حملت مجلة فورين بوليسي، أمريکا مسؤولية المجازر التي يتعرض لها المدنيون في اليمن من قبل تحالف العدوان العسكري السعودي، كون القصف اليومي للتحالف لا يمكن أن يتم إلا بتواجد مستمر لطائرات النقل الأمريكية لتزويد طائراته بالوقود، فضلاً عن تزويده بالذخائر خاصة العنقودية منها وإعتراف عسكريين أمريكيين كبار بتورطهم في التخطيط للحرب .
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها عن العدوان على اليمن بقلم بول مكليري "إن طائرات التحالف السعودي لا زالت تقصف العديد من المناطق في اليمن مسببة دماراً هائلاً، كما تقوم بالتحليق في سماء صنعاء والقرى الصغيرة بهدف العثور على أهداف عسكرية، لكنها غالباً ما تقصف أهدافاً مدنية ينتج عنه العديد من الضحايا المدنيين ".وأشارت الى تقديرات الامم المتحدة التي تتحدث عن أن عدد الضحايا تجاوز الـ 2500 شخص، بما فيهم مئات الضحايا من النساء والأطفال .
وأكدت المجلة في تقريرها بعنوان "حرب السعودية على اليمن بدعم من الولايات المتحدة" ان المتفجرات العنقودية التي لم تنفجر لا تزال تشكل منظراً سائداً في القرى والمزارع اليمنية، وشاهداً بارزاً على استمرار الحرب على اليمن من قبل السعودية وعلى دعم واشنطن الخفي للرياض بالأسلحة والطائرات الحربية والذخائر وقال الكاتب في المجلة المعنية بالشؤون السياسية والعسكرية "إنه في الوقت الذي يتهم فيه التحالف من قبل جماعات حقوق الانسان أن ضرباته الجوية تقصف أهدافاً مدنية دون التحقيق بعد ذلك ومطالبة منظمة (هيومان رايتس ووتش) بالتحقيق في هذه الضربات، يصر كبار ضباط سلاح الجو السعودي على أن بلاده متمسكة بالقوانين، بما فيها القوانين الدولية واتفاقية جنيف، وكذا قانون النزاع الدولي ". لافتا إلى تصريحات نائب مدير منظمة (هيومان رايتس ووتش) في الشرق الاوسط وشمال افريقيا جو ستروك مؤخراً والتي أكد فيها أن التزام أي طرف من الاطراف المتحاربة يؤدي الى اجراء تحقيق جاد وان "السعودية ببساطة لم تفعل ذلك" على الرغم من ارتفاع إحصاءات الضحايا من المدنيين .
وأكد قائلاً "لكن واشنطن مسؤولة عن هذه الانتهاكات، لان حملات القصف اليومية لا يمكن ان تنطلق إلا بتواجد مستمر لطائرات النقل للقوات الجوية الامريكية لتزويد طائرات التحالف بالوقود والتي تقدر ببلايين من الاسلحة والقنابل العنقودية التي تباع من قبل مقاولي الدفاع الامريكيين للرياض وحلفائها ".
وذكرت المجلة أن غالبية الطائرات المقاتلة للتحالف السعودي، امريكية الصنع ويقودها طيارون عرب وتقصف بقنابل ومتفجرات أمريكية، وقد عززت مؤخراً بـ 1.29 بليون دولار في اتفاقية واشنطن للأسلحة لتباع للسعودية . وقالت إن ذلك يأتي في الوقت الذي لم يتحاش مسؤولون عسكريون امريكيون كبار عن التحدث عن تورطهم في التخطيط للحرب . مشيرة إلى حديث لقائد القيادة المركزية للقوات الجوية الامريكية الجنرال تشارلز براون جونيور مطلع الشهر الجاري لمجموعة من الحضور في معرض دبي للطيران والتي قال فيها "ان الموظفين الامريكيين يعملون حالياً خارج مركز التخطيط السعودي لمساعدة خطة السعودية في تنفيذ الغارات الجوية اليومية وتقديم المساعدة المخابراتية لتنسيق الرحلات، إضافة إلى تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر مطلع هذا الشهر والتي أكد فيها "ان ادارة اوباما تدعم بشكل قوي حلفائها الخليجيين ".
وأوضحت أن المتحدث أقر بتقديم هذا الدعم "وهو على علم ان الضربات الجوية اغلب ضحاياها من المدنيين" رغم إحجامه عن ان يحمل طرفاً بمفرده المسؤولية وإكتفائه بالقول ان "صناع السياسة الامريكية دائماً يدعون الى ضبط النفس عند تنفيذ هذا النوع من الضربات" عندما تكون على مقربة من احياء سكنية .
وأكدت مجلة (فورين بوليسي) الامريكية ان هذه "الحملة الجوية وما أسفرت عنه من قتل المدنيين وصمة لواشنطن" خاصة وأنها استهدفت في غاراتها مستشفى تتواجد فيه منظمة (اطباء بلا حدود) في اليمن، وذلك بعد عدة اسابيع من إستهداف طائرة امريكية لمستشفى في قندوز بأفغانستان يعمل فيه موظفون من المنظمة وأسفرت عن مقتل 14 من العاملين فيه.
وكانت مجلة فورين بوليسي قد نشرت في ايلول الماضي مقالا للكاتب جيمس تروب جاء فيه أن أمريكا لا تستطيع إيقاف "عاصفة الحزم"، التي يشنها تحالف عربي بقيادة السعودية ضد أنصار الله في اليمن، وذلك لأن الدور الأمريكي في المنطقة قد تراجع وتضاءل. وحذّر الكاتب من أن تخلي أمريكا عن دورها في المنطقة، وتسليم زمام الأمور والمبادرة لحلفائها في الشرق الأوسط، قد يدفع الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.