الوقت- تسعى الجزائر لاستضافة القمة العربية لعام 2021 وذلك على الرغم من الظروف الصحية الطارئة التي سببتها جائحة كورونا في مختلف الدول العربية، وهذه القمة كان من المقرر أن تستضيفها الجزائر العام الماضي إلا أنها ألغيت بسبب توقف السفر بين مختلف دول العالم والإغلاق التام الذي ضرب العالم، وتتخوف الجزائر من انخفاض تمثيل الدول العربية في هذا المحفل العربي المنتظر.
أما المثير للأمر والموضوع الذي أحدث ضجة صحفية في الشارع العربي هو الوثيقة التي حصلت عليها قناة الميادين والتي تتحدث عن مخطط عمل الحكومة الجزائرية وتحضيراتها للقمّة العربية المقبلة والتي تقرر اعتبارها قمّة فلسطين وذلك من أجل رأب الصدع في جدار العمل العربي المشترك وخاصة بعد عام 2020 المر على القضية الفلسطينية والذي شهد تطبيع بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني.
أبرز ما جاء في الوثيقة
أكدت الوثيقة أن الجزائر ستبذل جهدها من أجل توحيد الصف العربي وبث روح العمل المشترك والعمل على عودة سوريا إلى الحضن العربي. كما تشير الوثيقة إلى ضرورة الدفع بالتعاون العربي الأفريقي لتحصين القارة الأفريقية من التمدد الصهيوني ودعم القضية الفلسطينية وحل الأزمة الليبية سلمياً.
وحسب وثيقة مخطط عمل الحكومة، فقد وضعت القمة العربية في خانة الأهداف الأساسية التي تراهن وتتعهد حكومة أيمن بن عبد الرحمن على إنجاحها، والأهم من ذلك هو تحديد السلطة الجزائرية، بحسب الوثيقة ذاتها، هدفاً غاية في الأهمية، وهو العمل على جعل القمة العربية المقبلة قمة فلسطين والدفاع عن القضية الفلسطينية، وإخراجها من دوامة الاشتباك العربي.
كما شددت وثيقة مخطط عمل الحكومة الجزائرية على أن الجزائر ستعمل بكل قوتها على إعادة العمل العربي المشترك، وتوحيد الصف العربي، في إشارة إلى مطلب الجزائر المعلن، وهو ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو الأمر الذي شدّد عليه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في كل زياراته الأخيرة.
قمة فلسطين اهتمام سياسي وشعبي
إن إطلاق تسمية “فلسطين” على القمة المقبلة في الجزائر من أجل رأب الصراع في العالم العربي أمر يستحق التوقف عنده، خاصة بعد الاهتمام السياسي والإعلامي والشعبي بها في مختلف أنحاء المنطقة العربية، وهذا الاسم يؤكد لنا أن الجزائر كانت ولا زالت تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتدعم المقاومة دون تردد بالمال والسلاح والرجال وبالعمل السياسي أيضاً.
أبرز ما جاء في الوثيقة
من هذه الوثيقة يمكن الاستنتاج أن الجزائر بدأت تتحرك بقوة لاستعادة مكانتها ودورها الذي يليق بها وبحجمها كعضو فاعل في شمال أفريقيا والمجتمع العربي وضمن إطار محور المقاومة بعد غياب أو تغييب استمر خلال السنوات الأخيرة من حكم بوتفليقة. نعم الجزائر بدأت السير بسرعة على طريق التعافي واستعادة دورها وهذا بدى واضحاً من خلال محاولاتها للتصدي للتغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء، أو بالقيام بدور الوساطة في الأزمات، وأزمة سد النهضة على وجه الخصوص.
كما ان الوثيقة تظهر لنا تراجع محور التطبيع العربي، مع تقدم محور المقاومة بشكل سريع وتجسد هذا التقدم في الهزيمة الكبرى التي لِقَت بالاحتلال الإسرائيلي في حرب غزة الأخيرة، ومقاومة العراق وسوريا للاحتلال الأمريكي وانحسار دور أمريكا كقوة عظمى في العالم.
تؤكد الوثيقة أن محور المقاومة يسجل انتصاراً تلو الآخر فها هي أمريكا تتراجع عن قانون قيصر وتسمح للغاز المصري والكهرباء الأردني بالمرور عبر سوريا نحو لبنان بعد أن شعرت بعزلتها بسبب ما أعلنه السيد حسن نصر الله من الاستعانة بناقلات النفط الايرانية لحل أزمة المحروقات في لبنان، وهذا يعني أن الدور العربي المقاوم يجب أن يتم تقويته والعمل عليه من أجل نيل كافة الحقوق فالخضوع لن يصل بالدول العربية إلا إلى مزيد من الذل والتبعية والخضوع.
الوضع العربي متهالك ويرثى له والتاريخ الحديث أي بعد أحدث الربيع العربي كما يسموه أثبت فشل جميع القمم التي استثنت سورية، بدءاأ من القمم العربية وحتى القمم الأقليمية وأخرها قمة بغداد فهل فرنسا التي تَبعد عن العراق بأكثر من خمسة آلاف كيلومتر جارة للعراق؟ ويحق لها أن تفرض شروطاً من يستطيع الحضور ومن لا يستطيع؟
الوثيقة تبرز قوة الجزائر حيث لا تجرؤ أي دولة عربية على مجرد التلفظ بالدعوة إلى عودة سورية إلى الجامعة العربية ورفع الحصار المفروض عليها، وبدء مسيرة الإعمار فيها غير الجزائر هذه الأيام.
موقف يحسب للجزائر
إن تطوع الجزائر ورفعا لراية القضية الفلسطينية وجعلها القضية المركزية ونقطة الارتكاز للتقارب العربي والتصدي للاحتلال ومحاولات التغلغل في الدول العربية والافريقية هو موقف يحسب للجزائر ويعيد لها قوتها ويؤكد على استعدادها حكومة وشعباً لتحمل هذه المسؤولية التاريخية في هذا الوقت المحرج التي تمر به المنطقة العربية.
قلق اسرائيلي
إن الصحوة الحزائرية وعودتها لتحمل مسؤولية العمل العربي المشترك والقضية الفلسطينية يقلق الاحتلال الاسرائيلي ودول حظيرة التطبيع وهذا واضحا من خلال تصريحات يائير لبيد، وزير خارجية الكيان الإسرائيلي، المعبرة عن هذا القلق قبل أُسبوعين، حيث اتهم الجزائر بالتقارب مع إيران التي تدعم حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن، وساهمت عدة دول عربية أخرى بتقوية هذا الاتهام وكأن دعم حركات المقاومة أصبح إثماً وعيباً.
إن انعقاد القمة العربية على مستوى القادة والرؤساء في دورتها لهذا العام أمر مهم جداً، خاصة أنها ستكون أول قمة عربية بعد تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن مقاليد الحكم. كما أنها أول قمة بعد التوصل لتفاهمات وخطوات جادة حول المصالحة الخليجية الشاملة.
ونتمنى أن يكون هناك تواجد لسوريا في قمة فلسطين لتكون بالفعل قمة فلسطين وقمة العمل العربي المشترك ولم الشمل لأنه لا قيمة لأي قمة عربية لا تكون فيها فلسطين بوصلة قرارات هذه القمة ولا قيمة لأي قمة عربية لا تكون فيها سوريا، إن محور المقاومة بدأ بالنهضة بعد السنوات العجاف وربما تكون هذه القمة هي انطلاقة هذا النهوض.