الوقت- أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ أن تحسين الوضع الإنساني في بلاده يتطلب وقف الدول الغربية تسييس العمل الإنساني والتنموي فيها، وضرورة دعم مشاريع التعافي المبكر ورفع الإجراءات الاقتصادية القسرية، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي ووقف دعم الإرهاب والميليشيات الانفصالية ونهب الثروات الوطنية.
وفي بيان اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية قال صباغ: إن المبدأ الأساسي الذي أكدت عليه جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بسورية هو احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وهو المعيار أيضاً لأي مقاربة للوضع السياسي أو الإنساني فيها مشدداً على أن أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة، ومخالفة للقانون الدولي ويجب أن ينتهي فوراً إضافة إلى أن محاربة الإرهاب بمختلف أشكاله والقضاء عليه بشكل نهائي لا يمكن أن تتم إلا من خلال التعاون والتنسيق الكامل مع الدولة السورية.
وأوضح صباغ رفض سورية التام لإعلان البيت الأبيض في الـ12 من الشهر الجاري تمديد ما سماه (حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بالوضع في سورية)، وبيان خارجية النظام التركي حول هذا الإعلان كونهما صادرين عن طرفين ينتهكان ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي جراء احتلالهما لأراض سورية وتدخلهما في شؤونها الداخلية، والعبث بمقدرات شعبها، وثرواته الوطنية ودعمهما لميليشيات انفصالية ومجموعات إرهابية، وبالتالي لا يحق لهما أبداً ادعاء الحرص على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن خيار التسويات والمصالحات الوطنية هو نهج سلكته الدولة السورية كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في مختلف أرجاء الوطن، حيث صدر 21 مرسوم عفو عام كان آخرها المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 الذي عكس مرحلة متقدمة لجهود الدولة السورية المستمرة لترسيخ المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار بشكل مستدام، لافتاً إلى أن الدولة السورية تتابع جهودها وفقاً لهذا النهج الذي أثبت فعاليته وأدى إلى عودة الكثير من السوريين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.
ولفت صباغ إلى أنه بالتوازي مع ذلك تعاملت سورية بإيجابية مع الجهود والمبادرات التي قدمت في إطار المسار السياسي ودعمت الاجتماعات التي تعقد بصيغة أستانا، وآخرها قمة طهران ورحبت بنتائجه، كما حافظت على التواصل مع المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية غير بيدرسن الذي زار دمشق قبل أيام والتقى وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد الذي طالبه بوجوب اضطلاع الأمم المتحدة بدورها وفقاً لميثاقها لوقف الانتهاكات الناجمة عن الاحتلال الأمريكي لمناطق في شمال شرق سورية، والاحتلال التركي لمناطق في شمالها وشمالها الغربي، إضافة إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان واعتداءاته المتكررة على المرافق الحيوية والبنية التحتية السورية والتي تهدد السلم والأمن في المنطقة.
وفيما يخص الوضع الإنساني بين صباغ أن سورية كانت من أكثر بلدان العالم استقراراً وازدهاراً، وكانت تحقق اكتفاء غذائياً ذاتياً وتؤمن جميع متطلبات الحياة الأساسية لشعبها بشكل قل نظيره في المنطقة، لكن الحرب الإرهابية التي شنت عليها منذ عام 2011 غيرت هذا الوضع وتسببت بأزمة إنسانية لا يستهان بها لشعبها فاقمتها الإجراءات القسرية أحادية الجانب وسرقة الثروات الوطنية السورية.
ولفت صباغ إلى أن الدولة السورية تبذل جهوداً كبيرة لتحسين الوضع الإنساني بما في ذلك عبر تقديم كل التسهيلات للأمم المتحدة لتحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها، ولتنفيذ مشاريع التعافي المبكر التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2642 الذي تتطلع سورية رغم بعض تحفظاتها عليه لأن يشكل خطوة إضافية نحو تحسين الوضع الإنساني في حال التزمت الدول الغربية بتنفيذ أحكامه كاملة وتوقفت عن تسييسها للعمل الإنساني والتنموي ووضعها العراقيل والقيود أمامه ولا سيما من خلال الإصرار على فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب.
وأعرب صباغ عن أسف سورية أن الجلسة الأولى للحوار التفاعلي غير الرسمي لمراجعة ومتابعة تنفيذ القرار 2642 أظهرت بوضوح أن الدول الغربية ماتزال مستمرة في نهج التسييس وفرضها صيغاً هدفها المناورة والتحريف في إدارة هذا الحوار ما أبعده عن البعد التفاعلي، مشيراً إلى تطلعها أن تتضمن الجلسة القادمة حواراً تفاعلياً حقيقياً، وتسهم في إجراء نقاش حقيقي وجدي حول تحديد المعوقات والصعوبات التي تواجه تنفيذ القرار وكيفية تجنبها وذلك قبل انتهاء ولاية هذا القرار مطلع العام القادم.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى بعض جوانب المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري والمتمثلة في الأضرار الناجمة عن الحصار غير الشرعي الذي تفرضه الولايات المتحدة والدول الغربية على الشعب السوري، واستمرارها في فرض إجراءاتها القسرية وتمديدها وتوسيع نطاقها مشدداً على ضرورة رفع تلك الإجراءات فوراً.
ولفت صباغ إلى مواصلة قوات الاحتلال الأمريكي نهب ثروات سورية في منطقة الجزيرة، حيث أخرجت مؤخراً مئات الشاحنات المحملة بنفط وقمح إلى شمال العراق عبر المعابر الحدودية غير الشرعية بالتعاون مع ميليشيا (قسد) الانفصالية مؤكداً وجوب إنهاء هذا الوجود الأمريكي غير الشرعي الذي تسببت ممارساته إلى جانب عمليات السرقة والاتجار غير المشروع التي تقوم بها المجموعات الارهابية وميليشيا (قسد) الانفصالية بخسائر ودمار كبير في قطاع استخراج وتوريد وتوزيع واستثمار النفط والغاز والثروة المعدنية منذ عام 2011، حيث بلغت الخسائر المباشرة وغير المباشرة حتى منتصف العام الجاري 107.1 مليارات دولار.
وأكد صباغ على أن سورية تبذل جهوداً كبيرة للحد من انتشار وباء الكوليرا الذي كانت تخلصت منه منذ عقود لكنه للأسف عاد ليشكل خطراً إضافياً على حياة السوريين، وذلك جراء مواصلة النظام التركي استخدام المياه كسلاح حرب، والتدمير الكبير الذي تعرضت له البنى التحتية للمياه والنظام الصحي بسبب الحرب الإرهابية، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تقوم بنشر التوعية والتثقيف الصحي حول الوباء ووسائل الوقاية منه ومتابعة جميع الحالات المرضية ومعالجتها، والتأكد من سلامة مصادر المياه وغيرها من المصادر المسببة للمرض، كما تتعاون سورية في هذا الإطار مع منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة وتقدم لها التسهيلات اللازمة للقيام بالزيارات الميدانية والتي كان آخرها زيارة مدينة رأس العين في محافظة الحسكة إلا أن الجهود الدولية منيت بالفشل لإصرار الدول الغربية على ممارسة سياساتها التي لا تكترث بأرواح النساء والأطفال وأصحاب الاحتياجات الخاصة.