الوقت- تمكّن 6 أسرى فلسطينيين من انتزاع حريتهم والفرار من زنازين سجن "جلبوع" الإسرائيلي وهذا الأمر كشف عن إخفاق أمني فاضح لسلطات الاحتلال، وخاصة في السجن الذي يوصف بأنه الأحدث بناء والأشد تحصينا في إسرائيل. وفي محاولة للتهرب من المسؤولية والتقليل من تداعيات الحادث في سجن "جلبوع"، الذي يحتجز فيه 400 أسير فلسطيني ومن بينهم عدد كبير من المحكومين بالمؤبد، سارعت مصلحة السجون الإسرائيلية لترويج رواية أن الأسرى الفارين لم يحفروا نفقا. وقالت إدارة السجون إن "الأسرى هربوا عبر خط المجاري، حيث رفعوا غطاء وضع أسفل المرحاض، واستغلوا المساحة في الزنزانة لتوسيعها والهرب عبرها". وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الأسرى الفلسطينيين الذي نفذوا عملية الهروب، ارتدوا ملابس مدنية كانوا يحتفظون بها في أكياس من النايلون، وشقوا بها طريقهم كعمال صرف صحي. ووصف مسؤول في مصلحة السجون الإسرائيلية فرار الأسرى بأنه "إخفاق أمني بحجم لم تشهد سلطة السجون له مثيلا"، حيث نجح الأسرى تحت أنظار ضباط السجن والمخابرات وعلى مدار فترة طويلة جدا في التخطيط مع جهات من الخارج للهروب من السجن وحفر النفق ".ونفذ عملية الهروب أحد أبرز قادة كتائب الأقصى "زكريا زبيدي"، ومعه كل من المناضل "يعقوب انفيعات، ومحمد قاسم عارضة، ويعقوب محمود قدري، وأيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبد الله عارضة". وعقب هذه الفرحة، أعلنت السلطات الصهيونية أنها تمكنت يومي الجمعة والسبت الماضيين، من اعتقال أربعة من الأسرى الفلسطينيين الستة الذين فروا من سجن "جلبوع". وعلى الرغم من أن أنباء إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين لم تكن تروق لقلوب أنصار الفلسطينيين، إلا أن مراجعة الأسباب والعوامل التي أدت إلى اعتقالهم يمكن أن تساعد في استمرار مسار السجينين الآخرين الذين لم يتم القبض عليهما حتى الآن.
وحدة المستعربين بالجيش الإسرائيلي
لقد أنشأ الكيان الصهيوني مجموعة خاصة بالجيش مدججة بالسلاح، تسمى "المستعربين" الذين يعيشون كفلسطينيين. وعناصر هذه الوحدة مجموعتان من الناس، الصهاينة الذين يتعلمون اللغة العربية منذ البداية ويتبعون أسلوب الحياة الفلسطيني، والذين يحتلون معظم المراتب العليا في هذه الوحدة ، والجزء الأخر من عناصر هذه الوحدة الفلسطينية، هم فلسطينيون من الذين ينجذبون لأسباب مختلفة، بما في ذلك محاولة الحصول على الجنسية الإسرائيلية والمرافق المعيشية والدخل الاقتصادي العالي، ولهذا لم يعد من الممكن اعتبارهم فلسطينيين. ويعيش عناصر هذه الوحدة بشكل رئيسي في المجتمع الفلسطيني وهم على دراية بجميع جوانب الحياة الفلسطينية، وخاصة الفلسطينيين الذين يعيشون في أراضي عام 1948. وتعد عناصر هذه الوحدة من أهم مصادر الأخبار لأي اعتقال بين الفلسطينيين، وهم أيضا الذين لعبوا بالتأكيد دورًا مهمًا في اعتقال أربعة أسرى فلسطينيين فروا من سجن "جلبوع" قبل عدة أيام. وتقوم هذه الوحدة بتنفيذ العديد من عمليات الاعتقال والاختطاف للفلسطينيين المشاركين في الاحتجاجات. ويتواجد عناصر هذه الوحدة بين المتظاهرين الفلسطينيين ويحاولون اعتقال الشباب الفلسطيني من داخل الأراضي الفلسطينية.
جواسيس ومخبرو أجهزة أمن الكيان الصهيوني
يوظف الكيان الصهيوني عددا من الفلسطينيين كجواسيس ومخبرين بمختلف الوسائل. وهؤلاء الأشخاص ليسوا واضحين مثل وحدة "المستعربين" وقد يكون لهم مظهر مرن ومختلف. ومن خلال إرسال العديد من الأخبار، يقدمون بعض التفاصيل التي لا يمكن حتى لوحدة "المستعربين" الحصول عليها، إلى أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للكيان الصهيوني. وهؤلاء الأشخاص يتجسسون لمصلحة الكيان الصهيوني بطرق مختلفة، من التسهيلات الواعدة والمال والتعليم والعفو عن الأحكام والإفراج المشروط. وهنا تجدر الاشارة إلى أن العديد من الغارات الجوية التي نفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة تستند إلى بنك الأهداف التي جمعتها هذه المصادر. وفي غضون ذلك، جاء جزء كبير من الاعتقالات بعد الاحتجاجات في الضفة الغربية مستندة على أخبار ومعلومات هذه المصادر.
جهاز أمن السلطة الفلسطينية
بعد ما يقرب من عقدين من انتفاضة الأقصى، أصبحت الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية الآن عدواً للفلسطينيين. وهناك الكثير من العناصر السرية والاستخبارية في المجتمع الفلسطيني. إن تعاون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مع جيش الكيان الصهيوني يقوم على أساس اتفاقية التعاون الأمني التي كانت قائمة بين الجانبين بعد اتفاق "أوسلو"، وقد اتخذت شكلاً جديداً بعد انتفاضة الأقصى. إن تعاون الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني يعتبر من العوامل المهمة في اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين فروا من سجن "جلبوغ".
عصابات المافيا والفساد
من الاستراتيجيات والسياسات الرئيسية للكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين، والتي كانت دائمًا على أجندة هذا الكيان، تطوير عصابات الفساد والمافيا بين الفلسطينيين، وخاصة الفلسطينيين الذين يعيشون في أراضي عام 1948. ويحاول الكيان الصهيوني إبقاءهم في أضعف حالة من خلال نشر الفساد بينهم. إن الفلسطينيين المصابين بالفساد وعصابات المافيا يعتبرون من المصادر الرئيسية للصهاينة وذلك لأنهم مصابون بالفساد، ولا مصلحة لهم في وطنهم وأرضهم، ولن يتمكنوا من مرافقة الشعب الفلسطيني حتى لو أرادوا ذلك. إن الكثير من الجواسيس الذين يعملون لمصلحة الكيان الصهيوني في الضفة الغربية، يتم نقلهم إلى أراضي عام 1948، حيث يُمنحون فرصة العيش على الرغم من فقدان كرامتهم. وهذا نوع من الدعم الذي يقدمه الكيان الصهيوني لهم، لكن بعد نقلهم إلى تلك المناطق التي يقطنها الكثير من عصابات المافيا ومصادر الأخبار للصهاينة، يستمر اولئك المنقولون في التعاون المباشر مع الأجهزة الأمنية التابعة للكيان الصهيوني. ولهذا يمكن الجزم هنا أن هؤلاء كانوا من المصادر الرئيسية التي ساعدت السلطات الصهيونية على اعتقال أربعة أسرى فلسطينيين فروا من سجن "جلبوع".
نظرة عامة علي الموضوع
بشكل عام، إن السبب الرئيسي لاعتقال الأسرى الفلسطينيين الهاربين من سجن "جلبوع" هو عامل إنساني، وفي اللغة الشعبية يقال عن هذا العامل "جواسيس". هذا العامل صممه واستخدمه الكيان الصهيوني ونشره بين الفلسطينيين بأشكال مختلفة ولقد لعب هذا العامل الدور الأهم في اعتقال الأسرى الفلسطينيين. لكن الصهاينة يحاولون أن ينسبوا هذا العامل - النابع من الفساد المرتبط بحفنة من الفلسطينيين - إلى الشعب الفلسطيني بأسره وجميع سكان أراضي عام 1948. وفي هذا الصدد، شكر "يعقوب شبتاي"، مفوض شرطة الكيان الصهيوني، الشرطة في أراضي عام 1948 على هذا الانجاز الأمني، وهذه مزاعم شفهية على أن سكان أراضي عام 1948 كان لهم الدور الأبرز في القبض على السجناء الهاربين. وهذا العمل من قبل الصهاينة هو محاولة لإحداث الانقسام والشقاق بين الفلسطينيين الذين وقفوا خاليي الوفاض ضد المحتلين لما يقرب من 74 عاما، والآن دفعوا الصهاينة تدريجيا إلى زاوية حلقة النضال. إن الحاجة إلى التعلم من هذه الدروس يمكن أن تجعل الطريق إلى تحرير فلسطين أكثر ديمومة في المستقبل وتحرير هذه الأرض المقدسة أقرب.
الجدير بالذكر، أن حركة المقاومة الإسلامية، "حماس"، دعت يوم الخميس الماضي، إلى اعتبار يوم الجمعة "يوم غضب" في وجه إسرائيل، رفضًا لانتهاكاتها بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجونها. جاء ذلك في بيان للحركة. وقالت الحركة: "في ظل الهجمة المسعورة ضد أسرانا البواسل التي ينفذها الاحتلال، ندعو جماهير شعبنا لجعل يوم الجمعة يوم غضب فلسطيني في وجه غطرسة الاحتلال وعدوانه على الأسرى" . ودعت إلى "التوجه نحو نقاط التماس، والاشتباك مع جيش العدو ردا على عدوانه على الأسرى" . وأضافت: "أسرانا في السجون ليسوا وحدهم، وشعبنا البطل ومقاومته مستعدون لتقديم التضحيات وخوض المعارك من أجل حرية الأسرى". ولفتت إلى أن "الشعب الفلسطيني يعيش مرحلة نضالية تاريخية عنوانها الدفاع عن ثوابت الشعب في المسرى والأسرى". وتابعت: "هذه المعارك سنخوضها مجتمعين ضد العدو الغاشم ".