الوقت - طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي يائير لبيد، الأحد، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"الحل الفوري" للجنة التابعة للمنظمة الدولية للتحقيق في أحداث عملية "حارس الأسوار" التي وقعت عام 2021، بعد تصريحات لأحد محققي اللجنة اعتبرتها إسرائيل "معادية للسامية".
وأشار بيان صدر عن مكتب لبيد، إلى أن لبيد، بعث رسالة لغوتيريش يطالبه فيها بـ"العزل الفوري لأعضاء لجنة التحقيق ضد إسرائيل وبحلها".
وجاء في رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الأمين العام للأمم المتحدة "أدعوك اليوم إلى الوفاء بتصريحاتك إزاء هذه الحالة المخزية، وإلى تصحيح الأمور، فهذا الشيء لا يمكن له أن يمر مرور الكرام".
وكان ميلون كوثاري، أحد أعضاء اللجنة، قد لمّح خلال مقابلة مؤخرا مع موقع "موندوويس" (Mondoweiss) الذي يُغطي أخبار الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والسياسات الأميركية، إلى وجود "لوبي يهودي"، مشككا في شرعية عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وأضاف "نحن محبطون جدا من شبكات التواصل الاجتماعي التي يسيطر عليها، إلى حد كبير، اللوبي اليهودي أو بعض المنظمات غير الحكومية المحدّدة التي تكرس الكثير من المال لمحاولة تشويه سمعتنا".
من جانبها أكدت رئيسة اللجنة نافي بيلاي، المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، الخميس، أن تعليقات كوثاري "يبدو أنها أُخرجت عمدا من سياقها" و"نُقلت بشكل خاطئ"، وأضافت بيلاي إن هذه التصريحات تعكس "خيبة أمل اللجنة من استمرار عدم تعاون إسرائيل" مع الخبراء.
واعتبر لبيد أن دفاع بيلاي عن كوثاري "خاطئ"، متهما اللجنة بـ"تأجيج" معاداة السامية، وتابع "تُذكرنا الافتراءات بشأن لوبي يهودي يسيطر على الإعلام بأحلك أيام التاريخ الحديث".
ودان بعض الدبلوماسيين، منهم أميركيون وبريطانيون، تصريحات كوثاري على موقع تويتر.
وجدت إسرائيل في حديثه ما يكفيها لأن تضع فوق رأس كوثاري سيف ديموقليس الذي ابتدعته "معاداة السامية" لتلاحق به كل من تجرأ على توجيه نقد لها، وإن كان هجومها على لجنة التحقيق ومجلس حقوق الانسان لم يكن وليد اللحظة بل بدأ في اللحظة التي تشكلت فيه اللجنة، وحتى قبل أن تخطو اللجنة خطواتها الأولى حيث رفضت التعامل معها ولم تسمح لأعضاء اللجنة بالدخول إليها والمرور من خلالها إلى أراضي السلطة الفلسطينية، واستبقت النتائج بتوجيه الاتهام للجنة بعدم الحيادية والتشكيك فيها.
تتصرف اسرائيل باعتبارها دولة فوق القانون لا يجرؤ أحد على مساءلتها، فحين ارتكبت المجازر وهجرت الفلسطينيين من بلداتهم وقراهم لتقيم على أنقاضها دولة العنصرية وجدت في العالم من يقف بجوارها ويشد من أزرها، وحين اعتدت على الدول العربية وجدت من يمدها بالعتاد والسلاح، وكلما ارتكبت جريمة تصل بمكوناتها المختلفة لمفهوم جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تجد من يدافع عنها ويمنحها الضوء الأخضر لارتكاب المزيد، يحق لطيرانها الحربي أن يقصف ويقتل كيفما شاء وأينما أراد ويبرر لها العالم ذلك بالدفاع عن النفس، لأجهزة استخباراتها أن تمارس القتل في دولة ذات سيادة وبجوازات سفر مزورة لدولة أخرى دون أن يلومها أحد، تخترع برامج تستخدمها للتصنت على زعماء العالم ويكتشفون أنها تفعل ذلك وكأن شيئاً لم يكن.
كيف نجحت في أن تجعل من تلك الأكذوبة "معاداة السامية" التي ولدت في القرن التاسع عشر سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع؟، كيف استطاعت أن تختزل السامية فيهم وينفوها عن باقي الناطقين باللغات السامية من العرب والاشوريين والآراميين والبابليين والفينيقيين؟
و"حارس الأسوار" هو اسم تطلقه إسرائيل على عملية عسكرية على غزة وقعت بين 10 و21 مايو/أيار 2021.
يُذكر أن مجلس حقوق الإنسان كان أنشأ لجنة التحقيق الأممية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل منذ 13 أبريل/نيسان 2021.
وأنشئت اللجنة عقب الحرب التي استمرت 11 يوما بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في مايو/أيار 2021، وتسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة باستشهاد 260 شخصًا بينهم 66 طفلا وفق السلطات في القطاع، بينما قُتل 13 شخصًا بينهم جندي في الجانب الإسرائيلي بصواريخ أُطلِقت من غزة، وفق شرطة الاحتلال.
ووصف الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم رسالة رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ومطالبته بحل لجنة التحقيق في أحداث العدوان على غزة عام 2021، بـ"الوقحة"، التي تتحدّى المنظومة الدولية.
وفي تصريح مقتضب، أشار برهوم إلى أن الرسالة تشكّل دليلاً إضافياً على استهتار كيان الاحتلال بالقانون الدولي، وتهرُّبه الدائم من المساءلة عن جرائمه بحقّ شعبنا الفلسطيني.
بدورها أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية يوم الاثنين، بأشد العبارات الهجوم التحريضي التضليلي الذي مارسه يائير لبيد، ضد لجنة التحقيق المستمرة المنبثقة عن مجلس حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة.,
كما أدانت الخارجية الفلسطينية في بيان، بشدة مطالبته للامين العام للامم المتحدة بحل اللجنة وتكراره الاتهامات الاسرائيلية المعتادة و الممجوجة للجنة بـ"معاداة السامية".
واعتبرت، أقوال لبيد انعكاسا للغرور الاسرائيلي المبني على الاستخفاف بالأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة وقراراتها، والناتج عن ضعف وغياب الارادة الدولية في تنفيذ وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، كما انها محاولة اسرائيلية مفضوحة للتغطية على العراقيل التي تضعها دولة الاحتلال أمام جميع لجان التحقيق وتقصي الحقائق الأممية وفي مقدمتها منع أعضاء اللجنة من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة للقيام بمهامهم. هذا في وقت تتواصل به انتهاكات وجرائم دولة الاحتلال وجيشها وميليشياتها الاستيطانية المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين، في افلات اسرائيلي مستمر من العقاب وامعان في التغطية الرسمية على مرتكبي تلك الجرائم، كان اخرها القرصنة التي قامت بها الحكومة الاسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني والقرصنة المستمرة لاراضي المواطنين الفلسطينيين ومصادرتها وحرمانهم منها، وعمليات تعميق الاستيطان والتهويد في طول وعرض الضفة الغربية المحتلة وبشكل خاص في القدس الشرقية وما يتعرض له المسجد الاقصى المبارك من محاولات تهويد كما هو الحال في البلدة القديمة بالقدس والدعوات المتكررة التي تطلقها جماعات (الهيكل) المزعوم لتغيير معالم باب المغاربة.
ويضاف إلى ذلك، حسب بيان الخارجية الفلسطينية، إلى مسلسل القتل والاعدامات الميدانية المتواصل وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، الاعتقالات العشوائية بالجملة، وعمليات التطهير العرقي واسعة النطاق التي ترتكبها قوات الاحتلال بهدف إلغاء الوجود الفلسطيني من عموم المناطق المصنفة.
وأكد، أن من يخشى لجان التحقيق الاممية عليه الكف عن ارتكاب الانتهاكات والجرائم، والانصياع لارادة السلام الدولية، والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بدلا من الخروج بتصريحات للاستهلاك الانتخابي وكيل الاتهامات للهيئات الدولية التي تقوم بعملها وفق القانون الدولي. على دولة الاحتلال أن تتوقف عن تمردها على المجتمع الدولي وقراراته، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، والامتناع عن جر المنطقة الى مزيد من التصعيد ومربعات العنف.
وترى الخارجية أن استخفاف إسرائيل بالمجتمع الدولي وهيئات الامم المتحدة وقراراتها وصل الى مستويات خطيرة نتيجة للتقاعس الدولي المستمر وغياب الارادة الدولية الكفيلة بإجبار دولة الاحتلال على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.