الوقت_ من جديد، يظهر موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" حجم تحيزه من خلال إعادة الاصطفاف مع الكيان الصهيوني بالتزامن مع محاولات العدو القاتل منع أصحاب الأرض والمقدسات الفلسطينيّة من فضح ممارساته الإجراميّة بحق الفلسطينيين وبالأخص في المسجد الأقصى، في ظل وجود رصيد كبير من مقاطع الفيديو والصور الجديدة التي توثّق حجم دمويّة وإرهاب العصابات الصهيونيّة على هذه المنصة الإلكترونيّة، حيث قام فيسبوك بحجب 12 صفحة غطت الأخبار الفلسطينية والاعتداءات الإجراميّة للمحتلين على المصلين في المسجد الأقصى المبارك مؤخراً، في تكرار لما قام به فيسبوك ومنصته على انستغرام -باعتراف المنظمات الدوليّة- عندما شنّ الكيان حربه الأخيرة على قطاع غزة، وتعامل الشركة المتواطئة مع تل أبيب مع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من الفلسطينيين، وحذف منشورات وإغلاق حسابات، بسبب استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك أو المقاومة أو شهيد.
تحيز كبير
في أيامنا هذه، لا شك أنّ مواقع التواصل الاجتماعيّ باتت ساحات للحروب الالكترونيّة التي تعج بالمنشورات والتعليقات والهاشتاغات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم، وفي إطار الهجمات الصهيونيّة المستمرة ضد الفلسطينيين ومنازلهم ومقدساتهم، وانتقال المعركة مع العدو أيضاً إلى "الحرب الالكترونيّة" التي أصبحت لا تقل أهميّة عن مقاومتهم وسعيهم لتحرير بلادهم من الجناة المحتلين، تستعين تل أبيب بمواقع التواصل الاجتماعيّ لتمارس رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطينيّ، إضافة إلى تضييق كبير على وصوله إلى العالم، لتقتل كما يحلو لها.
وإنّ قيام البرنامج الشهير بحجب 12 صفحة غطت الأخبار الفلسطينية والاعتداءات الإجرامية للمحتلين على المصلين في المسجد الأقصى مؤخراً وفقاً لمجموعة "يكتا انترناشيونال"، يعتبر دعماً آخر للكيان الصهيونيّ الباغي الذي يسعى بالتعاون مع تلك الشركات إلى إسكات أصوات الفلسطينيين وداعمي قضية فلسطين على منصات التواصل الاجتماعيّ من خلال "نظام رقابة" وحظر الحملات الرسميّة والشعبيّة الداعمة للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينيّة وخارجها، وقد أقامت شركة "فيسبوك" مركز عمليات خاص في الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها العدو ومستوطنوه، يعمل فيه موظفون يجيدون اللغة العربيّة لرصد المحتوى الفلسطينيّ وإزالة معظم المنشورات المؤيدة للفلسطينيين.
ولم تخف الأبحاث العلميّة المتعلقة بتلك المواقع معلومات حول تقييد أو حذف ملايين المنشورات المؤيدة للفلسطينيين، عن طريق خوارزميات (مجموعة تعليمات) خاصة، الشيء الذي أدى حينها إلى تراجع تقييم الموقع بشكل كبير أثناء وعقب انتهاء معركة "سيف القدس"، بسبب قيام عدد كبير من المستخدمين بإعطاء تقييم متدنٍ للموقع على المتاجر الإلكترونيّة، تعبيراً عن غضبهم من إغلاق حساباتهم، بسبب منشورات بعضها يعود لأعوام سابقة، وتتحدث عن القضية الفلسطينيّة، وجرائم الكيان القاتل، وقد اعترف "فيسبوك" و"واتساب" و"انستغرام" بصراحة بتقاعسهم عن مسؤولياتهم القانونيّة والأخلاقيّة في احترام القانون الإنسانيّ الدوليّ، وحق الشعب الفلسطينيّ في التعبير عن الاضطهاد الكبير الذي يتعرض له، فيما عبر الفلسطينيون والمتعاطفون مع قضيتهم العادلة علناً عن شكاوى من الرقابة التي فرضت على الشبكات الاجتماعية في أيار/مايو الماضي، عندما أدت محاولات استيلاء العصابات الصهيونيّة على منازل السكان في القدس الشرقية المحتلة إلى تصعيد إسرائيليّ انتهى إلى مواجهة عسكريّة دامية بين الصهاينة ومقاومي قطاع غزة الذين أمطروا الأراضي المحتلة بصواريخ ردت عليها قوات العدو بغارات جويّة، في انتصار كبير للفلسطينيين باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.
"خوارزميات فيسبوك تسببت في تعرض الفلسطينيين لدرجة غير مبررة من الرقابة"، هذا ما يمكن قوله بعد أن فضح المناصرون لفلسطين الجرائم الإسرائيليّة وأمثلة التحريض على القتل والكراهية والعنصريّة والعنف من المستويين الرسميّ والإعلاميّ في حكومة العدو، في ظل امتلاك "إسرائيل" وحدات إلكترونيّة محترفة ترصد كميات كبيرة من المحتوى الفلسطينيّ، والتبليغ عنه، ما يتسبب في اختلال في التوازن لعدم امتلاك الفلسطينيين لهذه الأساليب على وسائل التواصل الاجتماعيّ.
أهدافٌ خبيثة
لا يخفى على أحد أنّ الهدف الأساس من هذا التعاون بين حكومة تل أبيب وشركات التواصل الاجتماعيّ هو ممارسة التعتيم وتكميم الأفواه وتشويه النضال الفلسطينيّ من جهة، ودعم حملات التحريض الصهيونيّة الممنهجة من جهة أخرى، بالتزامن مع خطأ جسيم تمارسه منصات التواصل الاجتماعي لتغيير جملة إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية تحرر ونضال ضد الاحتلال والاستعمار والاضطهاد والفصل العنصريّ، مقابل تبني الرواية الأمنية المخادعة للعدو، والتي تعتبر نضال ومقاومة الشعب الفلسطينيّ المشروع "أعمال شغب وعنف وإرهاب"، فيما تعتبر حملات العصابات الصهيونيّة العسكريّة بشتى الأسلحة الثقيلة حقاً للكيان ومؤسساته الدمويّة.
ويلجأ العدو الإسرائيليّ إلى تلك الممارسات المعادية لأبسط حقوق الإنسان، خوفاً من التضامن العربيّ والعالميّ –على المستوى الشعبيّ- الذي ربما تشهده مواقع التواصل الاجتماعيّ تعاطفاً مع الفلسطينيين ضد من يقتلهم في أقدس شهور السنة، بالتعاون مع الشركات المتحيزة والمخادعة لكبح جماح الغضب العارم من إجرام وعنصريّة وجبروت الكيان وفضحها أمام الرأي العام العالميّ بعد أن فشل الإسرائيليون مراراً في التستر والتغطية على قتلة الأطفال والنساء، لتبقى الصورة الوحيدة المرسومة في أذهان الجميع عند ذكر "إسرائيل"، هي الموت والدمار، في ظل الاتهامات الدولية للعدو بأنّه يوظّف علاقاته مع شركة فيسبوك في محاربة المحتوى الفلسطينيّ في الفضاء الإلكتروني الأزرق.
أيضاً، إنّ تاريخ موقع فيسبوك تاريخ سيء للغاية في قمع النشطاء الفلسطينيين وداعمي فلسطين، وقد عمل مع حكومة العدو الصهيونيّ على إلغاء حسابات الكثير من الفلسطينيين بحجة منع التحريض لكنه أصاب مئات الأشخاص خلال هجومه على المسجد الأقصى واعتقل نحو 450 آخرين، حيث إنّ الكيان الصهيونيّ الإرهابي منذ مطلع القرن المنصرم حتى اليوم، يستمر بقمع الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتزايدة، بالتزامن مع استمرار بعض الشركات والمؤسسات العالميّة بمساعدته في انتهاكاته للقانون الدوليّ.
خلاصة القول، بكل صراحة تدعو "إسرائيل" على لسان مسؤوليها المسؤولين التنفيذيين في فيسبوك إلى أن يكونوا أكثر استباقية في إزالة المحتوى المؤيد للفلسطينيين في مواقع مختلفة، ولا يوجد دليل قاطع أكثر مما ذُكر، للتأكيد على التبعيّة الحقيقيّة لتلك البرامج التي تدعي أنّها تُعطي الأفراد حريّة لا يتمتعون بها في واقعهم، لكن وعلى ما يبدو فإن الخطوط الحمراء للشركات العملاقة أصبحت مكشوفة لأبعد حد، كما أنّ موقع فيسبوك المتواطئ مع تل أبيب لم يعالج في السابق القضايا التي أثارها الناشطون الأحرار وتعامل معها كرسائل عدوانيّة فكيف يناصرها اليوم!.