الوقت_ تناقلت وسائل إعلام قطرية بلهجة ملؤها التفاخر والاعتزاز خبر إنشاء قطر 6 مستشفيات ميدانية لإنقاذ ما أسمته الجرحى السوريين، وادعت وسائل الإعلام القطرية أن هذه المستشفيات تهدف إلى تقديم الرعاية الصحية والخدمات الطبية للمصابين "المدنيين" جراء الغارات الجوية التي تستهدف المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين في سوريا، كما أشار الخبر في جزء آخر منه إلى قيام قطر بتقديم الدعم اللوجستي لستة مستشفيات أخرى عبر تقديم الوقود اللازم لعملها، ولفتت وسائل الإعلام القطرية في الخبر الذي تناقلته إلى إنفاق النظام القطري 70 مليون ريال قطري لتقديم الإغاثات الطبية "للشعب السوري" منذ بدء الأزمة السورية حتى الآن.
هذا الخبر وهذه النفحات الإنسانية القطرية التي تطالعنا بها وسائل الإعلام القطرية تدفع بنا لتسليط الضوء بشكل أكبر على الدور القطري في سوريا وحقيقة وقوف النظام القطري خلف كثير من الأعمال الإرهابية التي اقترفتها المجموعات التكفيرية المسلحة في سوريا. وإذا ما عدنا إلى الوراء قليلاً وتحديداً إلى العام 2011 والذي شهد بدء الحرب في سوريا وبدء المجموعات الإرهابية المسلحة استهدافها الدولة السورية بكل مكوناتها شعباً وأرضاً وجيشاً فإننا نلاحظ تأكيد المسؤولين السوريين بمختلف مستوياتهم على وقوف النظام القطري خلف دعم المجموعات الإرهابية بالعتاد والمال وتقديم قطر مختلف أنواع الدعم اللوجستي والمعلوماتي لضمان استمرار هذه المجموعات الإرهابية في استهدافها الدولة السورية بغية تحقيق ما أعلنه المسؤولون القطريون جهاراً بأنهم يعملون على إسقاط النظام السوري بأي ثمن، هذه الحقيقة لم تأت على لسان الحكومة السورية فقط بل أن كثيراً من المعارضين السوريين البارزين على الساحة السورية مثل هيثم مناع ومحمد رحال وغيرهما ذهبوا إلى توجيه أصابع الإتهام إلى النظام القطري لقيامه بدعم المجموعات التكفيرية بسوريا وتوجيه هذه المجموعات لاقتراف الجرائم بحق الشعب السوري.
وسائل الإعلام العالمية تعرضت إلى موضوع الدعم القطري للإرهاب في سوريا من خلال عدة مقالات نشرتها منذ بدء الحرب السورية، صحيفة ديلي تلغراف البريطانية نشرت تقريراً يتهم مواطنين قطريين بتمويل جماعات إرهابية على صلة بتنظيم القاعدة في العراق وسوريا وخاصة جبهة النصرة في إطار ما أسمته الصحيفة تنافساً قطرياً سعودياً محموماً على دعم الجماعات الإرهابية في سوريا، أما صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية فأشارت في تقرير نشرته إلى تتبع وزارة الخزانة الأمريكية مبالغ كبيرة من تمويلات خاصة بمؤسسات خيرية في قطر لدعم متطرفين في العراق وسوريا بما فيها جبهة النصرة الإرهابية والتي تعتبر فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
وضمن مقال نشرته مجلة لندن ريفيو أوف بوكس في شهر نيسان/ إبريل الماضي كشف الصحفي الأمريكي سيمور هيرش النقاب عن وثائق أمريكية تفضح تعاون الإدارة الأمريكية مع كل من تركيا وقطر في دعم وتهريب المقاتلين والسلاح من ليبيا إلى سوريا عبر الأراضي التركية، وتحدث هيرش في مقالته هذه عن ما تسميه المخابرات الأمريكية "خط الجرذان" للدلالة على قناة خلفية لتهريب الأسلحة والذخائر والمقاتلين من ليبيا إلى جنوب تركيا ومنها إلى الحدود السورية حيث تتسلمها الفصائل المسلحة، وأشار هيرش في مقالته إلى أن كثيراً من هذه الأسلحة والذخائر والمقاتلين تصل في النهاية إلى مجموعات إرهابية على علاقة وطيدة بتنظيم القاعدة كتنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين، وسلط الكاتب الأمريكي الضوء على الدور القطري في خط الجرذان هذا، حيث تعمل المخابرات القطرية على تنظيم وتدريب المقاتلين ضمن معسكرات في ليبيا وفور جهوزيتهم تقوم وبالتنسيق مع المخابرات الأمريكية والتركية بإرسالهم إلى سوريا.
وضمن تحليل الدور القطري في سوريا لا يمكننا إغفال العلاقة المبهمة التي تجمع النظام القطري بالمجموعات المسلحة في سوريا لا سيما جبهة النصرة الإرهابية والتي تصنفها معظم دول العالم باعتبارها مجموعة إرهابية تتفاخر بكونها فرع تنظيم القاعدة في سوريا، هذا الدور ظهر جلياً في تمكن قطر من التوسط لدى هذه الفصائل الإرهابية ونجاحها في الإفراج عن مخطوفين أجانب كانت هذه المجموعات الإرهابية قد قامت باختطافهم والتهديد بقتلهم وفصل رؤوسهم عن أجسادهم، هذه الحقيقة تخفي خلفها نفوذاً قطرياً كبيراً داخل هذه المجموعات الإرهابية مكن النظام القطري من لعب دور الوسيط وضمان تنفيذ هؤلاء الإرهابيين وعودهم.
ألا يجدر بقطر التي تتباكى اليوم على الشعب السوري وتدعي سعيها إلى بلسمة جراحه عبر إنشائها مشافيها الميدانية على التراب السوري أن تدع الشعب السوري وشأنه وتتوقف عن دعم قاتليه وقاطعي رؤوسه بمختلف أنواع العتاد والسلاح؟ ألا يليق بمن يدعي حرصه على دماء الشعب السوري أن يكف يده عن تهريب سافكي دم هذا الشعب عبر الحدود وتمكينهم من رقاب المظلومين؟ أم أن النظام القطري ومن أجل تحقيق أهدافه وأهداف أسياده في إسقاط الدولة السورية لن يتورع عن القيام بأي عمل مهما بلغ من الوحشية والدناءة والقذارة.