الوقت - أمن الحدود من العوامل المهمة المؤثرة في الحفاظ على الأمن القومي للدول، والذي يعتبر من الجوانب الحيوية للحكومات وأحد المؤشرات الرئيسية لتقييم قدرة الحكومات في مجال القوة العسكرية والاستقرار الداخلي والتنمية والسيادة الإقليمية.
لعبت هذه القضية أيضًا دورًا في تشكيل الخلافات والتوترات وحتى النزاعات العسكرية بين الدول والحكومات عبر التاريخ المعاصر. مع ظهور مجموعات إرهابية جديدة عابرة للحدود، أصبحت قضية أمن الحدود أكثر أهمية بسبب تزايد التهديدات التي تسببها أنشطة هذه الجماعات، ولا سيما في مناطق مثل غرب آسيا.
إيران هي إحدى الدول التي، بسبب موقعها الجغرافي السياسي الفريد بين منطقتي آسيا الوسطى والجغرافيا العربية المعرضتين للأزمات، فهي معرضة لخطر الجماعات المتطرفة والانفصالية من الشرق إلى الغرب. في غضون ذلك، يعتبر العراق، بسبب اضطراباته الداخلية بعد الاحتلال الامريكي من أهم الأراضي التي تنشط فيها المجموعات المسلحة على حدود إقليم كردستان، والتي تشكل تهديدًا للأمن القومي الإيراني، وبالتالي لعب أمن الحدود دورًا مهمًا في تنظيم العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة.
أثار الدور الواسع لعناصر الجماعات الانفصالية في زعزعة أمن واستقرار المحافظات الغربية الإيرانية مرة أخرى حساسيات طهران تجاه الموقف المتسامح والسلبي والمتعمد والعدائي أحيانًا لرجال الدولة في المنطقة الكردية بشمال العراق وأحياناً حتى الحكومة المركزية تجاه هذه القضية.
ولذا كانت هذه القضية من بين محاور المفاوضات الرئيسية خلال الزيارة الأولى لرئيس وزراء هذا البلد محمد شياع السوداني إلى إيران، وتريد حكومة السوداني إظهار عزمها الجاد على معالجة المخاوف الأمنية لدول الجوار.
وفي منتصف الاسبوع الماضي أعلن "حسين علاوي" مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الامنية ان "هناك تعاون وتنسيق بين قيادة العمليات المشتركة وحكومة اقليم كردستان فيما يتعلق بنشر القوات الامنية وحرس الحدود في المناطق الحدودية وعملية تمكين القوات المكلفة بهذه المهمة وتحديد نقاط التفتيش الحدودية وتمويل وبناء البنية التحتية التي يحتاجون إليها.
وشدد على أن "وزارة الداخلية العراقية تحاول حاليا تحديد الأماكن الأساسية لإقامة نقاط حدودية ونقاط تفتيش وإعادة تأهيل نقاط التفتيش القديمة على خط الصفر الحدودي بين العراق وإيران وتركيا لعمل قوات حرس الحدود".
تحديات إدارة الحدود للحكومة المركزية في العراق
معظم حدود العراق مع تركيا وإيران داخلة في تحديات أمنية. يبلغ طول الحدود بين العراق وتركيا 350 كم، إضافة إلى أنه من إجمالي 1460 كم من الحدود المشتركة بين العراق وإيران، 750 كم من هذه الحدود على طول حدود إقليم كردستان العراق.
أي إن حدود العراق الإشكالية تزيد على 1100 كم في الوقت نفسه، على الرغم من حقيقة أن العراق لديه حدود مشتركة مع إيران أكثر من تركيا، فإن ضربات الجمهورية الإسلامية ضد مراكز الإرهاب في العراق، والتي غالبًا ما يكون لها جانب تحذيري، كانت أقل من 100 عملية في السنوات الأخيرة، والتي مقارنة بهجمات تركيا، التي نفذت عدة آلاف من الهجمات المباشرة، تدل على صبر مفرط وإتاحة فرص كافية لسلطات أربيل وبغداد لتنفيذ التزاماتها وإجراءاتها الدولية.
إضافة إلى خلق تهديد لعلاقات الجوار الإيراني والعراق، فقد تسبب ذلك أيضًا في تحديات أخرى لحكومة بغداد، أهمها تهريب النفط من الحدود الشمالية. علم ممثل ائتلاف حكومة القانون في مجلس النواب العراقي، جاسم الموسوي، أن رئيس وزراء هذا البلد، محمد شياع السوداني، قد اتفق مع سلطات إقليم كوردستان على تنظيم تصدير ومنح النفط مهلة ستة أشهر لإنهاء تهريب النفط وتقنين تصديره
وحسب هذا التقرير، أمهل السوداني سلطات إقليم كوردستان الإقليم ستة أشهر لجعل صادرات النفط تمر حصريًا عبر سومو (شركة النفط الوطنية العراقية).
تأتي تصريحات مندوب ائتلاف حكومة القانون هذه، فيما قالت "انتصار الجزيري" ممثلة تحالف فتح، لموقع المعلومة في وقت سابق: في المتوسط ، يتم تصدير 450 ألف برميل نفط من إقليم كوردستان إلى الأراضي المحتلة في فلسطين. وسبق أن تحدثت "ناهد خانكيني"، أحد السياسيين المستقلين في إقليم كردستان العراق، عن الفوضى وعدم تنظيم قضية صادرات النفط في هذه المنطقة، واتهمت الأطراف الكردية في السلطة بتهريب جزء كبير من النفط المستخرج.
وقال لموقع المعلومة على الانترنت ان كثيرين في اقليم كردستان العراق لديهم رأي واحد على عدم وجود شفافية في موضوع الصادرات النفطية. حيث تبيع الجهات المؤثرة جزءًا كبيرًا من النفط دون أي إشراف ويدخل 30٪ فقط من الدخل الناتج في الميزانية.
وحسب ناهد خانكيني، يتم تصدير أكثر من 600 ألف برميل نفط يومياً من إقليم كردستان العراق، ورغم أن كل برميل يباع بأكثر من 90 دولاراً، إلا أن الأزمة الاقتصادية ما زالت قائمة، وكل هذا بسبب عدم الشفافية في قضية الصادرات النفطية للإقليم.
معوقات تنفيذ الخطة الحكومية والحلول الممكنة
إن محاولة الحكومة العراقية للسيطرة على الحدود ليست بالشيء الجديد، حيث أعلنت وسائل الإعلام العراقية أن الهدف من الخطة الجديدة للحكومة السودانية هو إضافة لواء رابع من قوات حرس الحدود، لأنه قبل 2005 ومنذ عام 2005، كان هناك ثلاثة ألوية من حرس الحدود تحمي الحدود اسمياً.
كما أعلنت وزارة الدفاع العراقية في أيلول 2017 في بيان أن العراق يعتزم ضبط المعابر الحدودية مع إقليم كوردستان "بالتنسيق" مع إيران وتركيا. إجراء اتخذته الحكومة المركزية ردا على الاستفتاء الانفصالي غير الشرعي ذلك العام. ومع ذلك، ظلت هذه القوانين فارغة وشهدت الحدود الغربية لإيران أنشطة واسعة النطاق للجماعات المسلحة الانفصالية.
ومن العقبات الجدية معارضة إربيل وتعطيلها للخطة بقيادة عائلة بارزاني التي استغلت خلال السنوات الماضية ضعف رقابة الحكومة المركزية وسيطرتها على الحدود والمعابر لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية.
عائلة بارزاني، التي تسيطر على جزء كبير من جغرافيا المنطقة، فضلاً عن السيطرة على البرلمان المحلي والمناصب الحكومية في مجلس الوزراء المتمتع بالحكم الذاتي في هذه المنطقة، ومن خلال السماح لشبكة من العصابات الإجرامية والمهربين والانفصاليين، ساهمت في جعل الإرهاب منتشراً في المناطق الحدودية مع إيران. وهم من خلال السماح لشبكة من العصابات الإجرامية والمهربين والإرهابيين الانفصاليين بالانتشار في المناطق الحدودية مع إيران، والذين يشاركون أحيانًا في أنشطة المرتزقة لتنفيذ برامج الموساد ووكالة المخابرات المركزية وأجهزة المخابرات والأمن في الدول العربية.. أصبحوا عمليا حليفا لحكومات العدو، وبهذه الخدمات، يكسبون دعم هذه الدول لاستمرار الوضع فوق الفيدرالي للعراق، ونتيجة لذلك، استمرار حكمهم على ذلك الإقليم. والحقيقة أن الإجراءات والصلاحيات الحالية لحكومة الإقليم، بما في ذلك ضبط الحدود والمعابر واستخراج النفط والغاز وبيعهما، والاتفاقيات التجارية مع جهات خارجية، وما إلى ذلك، تتجاوز ما أقره الدستور العراقي في 2005.
يقوم البرزانيون بأعمالهم التخريبية لأجل المصلحة الذاتية تحت ستار الدفاع عن الحقوق التاريخية للأكراد في المنطقة والدفاع عن الهدف الأعلى لتشكيل دولة كردستان الكبرى، ويحاولون غرس الشعور بالقمع في الرأي العام. للوقوف ضد الترتيبات الأمنية والعسكرية لدول الجوار، تكتيك تعلموه من حلفائهم الصهاينة. على سبيل المثال، قارن مسؤول بالحزب الديمقراطي لكردستان العراق، في محادثة مع صحيفة الأخبار حول قصف الشهر الماضي لمواقع عسكرية للجماعات الانفصالية الناشطة في أعمال شغب في عدة محافظات غربية لإيران، هذه الهجمات بقصف صدام حسين الكيماوي ضد المدنيين.
تحد آخر ذكره بعض المراقبين والمحللين يتعلق بالقدرة العسكرية للجيش العراقي على السيطرة الكاملة على الحدود. وفي هذا الصدد يرى الفريق جبار ياور، الخبير العسكري العراقي، في حديث للجزيرة نت، أن قوات حرس الحدود التي تمركزت في هذه المناطق منذ عام 2005 تضم 3 ألوية وتتكون من 9000 جندي وضابط، ووفقه، فإن هذا العدد لتوفير الأمن للحدود التي يزيد طولها عن ألف كيلومتر لا يكفي.
كما يرى المحلل الأمني فاضل أبو رغيف أنه يكاد يكون من المستحيل السيطرة على حدود العراق وتركيا إلا من خلال نشر القوات العسكرية، إلى جانب العديد من نقاط التفتيش والكاميرات الحرارية والطائرات دون طيار بعيدة المدى، وخاصة أن المناطق الحدودية جبلية وعرة، ما لا يسمح في كثير من الأحيان لمركبات للجيش بالتنقل خلالها.
إضافة إلى هذا، أكد الخبير العسكري الفريق جبار ياور أيضًا أن القوات العراقية ما زالت تعاني من نقص الإمدادات والمعدات، وأن العراق لا يزال لا يملك نظامًا للمراقبة الجوية على مستوى البلاد، إضافة إلى عدم وجود نظام للدفاع الجوي المتكامل الذي يغطي كامل أراضي العراق.
لكن رغم وجود هذه التحديات والعقبات، فإن ضغوط دول المنطقة والحكومة العراقية على الإقليم للتخلي عن سياسة التسامح تجاه وجود الجماعات الإرهابية وأنشطة أجهزة المخابرات الأجنبية ستؤتي ثمارها. ومن جهة أخرى، يمكن لزيادة الشراكات العسكرية والأمنية مع دول الجوار أن تزيل العقبات وتخلق أمن مستقر على الحدود. كما يجب على الحكومة العراقية ألا تتجاهل القدرات العالية للغاية لقوات الحشد الشعبي، والتي هي جزء من القوات العسكرية الرسمية للبلاد ولديها قدرة كبيرة على المناورة للتعامل مع أعمال الجماعات الإرهابية والميليشيات.