الوقت- تعود قضية اللاجئين السوريين إلى الواجهة من جديد ولكن هذه المرة من بوابات عدة كان أبرزها العفو الرئاسي الصادر عن الرئيس السوري بشار الأسد والذي فتح المجال أمام الراغبين بالعودة إلى وطنهم. هذا العفو الذي حاولت الدول الغربية الداعمة للإرهاب استغلاله كورقة ضاغطة على اللاجئين السوريين في عدد من البلدان وفي هذا الصدد أجرت مراسلة موقع الوقت الاخباري التحليلي مقابلة مع الناشط والكاتب السياسي " أحمد الدرزي " تناولت فيها الجوانب التالية :
الوقت: تسعى الحكومة اللبنانية لتنسيق اتفاق مع الجانب السوري لعودة ١٥ الف لاجئ شهريا إلى سورية، ما فائدة هذه الاتفاقية وتنسيق العودة لمصلحة اللاجئين؟
أحمد الدرزي : أولا بما يتعلق بالفائدة بما يخص عودة اللاجئين فجميعنا يعلم ان اللاجئين تحولوا منذ بدء الحرب إلى مادة للسجال السياسي والصراع الدولي والإقليمي بين الدول الكبرى التي تدخلت وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الاتحاد الاوروبي إضافة إلى تركيا و الدول الخليجية بشكل عام عندما ذهبت باتجاه إسقاط سورية وتحويلها الى موقع جيوسياسي كبير هذه المادة اي مادة اللاجئين اعتبرت بشكل او بآخر مدخلا للاعتراف الدولي بأن سورية قد اصبحت دولة فاشلة وهي تشكل مادة قانونية على مستوى الأمم المتحدة للتدخل بحجة الدواعي الانسانية والدولة الفاشلة لكن الظروف قد تغيرت الآن بدأت الامور تأخذ مسارا مختلفا بدأت ملامحه منذ بضعة أشهر وخاصة ما يتعلق بالموقف الأمريكي رغم معارضته الشديدة ولكن هناك تحولات على مستوى الأمم المتحدة بعد الموقف الروسي الرافض للتمديد لمدة عام بموضوع المعابر وتركيزه على مسألة معبر واحد لمدة ستة أشهر مقابل الإنعاش المبكر هذا الأمر دفع باتجاه وصول أول وفد للأمم المتحدة منذ شهر إلى سورية لتدارس هذا الأمر من برنامج الغذاء العالمي فالآن اللاجئون تحولوا إلى عبء على الذين أرادوا استخدامهم من قبل واصبحوا يشكلون مادة للسجال الداخلي في تركيا وفي لبنان .....وحتى في الاردن هناك مادة للسجال الداخلي بسبب الأوضاع الاقتصادية للأردن رغم التعاطي الأردني الإيجابي نوعا ما مع هذه المسألة فما يحصل الآن من هذه الاتفاقية مقدمة لاتفاقيات وتفاهمات كبيرة وليس على مستوى لبنان وسورية إنما قد تكون مع تركيا في المرحلة القادمة اذا ما تم التوصل إلى اتفاق سلام ما بين البلدين وتحقيق متطلبات الدولة السورية وبضغوط روسية ايرانية وقبول تركي إلى حد ما يناور بهذا الموضوع.
الوقت: من هم الأشخاص المشمولون بالعفو الصادر عن الحكومة السورية بشأن اللاجئين؟
أحمد الدرزي : كان قرار العفو الرئاسي الذي صدر بتوقيع الرئيس بشار الأسد منذ شهرين يتعلق بشكل مباشر بالذين لم يتورطوا بالدم بمعنى آخر الذين حملوا السلاح ولم يثبت عليهم شي من ناحية الدم والقتل فإن هذا العفو يتيح لهم العودة إلى سورية ودون مساءلة على الاطلاق أما الذين ارتكبوا جرائم وتسببوا بمسير الدم للسوريين فإن مسألتهم مرتبطة بالامر الخاص بمعنى العفو الخاص لأهالي الذين تعرض أبناؤهم للقتل او التعذيب فإن الحق الخاص لا يسقط الحق العام .....قرار العفو بالنسبة للاجئين هو قرار واسع وشامل ويتيح لهم العودة الى سورية بشكل سلس والى مناطقهم وفي هذا الامر تفكيك للمسألة السياسية التي استمرت حتى الان رغم تراجعها في التلاعب بمسألة اللاجئين ضمن الصراع الدولي والاقليمي .
الوقت: من هم الاشخاص المشمولون بهذه العودة ؟
أحمد الدرزي: القرار بالعودة يشمل الجميع وبالأساس يجب أن تنتهي مسألة اللاجئين وأن تخرج من إطار المداولات الدولية والاقليمية والوصول إلى حل ما بعدما شكلوا عنصرا ضاغطا فالقرار لا يستثني أحدا وإنما يشمل الجميع شرط ألا يكون هناك حق خاص بحق أي طرف من الاطراف ضمن المحاكم السورية وتقبل الدعاوى الشخصية بحق بعض اللاجئين.
الوقت: لماذا لا يوجد إجماع في لبنان على عودة اللاجئين السوريين إلى سورية؟
أحمد الدرزي : حقيقة موضوع الإجماع في لبنان لا يمكن أن تتحقق لأنه في الاساس هو منقسم على نفسه دائما منذ لحظة تأسيسه وحتى الآن وربما ليس من لحظة تأسيسه وانما منذ اواسط القرن التاسع عشر هذا الانقسام الكبير بين المجموعات اللبنانية في موالاتها لأطراف غربية خارجية و اطراف تريد الانتماء إلى المنطقة وهذا الأمر امتد عبر كل المراحل التاريخية التي مر بها لبنان واستمر بعد التأسيس فهناك انقسام واضح بين الانتماء للمشروع الغربي بشكل عام مقابل أطراف تريد للبنان ان ينتمي إلى بيئته التاريخية الطبيعية وهي بيئة إما على المستوى القومي العربي او على المستوى الاسلامي او على المستوى المشرقي فهو ينتمي إلى حضارات هذا المشرق وهذا من الطبيعي أن ينعكس على الموقف من اللاجئين السوريين نتيجة هذا الانقسام إضافة إلى أن هناك أطراف مستفيدة من استمرار وجود اللاجئين ماليا وكلنا يعلم أن قسما كبيرا من المساعدات التي وصلت للاجئين السوريين لم تذهب اليهم مباشرة إنما ذهبت إلى رجالات الساسة اللبنانيين الذين تشرف زوجاتهم على معظم الجمعيات والمؤسسات الخيرية وهم لا يريدون أن تنقطع هذه المساعدات حتى لا تنقطع عنهم سرقات هذه الأموال.
هناك أطراف اخرى تريد اخراج اللاجئين من التداول الداخلي كمادة للصراع داخل لبنان وتريد أن تكون عودة اللاجئين إلى وطنهم عودة مكرمة ومعززة ويخفف الضغوط عن الداخل اللبناني إضافة إلى إسقاط المشروع الأساسي الذي عملت عليه الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة توطين هؤلاء اللاجئين في لبنان واستخدامهم لتغيير ديموغرافي واسع واخلال في التوازن الطائفي المستمر حتى الآن لغايات واضحة تصب في خدمة الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل لذلك الانقسام سيستمر إلى ان ترفع الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن ملف اللاجئين والسماح لهم بالعودة بشكل كامل إلى سورية مع توفير الأرضية المناسبة لهم للحياة في سورية.