الوقت - ما زال سكان حي الشيخ جراح الفلسطينيين في القدس الشرقية يقارعون قوات الاحتلال دفاعا عن منازلهم التي تريد إسرائيل طردهم منها لمصلحة جمعيات استيطانية.
وتواجه عشرات العائلات الفلسطينية، خطر الإخلاء من منازلها التي تُقيم فيها منذ سنوات خمسينات القرن الماضي، بحي الشيخ جراح، لمصلحة مستوطنين.
وازدادت المواجهات في الحي منذ إقامة عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير (الصهيونية المتدينة) في 12 فبراير/ شباط الجاري خيمة له وسط الحي.
ويروي سكان الحي أن الأمور لا تكاد تهدأ بحي الشيخ جراح في ساعات الظهيرة حتى تعود للتوتر في ساعات المساء.
وتتصدر التطورات في الحي الفلسطيني شبكات التواصل الاجتماعي وسط استمرار الدعوات للتضامن مع سكان الحي، وغالبا ما تترافق الدعوات مع صور اعتداءات أفراد الشرطة والمستوطنين الإسرائيليين ضد السكان والمتضامنين.
ومع استمرار تصاعد التطورات في الحي الفلسطيني فإن ثمة تقديرات بانفجار الأمور بشكل أكبر في شهر رمضان الذي يبدأ مطلع نيسان المقبل.
وكانت قرارات إخلاء إسرائيلية لفلسطينيين من منازلهم في الحي أدى في شهر رمضان الماضي الى مواجهات عنيفة سرعان ما وصلت شرارتها إلى الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني.
وتواجه عائلات الشيخ جراح أوضاعا صعبة نتيجة محاولات جماعات استيطانية إخراجها من منازلها.
وفي السياق، طلب الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، الاثنين، من جميع المقاومين أن يكونوا على "أهبة الاستعداد للدفاع عن القدس وأهالي الشيخ جراح"، مؤكداً أنّ المسار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني هو المقاومة.
وقال النخالة، خلال مؤتمر شعبي تحت عنوان "المقاومة طريق التحرير"، إنّ "من يملك القوة اليوم ومن يستطيع أن يقاتل هو من يستطيع أن يأخد الناس إلى النصر، مضيفاً إن "معركة سيف القدس أثبتت أنّ عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني عصية على الفناء".
وتابع: "المقاومة باتت أقوى من أي وقت مضى، والعدو اليوم بات أضعف من أي وقت مضى"، لافتاً إلى أنّ الاتفاقيات مع الاحتلال "لم تكن سوى خدعة كبرى ليمرّ الإسرائيليون إلى كل العواصم"، وأنّ "التطبيع والسلام الاقتصادي ليسا إلا إهانة".
ودعا النخالة "كل مسلم في العالم لأن يستنفر على مدار الوقت للعمل من أجل القدس والمقدسات"، مشدداً على أنّه طلب من جميع المقاومين أن "يكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن القدس وأهالي الشيخ جراح".
وأضاف: "يجب ألا نتردد في أي لحظة في مواجهة العدو. وما يقوم به أهالي الضفة هو مقاومة بكل معنى الكلمة"، معرباً عن التضامن الكامل مع الأسرى "في جهادهم المستمر" في سجون الاحتلال.
بدوره أكد مسؤول دائرة العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر الطاهر الاثنين، أن المؤتمر الشعبي اليوم يهدف لتعزيز المقاومة المتصاعدة في الضفة، ودعم المرابطين في الشيخ جراح، مؤكداً على أن خيار المقاومة بكل أشكاله وعلى رأسها المسلحة كخيار استراتيجي لتحرير كل ذرة من تراب فلسطين.
وأوضح الطاهر، خلال مؤتمر شعبي كبير نظمته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بعنوان "المقاومة طريق التحرير"، دعماً وإسناداً للمقاومة في الضفة الباسلة، ولأهلنا في النقب والشيخ جراح، في ذكرى الإسراء والمعراج، وذكرى التحرير الصلاحي للقدس وتزامناً مع انطلاق أسبوع القدس، أن خيار المقاومة جاء بعد أن اتضح بالملموس فشل خيار المراهنة على تسويات وحلول سياسية مخادعة ومزيفة هدفها ضرب وتمزيق مشروع التحرر الفلسطيني وأحداث الصراعات والانقسامات في الساحة الفلسطينية.
واعتبر أن معركة سيف القدس أكدت على وحدة الأرض والشعب ووجهت ضربة لكل محاولات تشتيت الشعب الفلسطيني، موضحاً أن خيار أوسلو المدمر كان نتيجته مزيد من الاستيطان وتهويد الأرض والاعتقالات والاغتيالات لتصفية القضية، وتمدد المشروع الصهيوني للسيطرة على المنطقة من خلال سياسيات التطبيع التي اقدمت عليها بعض الدول الخانعة والتابعة.
ويقطن الشيخ جراح أكثر من 3 آلاف فلسطيني على مساحة أراض تقدر بنحو ألف دونم، وهي آخر ما تبقى لهم من أراض بعد مصادرة آلاف الدونمات من أراضي السكان التي أقيمت فوقها 3 مستوطنات تعرف بمستوطنات التلة الفرنسية.
وكانت المقاومة الفلسطينية خاضت معركة سيف القدس في غزة نصرة للقدس والشيخ جراح حيث رسخت معادلة جديدة يعيها الاحتلال جيدا، وهي أنه لم يعد هناك فصل بين غزة والضفة، وأمر الفصل بين القطاعات الفلسطينية ضرب من الخيال، ليبقى تساؤل في أروقة صنع القرار في "إسرائيل"؛ بأن هذه قوة غزة فكيف سيكون الحال إذا اندلعت حرب مع ساحات أكثر إيلاما وأشد فتكا؟.
تراقب فصائل المقاومة ما يجري في الشيخ جراح عن كثب، ما دعاها لأن تعلن أنها لن تسمح بكسر المعادلة التي رسّختها خلال المواجهة الأخيرة، وأن قضية القدس خطّ أحمر، والاعتداء عليها سيشعل الأوضاع بشكل غير متوقَّع لجميع الأطراف، مؤكدة أن سيف القدس ما زال مشرعا، الأمر الذي يدركه الاحتلال ويعيه تماما، حيث إن التصعيد في القدس قد يفجر "سيف القدس2".
ووسط تهديدات وتحذيرات من المقاومة الفلسطينية بأنّ العربدة في القدس وحي الشيخ جراح أمر لا يحتمل الصمت وهو لعب بالنار، تنامت حالة من القلق والمخاوف الإسرائيلية خشية عودة المعركة، في ظل تأكيد المراقبين والخبراء أنّ المقاومة باتت تمتلك زمام المبادرة، وأصبحت جاهزة بجدارة لإدارة معركة جديدة.
ويأتي هذا في ظل انعدام الأفق السياسي واستمرار العربدة الصهيونية على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم في القدس المحتلة والضفة والداخل المحتل.
حيث يؤكد الخبير في شؤون القدس جمال عمرو، أنّ العوامل ذاتها التي اشتعلت لأجلها معركة سيف القدس هي ذاتها التي تتكرر الآن، فهي عوامل مجربة ولا تختلف البتة.
وبين أنّ الأمور باتت واضحة أن الجميع على جاهزية واستعداد وتهديد متبادل لا يخفى على أحد.
ويحذر عمرو من أن المتطرفين الصهاينة ذاهبون إلى صناعة الحرب بأنفسهم باستمرار اعتداءاتهم في القدس وحي الشيخ جراح خاصة. وأوضح أنّ لدى الصهاينة نية مبيتة في رمضان القادم لاقتحام المسجد الأقصى بما يسمى "السبت العظيم" وهو ما قد يعود "ليس بسيف القدس بل بسيوف كثيرة تذل الاحتلال" وفق قوله.
ويضيف الخبير المقدسي: "يبدو واضحاً أنّ الاحتلال يتحمل وحده المسؤولية، ويسارع في صناعة حرب في المنطقة، ويقدم نموذجا في الحقارة والقذارة، بل ويقود المنطقة لحمام دم". وأكد أن "الأمر لم يعد بحاجة لتأكيد، فإنّ الفلسطينيين على أتم الاستعداد والجهوزية، ولا يوجد لديهم ما يخسرونه".
یبدو أن الصهاينة لا يريدون الكف عن وحشيتهم ويريدون ممارسة الضغوط على سكان الشيخ جراح ، لذلك تؤكد فصائل المقاومة أنه لا يجب أن يستمر الوضع على هذا النحو، ويجب توفير الأمن والسلام للسكان الفلسطينيين في هذه المنطقة بأي شكل من الأشكال فهم مستعدون لمواجهة الاحتلال وقطعانه بشتى السبل.