الوقت- هناك استغلال غربي واضح حتى اليوم للاجئين السوريين، فالجميع لا يرغب بعودة اللاجئين لاعتبارات سياسية فقط، وعندما يتحدث هؤلاء عن عودة اللاجئين فإنهم يفعلون ذلك بطرق قذرة، حيث يعمدون إلى طرد السوريين بطريقة مذلة لأهداف سياسية أيضاً، ولكن الغالبية حتى اليوم يحفاظون على إبقاء السوريين للضغط على الحكومة السورية قدر المستطاع للرضوخ للشروط الغربية.
عن هذا الموضوع تحدث وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب والذي قال إن الدول الغربية لا تدعم عملية عودة المهجرين السوريين إلى أرض وطنهم.
وأوضح أن اللاجئين الفلسطينيين والسوريين يشكلون نحو 40% من إجمالي عدد سكان بلاده، الأمر الذي يشكل نوعا من الضغط على المجتمع اللبناني.
ولا سيما أن نسبة العائدين إلى بلادهم لا تزال قليلة، مقارنةً بِمَن هم في الخارج وتوزّعهم الجغرافي. إذ تتحدّث مصادر بحثية مستقلّة عن أن العدد المُسجّل وصل مع نهاية عام 2019 إلى حوالى 6.7 ملايين لاجئ، يتوزّع القسم الأكبر منهم في الدول المجاورة، وتحديداً في لبنان، الأردن وتركيا.
الحكومة السورية حذرت من استغلال اللاجئين، وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في وقت سابق، إن "بعض الدول الغربية تتعامل مع ملف اللاجئين السوريين بطريقة مسيّسة، معتمدة على التضليل والضغوط على الدول المستضيفة للاجئين".
هل اللاجئين يعارضون الحكومة القائمة في دمشق؟
منذ موجات اللجوء الأولى، والتي يقدّرها "المركز السوري لبحوث السياسات" بسبع موجات، ساد اعتقاد عام رسّخه الإعلام العالمي، مفاده أن السمة الغالبة للبيئة السياسية لمجتمع اللاجئين هي معارضة النظام، وتالياً فإن عودة أفرادها إلى بلادهم مرتبطة بتغيير سياسي داخلي ما. إلّا أن تلك الصورة الذهنية المتشكّلة عبر سنوات، تعرّضت للاهتزاز خلال انتخابات عام 2014، وكذلك في الانتخابات الأخيرة، على الأقلّ بالنسبة إلى اللاجئين في لبنان. وبحسب أحد المسؤولين عن ملفّ المصالحة الوطنية، فإن "هناك مواطنين كثراً مؤيدين للحكومة، اضطروا للجوء إلى دول الجوار هرباً من المعارك وبحثاً عن الأمان، وتالياً فإن مشاركة البعض في الانتخابات تبدو متوقّعة".
إلى جانب تأثير الموقف السياسي في اتّخاذ قرار العودة من عدمه، تأتي المخاوف الاقتصادية والأمنية. والأولى تتّخذ شكلَين اثنين: الخوف من فقدان حالة الاستقرار الاقتصادي التي تشكّلت عبر سنوات في مخيّمات ومناطق اللجوء، سواءً بفقدان فرص العمل أو المساعدات الأممية وغير ذلك؛ والخوف من تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا وجمود عملية إعادة الإعمار هناك. أمّا الاعتبارات الأمنية فلا تزال، هي الأخرى، تُرخي بثقلها على اللاجئين بمختلف مواقفهم السياسية، لأسباب عدّة.
داخلياً لا تبدو البلاد مهيّأة لإطلاق مشروع لإعادة اللاجئين. ذلك أن استمرار الأزمة، وما يستتبعه من مواقف غربية وإقليمية متعدّدة الأوجه، من مقاطعة سياسية لدمشق، إلى فرض عقوبات اقتصادية عليها، وما يرافقه من تواصل السيطرة الأجنبية على حقول النفط والغاز الرئيسة في البلاد، فضلاً عن تفاقم الأزمة الاقتصادية، جميعها عوامل أثّرت سلباً على عملية إعادة إعمار المدن والمناطق المدمّرة بمساكنها وبنيتها التحتية، وتالياً إضعاف قدرة البلاد على استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين، فما بالك بتصفير ملفّهم، وهي مهمّة لا يبدو أنها قابلة للتحقّق على المدى القريب أو حتى المتوسّط. فالعودة، كما يرى الخوري، مرتبطة اليوم بصعوبات اقتصادية وطبيعية عديدة وحصار خارجي يستهدف تحقيق مكاسب سياسية لا أكثر، وهذا ما يجعل اللاجئ يعطي الأفضلية لاستمرارية حياته القائمة، وتعزيز ارتباطه بعمله الحالي.
نزوح السوريين إلى خارج الحدود يضر بالدولة السورية كثيرا، خاصة وأن غالبية الدول المستقبلة استخدمت اللاجئين كورقة ضغط على الحكومة السورية، وكلما كانت الدولة السورية تقدم تسهيلات لعودة اللاجئين، كانت بعض الدول تضع العصي في الدولايب وتمنع عودة هؤلاء اللاجئين، حتى ان الولايات المتحدة الأمريكية أقدمت على زيادة العقوبات على سوريا، لكي تعرقل عودة اللاجئين وتحول حياتهم إلى جحيم داخل بلادهم وخارجها.
سوريا وفي ظل الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها نتيجة الحصار الاقتصادي وتفشي كورونا، أقامت مؤتمر لللاجئين وقد شكل خطوة مهمة في تاريخ الحرب السورية لما له أبعاد مهمة على الداخل والخارج السوري، وشكل رسالة واضحة لكل المشككين بنوايا الحكومة السورية ورغبتها بفتح الأبواب للاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم، وفي نفس الوقت فضح ممارسات الدول الغربية واستخدامها أساليب سياسية قذرة لعرقلة الحلول السياسية في سوريا واستغلال اللاجئين لأغراض سياسية.
لعودة اللاجئين بُعد وطني وقومي بالنسبة للحكومة السورية، فهي تسعى جاهدة لإعادة مواطنيها بعد أن شتتهم الارهاب، واستغلتهم بعض الدول الغربية والاقليمية لأهداف سياسية.
لكن اليوم معاناة اللاجئين اليوم كبيرة خارج الحدود وقد نقلت صحيفة الجارديان البريطانية شهادات حية عن معاناة اللاجئين السوريين الذين خدعهم نظام الرئيس التركي رجب أردوغان، بآمال الهجرة إلى أوروبا فيما كان يستخدهم كورقة ضغط من أجل تحقيق أهدافه الاستعمارية شمالي شرق سوريا.
عودة اللاجئين السوريين وإن كانت محدودة إلا أنها سوف تستمر، من لبنان ومن الحدود الاردنية، وحتى من تركيا، فالظروف المعيشية للاجئين في هذه الدول كارثية، وهم يعانون من نقص في كل شيء، والأهم اننا في موسم الشتاء، الامر الذي سيعقد الظروف أكثر فأكثر، وقد تكون الطريق طويلة لإعادة كافة الأمور السوريّة إلى نصابها، ولكن ذلك لا يمنع من القيام ببعض الخطوات الممكنة حالياً، كموضوع اللاجئين ومؤتمر عودة الاجئين الذي عقدته دمشق في الأشهر الماضية ، ولا فرق بين أن تكون أولوية بعض الدول المشاركة في المؤتمر أخلاقية أو إنسانية أو اقتصادية، المهم أن ألا تكون النيّات السيئة مُبيّتة، والأهم ألاّ يكون السوري خاسراً، وهذا هو واقع المؤتمر بصورة عامة.