الوقت - يتوجه وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إلى المغرب في المستقبل القريب. وحسب التقارير المنشورة خلال الزيارة، سيتم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون العسكري بين الكيان الصهيوني والمغرب في مجال إنتاج الذخيرة وبناء الطائرات المسيرة الانتحارية. وتأتي هذه الرحلة في وضع بعد القبول الرسمي للكيان الصهيوني كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي في 22 يوليو 2021، أصبح دور هذا الكيان في خلق التوتر بين المغرب والجزائر كقضية خطيرة.
على الرغم من وجود مستوى كبير من التوتر بين الجزائر والمغرب خلال العام الماضي، إلا أن التوترات بين الجزائر والمغرب تصاعدت إلى مستويات غير مسبوقة بعد انتقادات الجزائر ومعارضتها لقبول الكيان الصهيوني كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي. أعلنت الجزائر في 27 أغسطس 2021 أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للرباط، ومؤخرا، أكد نائب وزير الخارجية الجزائري لشؤون المغرب العربي والصحراء الغربية عمار بلاني على ضرورة مواصلة قطع العلاقات رغم جهود الوساطة. وعلى الرغم من أن السلطات المختصة وصفت اتهامات الأعمال العدائية ضد قناة الجزيرة بأنها "لا أساس لها من الصحة وعبثية"، فإن جميع الأدلة تشير إلى أنه في قطع العلاقات بين البلدين الجارين، فإن آثار الكيان الصهيوني واضحة. ويمكن رؤية رمز واضح لذلك في بيان الخارجية الجزائرية، الذي شدد على الأحادية للسياسات المغربية والتصريحات العدائية لوزير الخارجية الصهيوني المعادي للجزائر يائير لابيد من أراضي البلاد، معلنا قطع علاقات الدبلوماسية مع الرباط. في الواقع، بات من المسلم به الآن للجميع أن الكيان الصهيوني كان أحد الأسس الرئيسية وربما العامل الأهم في قطع العلاقات وأزمة العلاقات بين المغرب العربي والجزائر.
ومن هذا المنطلق، يمكن اعتبار زيارة وزير الحرب الإسرائيلي بني غانتس بمثابة تفجير لأزمة المغرب والجزائر، التي تنوي تل أبيب فيها الظهور على الجبهة المغربية من خلال إثارة موضوع الدعم العسكري والتعاون في مجال التسلح. بشكل عام، أثير دور الكيان الصهيوني في تأجيج نيران الأزمة بين الجزائر والمغرب كقضية مهمة للمراقبين السياسيين. بتعبير أدق، ما هي الأهداف التي يسعى إليها هذا الكيان في إشعال نيران الأزمة بين الجزائر والمغرب هو سؤال مهم نسعى للإجابة عليه في هذا المقال.
المغرب، موطئ قدم للتسلل إلى أفريقيا
قبل تناول أهداف الكيان الصهيوني في التعاون العسكري مع المغرب ودعم البلاد في الأزمة مع الجزائر، من الضروري أولاً معالجة أبعاد تعاون تل أبيب فيما يتعلق بحالة ما بعد ديسمبر 2020 التي انضم فيها المغاربة رسميًا إلى مشروع تطبيع العلاقات مع الصهاينة. حقيقة الأمر هي أنه يجب قراءة علاقات الكيان الصهيوني مع المغرب في إطار عملية أكثر عمومية وفي سياق أهدافه العسكرية المحددة في إفريقيا. يعد الحصار الجيوسياسي وانعدام الشرعية الدولية القضيتين الرئيسيتين اللتين واجههما الكيان الصهيوني دائمًا على الساحة العالمية على مدى العقود الماضية. لقد حاول هذا الكيان استخدام جميع الثغرات المتاحة والممكنة لممارسة النفوذ من أجل خلق مساحة للتنفس واكتساب الحد الأدنى من الشرعية على الساحة الدولية. في غضون ذلك، كانت القارة الأفريقية واحدة من النقاط المحورية في تل أبيب لعقود من الزمن للحصول على مستوى من الفوائد الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية. استخدم الصهاينة كل أدواتهم للتسلل إلى القارة على مدى العقود القليلة الماضية.
بل إن هناك أدلة على أن الكيان الصهيوني قد وضع الدبلوماسية العسكرية والأمنية على جدول أعماله فيما يتعلق بالقارة الأفريقية. بل إن هناك أدلة على أن الكيان قد درب قواته في تنزانيا ورواندا وإثيوبيا وكينيا وأنغولا وجنوب إفريقيا وساحل العاج وملاوي وزامبيا وتوغو ونيجيريا والكاميرون. وفي اتجاه أكثر جدية، احتفلوا بتطبيع علاقاتهم مع المغرب والسودان أواخر العام الماضي (2020)، وفي أواخر يوليو، اعتبروا قبولهم كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي نجاحًا كبيرًا.
في مثل هذه الحالة، فإن العثور على دولة في إفريقيا تريد تعاونًا عسكريًا واستخباراتيًا واقتصاديًا مع هذا الكيان هي فرصة فريدة تنوي تل أبيب استخدامها كمنصة لعملية التسلل إلى القارة وتحقيق أهدافها الدبلوماسية العسكرية. وفي هذا الصدد، نرى أن الصهاينة في الوضع الراهن يحاولون تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال توسيع التعاون العسكري والأمني مع المغرب. كما نرى، تعمل شركة الطيران والفضاء على تطوير مشروع لبناء طائرات بدون طيار لتعزيز القوة الجوية المغاربية. حتى في العام الماضي، شهدنا قيام السلطات السياسية المختصة بشراء عدة طائرات استطلاع إسرائيلية من دون طيار. بشكل عام، يمكن القول إن ضربة الكيان الصهيوني للأزمة المتصاعدة بين المغرب والجزائر تتعلق بجهود الكيان لتعزيز استراتيجيته العسكرية والأمنية الكبرى في إفريقيا وخلق شرعية لنفسه.
محاولات للضغط على الجزائر
السبب الأول وربما الأهم في تفجير الكيان الصهيوني للأزمة بين الكيان المغاربي والجزائر يتعلق بالمواقف التي اتخذها حكام الجزائر مؤخرًا بشأن قبول هذا الكيان كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي. والواقع أن الجزائر كانت أول دولة أفريقية ترفض العضوية الصهيونية وتشكل جبهة ضد القرار، والتي انضمت إليها بالطبع 14 دولة. إضافة إلى ذلك، أغلقت الجزائر مجالها الجوي إلى الغرب في أواخر سبتمبر في خطوة غير مسبوقة. جاء ذلك بعد ورود أنباء عن أن المغرب سمح للكيان الصهيوني بتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجزائر والمنطقة، وهو ما كان لا محالة عن طريق الرحلات الجوية بين الجانبين.
بشكل عام، يمكن القول إن الكيان الصهيوني أدرك بوضوح أن الجزائر، بتاريخها الحافل بالنضالات التحررية والمناهضة للاستعمار، هي أهم عقبة أمام نفوذها المتزايد في القارة الأفريقية. وقد تم التطرق إلى هذه المسألة خلال الزيارة غير المسبوقة التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي إلى المغرب، والتي عبر خلالها يائير لبيد صراحةً عن قلقه من قرب الجزائر من إيران. ومع ذلك، يعتزم الكيان الصهيوني الآن زيادة الضغط على الجزائر من خلال التوقيع على اتفاقية دفاع مشترك وتوسيع التعاون في مجال التسلح مع المغرب العربي، ويحذر الجزائر من مواصلة نهجها المناهض للصهيونية.