الوقت - خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار الثالث والتسعين في مساء يوم 27 مارس، أثارت حركة غير متوقعة "على ما يبدو" أي قيام "ويل سميث" بتوجيه صفعة علی وجه الممثل الأفريقي الشهير والممثل الكوميدي ومضيف الحفل "كريس روك"، الکثير من الجدل، وطغى على الحفل كله.
بالطبع، من الضروري الإشارة إلى أنه وفقًا للعديد من خبراء وكتاب السينما، فإن حفل الأوسكار آخذ في التراجع منذ عدة سنوات، وكان حفل هذا العام في نفس التدهور النوعي من كل النواحي.
لكن في قلب هذا الحفل الخامل والبارد، غلت "غيرة" الممثل فجأةً، ورداً علی مزحة المضيف مع زوجته قام بصفع وجهه، وهو ما أصبح عنوان كل الأخبار في الولايات المتحدة لبضعة أيام.
لكن العارفين بکواليس الفن يعرفون جيدًا هذا النوع من ألاعيب هوليوود في خلق موجة من الدعاية والعمليات النفسية، ولا ينخدعون أبدًا بالغيرة "البلاستيكية" لأمثال ويل سميث، الذي غضب فجأةً بسبب مزحة!
كل عنصر من مكونات هذا العرض السنوي، أي حفل جوائز الأوسكار، منسق بالکامل، وليس هناك شك في أن ويل سميث كان يجب أن يفوز بجائزة أفضل ممثل، ليس بسبب "الملك ريتشارد" ولكن عن نفس الدور الذي لعبه خلال الحفل والذي شغل الشعب الأمريكي لبضعة أيام!
خاصةً ويل سميث، الذي اعترفت زوجته "جادا" بخيانتها لزوجها لعدة سنوات في عام 2020، وويل سميث نفسه الذي اعترف بأنه لديه "زواج مفتوح" مع زوجته، وهذا يعني أنه على الرغم من كونهما زوجين، يمكن أن يكون لكل منهما شركاء آخرين!
والأكثر إثارةً للاهتمام، هو أنه قبل أن يصبح السيد ويل سميث "غيورًا" في حفل توزيع جوائز الأوسكار، كانت هناك شائعات جدية في هوليوود حول علاقة زوجته بالمقدم والممثل الكوميدي كريس روك!
الحقيقة هي أن براعة هوليوود في خلق العمليات النفسية والاجتذاب العام ظهرت مرةً أخرى، ومن خلال تنظيم عرض عاطفي وسطحي للغيرة الزوجية، استطاعت أن تجذب الرأي العام لتصرف انتباهه تمامًا عن حقيقة أخرى مهمة. لكن ماذا يمكن أن تكون هذه الحقيقة؟
ليس هناك شك في شيء واحد، وهو العلاقة المتجذرة بين مديري هوليوود التنفيذيين و"الدولة العميقة" للولايات المتحدة.
"الدولة العميقة" هي الشبكة الخفية وراء الكواليس والعابرة للأحزاب، التي تتولى القيادة الحقيقية للسلطة في الولايات المتحدة، من خلال التسلل والسيطرة على المنظمات السياسية والأمنية والقضائية والعسكرية، وبالطبع باستخدام الأسلحة الاقتصادية القوية. وبالطبع، الأمر نفسه ينطبق على جزء كبير من الدول الأخرى في العالم.
النقطة المهمة هي أنه خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار، ما هي القضية المثيرة للجدل التي کان يجري الكشف عنها والتي كانت تضر بمصالح الدولة العميقة؟
قبل عشرة أيام من حفل توزيع جوائز الأوسكار في 17 مارس، أكدت صحيفة نيويورك تايمز أخيرًا في تقرير، أن رسائل البريد الإلكتروني المسربة من جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بـ هنتر بايدن(نجل جو بايدن) حقيقية.
هذا في حين أن صحيفة نيويورك بوست قد ذكرت قبل عامين، في 14 أكتوبر 2020، في تقرير خاص أن محتويات جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بهنتر بايدن، تظهر أنه قبل أقل من عام على قيام والده، جو بايدن(نائب الرئيس آنذاك)، بالضغط على الحكومة الأوكرانية من خلال السفارة الأمريكية في كييف لإقالة المدعي العام، كان على اتصال عميق بشركات فاسدة في قطاع الطاقة في أوكرانيا (2014-2016).
كان المدعي العام الأوكراني آنذاك يحقق في قضية علاقات تلك الشركات مع الأطراف الأمريكية(بما في ذلك نجل بايدن)، ولکن طردته الحكومة الأوكرانية! ووفقًا لصحيفة نيويورك بوست، في الفترة نفسها، عرَّف هانتر والده على أحد كبار المديرين التنفيذيين في مجال الطاقة في أوكرانيا.
تم الكشف عن قصة لقاء جو بايدن مع مدير الطاقة في أوكرانيا، في رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى فاديم بوزارسكي(17 أبريل 2015) من قبل أحد مستشاري مجلس إدارة شركة بوريزما، لتقديم الشکر لهانتر. كان هانتر عضوًا في مجلس إدارة شركة بوريزما الأوكرانية، براتب شهري يزيد على ثمانين ألف دولار. جاء في هذا البريد الإلكتروني:
"عزيزي هانتر، أشكرك على دعوتي إلى العاصمة(واشنطن) ومنحي الفرصة لمقابلة والدك وقضاء الوقت معه. لقد جعلني ذلك فخوراً وسعيداً."
في غضون ذلك، زعم جو بايدن في مقابلة أنه لم يتحدث أبدًا مع ابنه هانتر عن عمله خارج الولايات المتحدة.
وفي أواخر نوفمبر 2019، نشرت صورة لجو وهانتر بايدن مع ديفون آرتشر في ملعب للجولف. كان ديفون آرتشر، إلى جانب هانتر، عضوًا في مجلس إدارة الشركة الأوكرانية بوريزما في ذلك الوقت.
ومن بين المحتويات الأخری للكمبيوتر المحمول الخاص بهانتر، والذي تم العثور عليه في ورشة لإصلاح أجهزة الكمبيوتر في ويلمنجتون ديلاوير(مسقط رأس هانتر) في أبريل 2019، کان مقطع فيديو مدته 12 دقيقة وهو يستهلك الكراك؛ وبالطبع علاقته الجنسية مع امرأة غير معروفة وصور لأوضاع هانتر الخاصة.
شخص مجهول أخذ الكمبيوتر المحمول "ماك بوك برو" إلى ورشة إصلاح ولم يعد إليه، وحسب صاحب المتجر، مهما حاول جاهداً، لم يتمكن من الاتصال بالشخص.
أبلغ صاحب المتجر الشرطة بالحادثة بعد بضعة أشهر من عدم عودة الرجل، وفي ديسمبر 2019، صادر عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أخيرًا جهاز الكمبيوتر المحمول والقرص الصلب الخاص به.
لكن صاحب المتجر، الذي يبدو أنه من مؤيدي ترامب، يصنع نسخةً من معلومات الكمبيوتر المحمول ويسلمها للمحامي رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق وأحد مساعدي ترامب المقربين.
وتصبح القصة أكثر إثارةً عندما نعلم أنه بعد ثمانية أشهر من شكر بوزارسكي لهانتر على فرصة لقاء والده(أبريل 2015)، فإن بايدن الذي كان نائب الرئيس آنذاك، خلال زيارة إلى كييف في ديسمبر 2015، هدَّد رئيس أوكرانيا آنذاك(بترو بوروشينكو) ورئيس الوزراء (أرسيني ياتسينيوك)، بأنه إذا لم يُطرد المدعي العام في ذلك الوقت فيكتور شوكين(الذي كان يحقق في فساد شرکة بوريزما)، فسوف يمنع قرضًا أمريكيًا قيمته مليار دولار لهذا البلد.
كشف شوكين لاحقًا في مقابلة، أنه طُرد في وقت كان ينوي فيه استجواب جميع أعضاء مجلس إدارة بوريزما(بما في ذلك هانتر بايدن)، للتحقيق في فساد الشركة.
والآن، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز(17 مارس 2022)، أكد المسؤولون الفيدراليون أن رسائل البريد الإلكتروني والمعلومات المتبادلة بين هانتر وشريكه ديفون آرتشر ورفاقه الآخرين في بوريزما التي تم العثور عليها من "الكمبيوتر المحمول" الشهير، هي أساس التحقيقات.
لكن يوم الأربعاء، 30 مارس، أکدت صحيفة واشنطن بوست، وهي صحيفة أمريكية كبرى أخرى، صحة محتويات الكمبيوتر المحمول الخاص بهانتر بايدن، وأدخلت الموضوع في مرحلة جديدة.
وفقاً لهذه الصحيفة، يتحقق خبيران أمنيان من صحة 22000 رسالة بريد إلكتروني (2009-2019)، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بأعمال هانتر بايدن الأجنبية، باستخدام التوقيعات المشفرة من غوغل وشركتين تقنيتين أخريين.
وکان أحد هذه الأعمال الحصول على رشاوى بقيمة 5 ملايين دولار خلال صفقة مع CEFC، وهي شركة قابضة صينية كبرى للطاقة. وكشفت رسائل البريد الإلكتروني أيضًا أن هانتر تلقى حوالي 84 ألف دولار شهريًا، أو مليون دولار سنويًا، خلال فترة عمله في شركة بوريزما الأوكرانية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنها حصلت على نسخة من الكمبيوتر المحمول في يونيو من العام الماضي، من قبل مراسل استقصائي يدعى جاك ماكسي. عمل هذا المراسل سابقًا مع ستيفن بانون، وهو محلل استراتيجي كبير سابق في البيت الأبيض في عهد ترامب.
وحسب التقرير، أمضى مسؤولو الصحيفة عدة أشهر للتحقق من صحة محتويات الكمبيوتر المحمول، وقدموا نسختين للمراجعة الفنية لمات جرين، الباحث الأمني في جامعة جونز هوبكنز، وجيك ويليامز، خبير الطب الشرعي ووكيل وكالة الأمن القومي السابق.
وقد أكد الخبيران أن رسائل البريد الإلكتروني تحتوي على توقيع مشفر، ما يقلل بشكل كبير من احتمالية تزويرها، حيث يكاد يكون من المستحيل حتى على المتسللين الأكثر مهارةً تزوير هذا التوقيع.
ومن المثير للاهتمام، أن النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مات غيتز، قدم يوم الأربعاء طلبًا ونسخةً من محرك الأقراص الصلبة للكمبيوتر المحمول لهانتر بايدن إلى رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، طالبًا تسجيله رسميًا في الكونغرس.
الأمر الأكثر إحراجًا هو أنه في اليوم السابق(الثلاثاء)، سأل غيتز مدير الأمن السيبراني في مكتب التحقيقات الفيدرالي(FBI) في جلسة استماع بالكونغرس حول الأمن السيبراني، عن مصير محتويات الكمبيوتر المحمول الخاص بنجل بايدن، والمسؤول المختص قال إنه ليس لديه معلومات عن هذا الموضوع!
قال غيتز، الذي فوجئ بالرد، إنه سيقوم بتقديم نسخة إلى اللجنة القضائية بمجلس النواب. والأكثر إثارةً للاهتمام، خلال تصريحات غيتز، عارض جيري نادلر، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، وهو عضو في الحزب الديمقراطي، طلب غيتز وأمر بقطع الميكروفون عنه، دون إبداء أي سبب. لکنه غيَّر رأيه فيما بعد، ودعا إلى "مزيد من التحقيق" في الأمر.
على أي حال، فإن فضيحة بايدن ونجله "الأوكرانية"، والتي سيكون لها بالتأكيد عواقب وخيمة على السياسة الأمريكية، والتي طغت عليها "غيرة" ويل سميث المفاجئة، لم تتسبب بعد في إحداث الضجة المناسبة في الرأي العام الأمريكي. بالطبع، علاقات هوليوود العميقة بأروقة السلطة في واشنطن، وخاصةً بالحزب الديمقراطي، ليست مخفيةً عن أي شخص في الولايات المتحدة.
هل سارعت هوليوود وأساتذة "صناعة الأفلام" في العالم لمساعدة السياسيين، والتستر علی قضية "أوكرانيا غيت" وفضيحة بايدن ونجله هانتر؟ الأيام القادمة ستوضح هذه المسألة.