الوقت- العنصرية في كيان الاحتلال الإسرائيلي تفوق كل التوقعات والخيالات أيضًا، فهي أكبر من أن يتصوّرها العقل البشري.. في آواخر عام ألفين وثمانية وبداية عام ألفين وتسعة شنَّ كيان الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الأعنف وقتها على قطاع غزّة، ما عُرفَ وقتها لدى الكيان الإسرائيلي بحرب "الرصاص المصبوب"، وفي تلك الأثناء انتشر مقطع فيديو لضابط اسرائيلي أفينوعام إيموناه وهو يقول لجنوده على سكان قطاع غزّة: "لن يكون من الجيّد الليلة أنْ تكون عربيًا، سترونهم يهربون طوال الوقت أقتلوهم وهم هاربون”. وأوصى جنوده بأن "يستمتعوا" وهم يقتلوا الفلسطينيين وعليهم أن يبتسموا أيضًا عندما يرتكبون هذه المجازر. وما يثير الاشمئزاز من هذه التصريحات العنصرية وغير الإنسانية هو أن هذا الضابط استقال من جيش الاحتلال الإسرائيلي لأنه لن يحصل أبدًا على الترقية التي يسعى إليها والسبب هو اسم عائلته "إيموناه" والذي يعني بالعربية إيمان، حيث تم ممارسة العنصرية ضده واعتبروا أن أصوله عربية وخصوصًا أنه من سكان هضبة الجولان السوريّة المُحتلّة، وبالتالي العنصرية التي مارسها ضد أهالي قطاع غزّة وحلل قتلهم فقط لأنهم عرب ومسلمون، نفس العنصرية اليوم تم ممارستها ضده.
كيان الاحتلال الإسرائيلي هو تكتل تم بناؤه على مبادئ العنصرية والطائفية والقومية الدينية، وبالتالي لم يكن يومًا دولة أو شبه دولة، بل على العكس هو مجموعة من العصابات العنصرية أوجدت قبل أن يوجد هذا الكيان مثل الهاغانا وغيرها، ويعتبر كيان الاحتلال هو الدولة الوحيدة التي تمنح جنسيتها لمن هم يحملون نفس الدين، والتكتل البشري الآخر الذي أوجد مثل كيان الاحتلال الإسرائيلي هو دولة جماعة داعش الإرهابية، فهذه الجماعة كانت تمنح الجنسية لمن هم من نفس الدين والفكر المتطرف، وإسرائيل نفس الأمر، مثلًا هناك يهود معتدلون في أميركا وأوروبا لا تمنح لهم الجنسية الإسرائيلية وهم نفسهم ضد كيان الاحتلال وضد هذا السرطان في العالم، وهناك يهود فلسطينيون في منطقة السامرة ويسمون بالسامريّون، وهؤلاء أيضًا تُمارس ضدهم العنصرية والاضطهاد الديني والعرقي ولا يأخذون أي حق من الحقوق الإنسانية البشريّة.
والعنصرية الإسرائيلية ليست ضد من هم في فلسطين المحتلة بل أيضًا ضد العرب والمسلمين أجمع وهناك مقولة مشهورة لأول رئيس وزراء في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي دافيد بن غوريون يقول فيها "العربي الجيد هو العربي الميت". والجرائم الصهيونية بحق العرب والمسلمين كثيرة سواء في فلسطين المحتلة أو في لبنان مثل صبرا وشاتيلا وقانا والجرائم في الجنوب المحتل قبل أن تُحرره المقاومة الإسلامية حزب اللّٰه، إضافة إلى الجرائم ضد الشعب المصري في العدوان الثلاثي عام 1956 والنكسة عام 1967 حيث استشهد عشرات الآلاف من المصريين على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
قادة كيان الاحتلال بدؤوا يتحسسون رؤوسهم وفهموا أن هذه العنصرية ستكون على يدها نهايتهم، حيث عبّر وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، عن مخاوفه من خطر حرب أهلية في الكيان الصهيوني. وأضاف إنه من الممكن أن يتم تقسيم إسرائيل الى أولى وثانية وثالثة نتيجة الحرب الأهلية. وأكد أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة هو التوحد. وهذه التصريحات ليست جديدة منه بل كان قد عبر أيضًا عن مخاوفه الوجودية على مستقبل إسرائيل، وأضاف إنّ هناك مخاوف من سيطرة الفلسطينيين على إسرائيل في المستقبل القريب، وأن الدولة اليهودية ستتقلص خلال السنوات المقبلة لتصبح ما بين مستوطنة غديرا والخضيرة. وسبقه أيضًا مقال لرئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود باراك، يثير فيه قلقاً كبيرًا مما سماها لعنة العقد الثامن التي عاشتها الممالك اليهودية السابقة، وقد تطيح بدولة الاحتلال خلال السنوات القريبة. هذه الأمور ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكمات كثيرة في الأراضي المحتلة.
المجتمع الصهيوني هو من أكثر المجتمعات عنصرية سواء على نفسه أو على من هم حوله، فاليهود بينهم طبقات فهذا اشكيناز وذاك سفارديم، وهذا يهودي عربي من آسيا وذلك يهودي أفريقي، وهذه الأمور تطرح عدة تساؤولات كيف بعض الأنظمة العربية تطبع مع كيان الاحتلال؟ ألا تعرف عنصريته هذه؟ ألم يقرؤوا القرآن الكريم وتحديدًا سورة البقرة الآية 120 {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..}. ربنا من فوق سبع سموات تحدث عن عنصريتهم، ثم يأتي نظام عربي ليُطبّع معهم ويعتبرهم جزءا منه وينسى ويتناسى هذه العنصرية وأنهم هم من قتلوا أخوانه الفلسطينيين.