الوقت- أعلنت الإمارات في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها تعتزم إنشاء منظمة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.
وحسب مصادر إماراتية، ستفتتح مؤسسة حقوق الإنسان مكتباً لها في أبوظبي، بهدف "تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته وفق القوانين والأنظمة المحلية والدولية".
اسم الإمارات في تقارير حقوق الإنسان
على الرغم من ادعاء الإمارات بأنها تحاول إنشاء مكتب معني بقضايا حقوق الإنسان، إلا أن العديد من المراقبين والخبراء يشككون في مزاعم أبو ظبي.
وفي هذا الصدد أيضًا، تقول "هبة زيادين" الخبيرة في هيومن رايتس ووتش المكلفة بالتحقيق في قضايا حقوق الإنسان في الدول الخليجية: "هذا مجرد تكتيك جديد، وبالطبع جزء من حملة الإمارات العربية المتحدة التي استمرت عشر سنوات لترسيخ مكانتها كدولة حرة وصديقة لحقوق الإنسان".
وأضافت الخبيرة في هيومن رايتس ووتش: "الوضع الحقيقي في الإمارات مختلف للغاية، ولا توجد إمكانية للتعبير عن المعارضة في الإمارات. ولم تكن هناك مجموعة مجتمع مدني مستقلة في هذا البلد منذ عام 2012، وسُجن العديد من المنتقدين. من ناحية أخرى، هناك الكثير من الخوف من الاضطهاد السياسي، والرقابة الذاتية مرتفعة للغاية، حتى بين الصحفيين والأكاديميين الدوليين المقيمين في الإمارات.
بالطبع، ليست زيادين الخبير الوحيد الذي ينتقد حقوق الإنسان في الإمارات، فقد توصلت منظمات حقوقية ومراقبون آخرون إلى استنتاجات مماثلة.
علی سبيل المثال، في تقريرها لعام 2020، وصفت "فريدم هاوس"(بيت الحرية)، وهي منظمة حقوقية تقيم حالة الديمقراطية والحرية، الإمارات العربية المتحدة بأنها دولة مغلقة وغير حرة.
في هذا التقرير، يقول الباحثون إن الإمارات لديها واحد من أكثر قوانين الصحافة تقييدًا في العالم العربي. إضافة إلى ذلك، يتعرض نشطاء حقوق الإنسان الإماراتيون لخطر الاعتقال والمحاكمة وسوء المعاملة أثناء احتجازهم.
قيود الإنترنت الصارمة في الإمارات
کذلك، أجرت "مراسلون بلا حدود" تحقيقاً حول غياب وسائل الإعلام المستقلة وقانون الجرائم الإلكترونية القاسي في الإمارات منذ عام 2012. وحسب هذه المنظمة، تحتل الإمارات المرتبة 131 من بين 180 دولة في العالم من حيث حرية الصحافة.
كما نشرت منظمة العفو الدولية قائمةً طويلةً بـ "سجناء الرأي" في الإمارات، تضمنت أسماء بعض النشطاء، ومن بينهم "أحمد منصور"، المدافع البارز عن حقوق الإنسان في الإمارات. حُكم على هذا الناشط الحقوقي بالسجن 10 سنوات لنشره منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حول انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، ويقضي حاليًا عقوبة بالسجن.
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة قد دعا قبل أشهر قليلة الإمارات إلى الإفراج عن سجناء محتجزين لانتقادهم الحكومة، رغم عدم تلبية هذا الطلب.
خطوة تمثِّل مزحةً
حتى مستخدمو الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع إنشاء الإمارات لمكتب حقوق الإنسان، وقد اعتبروا هذا الادعاء الإماراتي بأنه مزحة كبيرة. وكتب أحد مستخدمي تويتر: "الإمارات العربية المتحدة وحقوق الإنسان ليسا متوافقين حقًا".
بدوره وصف فهد الغفيلي، الناشط الحقوقي في العالم العربي، مزاعم الإمارات بإنشاء مكتب لحقوق الإنسان بـ "المزحة".
ما مدى صحة ادعاء الإمارات؟
على الرغم من مزاعم الإمارات بإنشاء مكتب لحقوق الإنسان، لا يبدو أن هذا الأمر يؤخذ على محمل الجد في الممارسة العملية.
بشكل عام، تحتاج منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان إلى آلية واضحة ومحددة لتوفير التمويل اللازم للنشاط وإضفاء الطابع الرسمي على أدائها على المستوى الدولي.
بمعنى آخر، يجب أن يكون ممول منظمات حقوق الإنسان واضحًا وشفافًا، حتى يمكن الاستشهاد بتقاريرها وأدائها من قبل منظمات حقوق الإنسان الأخرى على المستوى الدولي.
ومع ذلك، بالنظر إلى أن مكتب حقوق الإنسان الإماراتي ممول من قبل حكومة الإمارات، فهل سيكون هذا المكتب مستقلاً بما يكفي لانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها حكومة الإمارات والإبلاغ عنها؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون بلا شك بالسلب، بالنظر إلى تاريخ الإمارات في التعامل مع منتقديها المحليين.
من ناحية أخرى، يخطط قادة الإمارات لإنشاء مكتب لحقوق الإنسان في حين أن هذه الحكومة تمارس واحدة من أكثر المعاملات اللاإنسانية لمنتقديها في الداخل، وفقًا لتقارير مستقلة. وفي هذه الحالة، فإن الادعاء بتمويل إنشاء مكتب لحقوق الإنسان يتعارض بشكل واضح مع أداء حكومة أبو ظبي.
في الحالة الأكثر تفاؤلاً، سيكون مكتب حقوق الإنسان في الإمارات مثل المكاتب التي تحمل أسماءً مماثلةً في دول عربية أخرى، مثل البحرين والسعودية، والتي أسست مثل هذه المكاتب منذ سنوات قبل الإمارات، لکن نظرًا لتبعية هذه المؤسسات إلى الحكومات التي تنتهك هي نفسها حقوق الإنسان، تعمل هذه المكاتب أيضًا بشكل أكبر لأغراض الدعاية لهذه الحكومات.
وعليه، يبدو أن قرار الإمارات بإنشاء مكتب لحقوق الإنسان هو محاولة لتخفيف الضغط والعبء الثقيل لانتقادات أداء أبوظبي في الرأي العام العالمي، ولن يكون له عمليًا وظيفة حقيقية لأغراض حقوق الإنسان.