي، عن لقاء جمع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بوزير الخارجية العماني؛ لمناقشة فتح مجال بلاده الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية.
ووقفاً لموقع "أكسيوس" الأمريكي، فقد أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن عدم الحصول على إذن من سلطنة عمان باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقاً إلى الهند والصين، يجعل الخطوة السعودية بلا معنى.
وحسب المسؤولين، فإن إدارة بايدن تحاول منذ يوليو الماضي، إقناع العمانيين بفتح المجال الجوي أمام شركات الطيران الإسرائيلية، لكن كان لدى مسقط عدة قضايا ثنائية وطلبات من واشنطن أرادت الحصول عليها في المقابل.
ووفق موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري الإسرائيلي فإن الجدل حول المقاطعة العمانية لتل أبيب قد يكون مرتبطا بجهود إسرائيل لتأمين موافقة مسقط على تحليق الطيران المدني الإسرائيلي في أجواء الدولة الخليجية.
وفي الأسابيع الأخيرة، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن سلطنة عمان تتجه إلى السماح لطائرات إسرائيلية بالتحليق في أجوائها للوصول إلى آسيا.
وفي ذات السياق، أكدت صحيفة "إسرائيل اليوم" أنه "في حال تم تمديد قانون المقاطعة، فهذه إشارة مزعجة لإسرائيل فيما يتعلق بفتح المجال الجوي للرحلات الجوية وتقصير وقت الرحلة إلى الشرق الأقصى، وهذا يعني منع إمكانية الاستفادة من فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات الجوية الإسرائيلية لتقصير مسارات الرحلات".
وأيضاً يتزامن التحرك البرلماني العماني هذا، مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة المكونة من أحزاب يمينية دينية متشددة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن نتنياهو الذي يعتزم العودة إلى رئاسة حكومة الاحتلال خلال الأيام القادمة، "تلقى التزاماً من السلطان الراحل قابوس بن سعيد، بفتح المجال الجوي العماني أمام الطائرات الإسرائيلية، لكن السلطان الحالي هيثم بن طارق، تراجع عن القرار".
وأجرى نتنياهو في أكتوبر 2018، زيارة مفاجِئة للعاصمة مسقط، واجتمع مع السلطان الراحل قابوس؛ ما أثار التكهنات وقتها حول إقامة علاقات رسمية بين البلدين.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن موران زاغا، الخبير في شؤون منطقة الخليج بـ"ميتفيم-المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية"، قوله: إن السلطان هيثم "أكثر حذراً في سياسته الخارجية". ويرى زاغا أن "السلطان الحالي يعتبر صانع سلام أكثر من ابن عمه قابوس"
وبعد خطوة البرلمان العماني، قال الموقع العبري نفسه: إن "تصويت مجلس النواب العماني على توسيع قانون مقاطعة إسرائيل، جاء وسط تكهنات في الصحافة العبرية بإمكانية رفع بعض القيود".
فالصفعة الأخرى حسب رأي البعض التي فسرت صمت الاحتلال أن رئيس حكومة الاحتلال الجديد بنيامين نتنياهو يؤكد مرارا عزمه على توسيع التطبيع مع تل أبيب وضم المزيد من الدول العربية والإسلامية إلى ما تسمى "اتفاقيات أبراهام"، حيث يعدّ ذلك أولوية بالنسبة له في المرحلة المقبلة وخاصة تجاه السعودية، وجاء قرار الشورى العماني لينفي كل مزاعم نتنياهو ويؤكد على تمسك سلطنة عمان بقانون مقاطعة الكيان الصهيوني ورفض التعامل معه.
وهذا يدل على أنه لم يعد هناك كثيرٌ من الحظوظ لتوقيع اتفاقيات تطبيع بين سلطنة عمان والكيان الاسرائيلي.
وكذلك لا يمكن التغاضي عن ضعف هذا الكيان في الوقت الحالي وخصوصاً أن الداخل الاسرائيلي يعاني من هشاشة وتشتت وخلافات ضمن مؤسسة كيانه الحربية ما يجعل حكومة الاحتلال غير مؤهّلة للحديث او التكلم عن أي قضية تزيد من الضغط عليها في الوقت الحالي.
فعملياً، يستعد بنيامين نتنياهو للعودة، على رأس المعسكر اليميني. لكن المؤشرات، حتى اليوم، توحي بفشله وعدم الرضا عنه في تأليف الحكومة، ما قد يعني استمرار المأزق السياسي في الداخل الاسرائيلي.
ومن جانبه قال رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية طارق الشايع: إن "العهد السابق لسلطنة عمان كان قد استقبل رئيس وزراء الكيان الصهيوني، لكن العهد الجديد مختلف تماماً، والسلطان هيثم بن طارق له رأي آخر، نلاحظه بتصريحات مناصرة ومؤيدة للقضية الفلسطينية، ومناهضة للتطبيع، ومشجعة لعزل الكيان الصهيوني".
ويبين "الشايع" أن موافقة مجلس الشورى العماني كانت بالإجماع على إحالة المادة الأولى من قانون مقاطعة الكيان الصهيوني إلى اللجنة التشريعية والقانونية؛ لاستيفاء الجوانب القانونية والإجرائية للتصويت عليه.
ويؤكد عضو الهيئة العليا لتنسيقية مقاومة الصهيونية والتطبيع أن هذه القوانين جاءت "تلبية لتطلعات الشعب العماني والشعوب العربية والإسلامية، ولتكون سلطنة عمان أحد الحصون العظيمة المناصرة والمدافعة عن القضية الفلسطينية".
ويدعو رئيس الرابطة كل البرلمانات والمجالس التشريعية في الدول العربية والإسلامية إلى القيام بمثل هذه الخطوات وأكثر، نصرة للحق والحقيقة.
ولا توجد علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وسلطنة عمان، لكن في السنوات الماضية جرت لقاءات إسرائيلية عمانية على مستويات رفيعة مختلفة.