الوقت - عقدت القمة الثلاثية بين محمود عباس وعبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، يوم الخميس 2 سبتمبر 2021 في العاصمة المصرية القاهرة. وذكرت تقارير إعلامية أن القمة ركزت على القضايا المشتركة وتوحيد مواقف فلسطين والأردن ومصر لمتابعة التحركات السياسية على الساحة الدولية وجهود إحياء عملية السلام.
ومن جهة أخرى، تعقد هذه القمة فيما أعلنت بعض المصادر الدبلوماسية عن خطة جديدة للبيت الأبيض معروفة بـ "سلام طويل الأمد مع فلسطين"، والتي منحت فيها مصر والأردن دورا بارزا. وفي غضون ذلك، يعود رئيس وزراء الكيان الصهيوني الجديد، نفتالي بينيت، إلى مصر قادماً من الولايات المتحدة للقاء عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي جعل أهداف قمة القاهرة مهمة للفلسطينيين.
وفي هذا السياق، قالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي وعباس التقيا لمناقشة آخر مستجدات القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط ، واكدا مواصلة المشاورات وزيادة التوافق بين الجانبين بشأن القضايا ذات الأهمية المشتركة بهدف استمرار الخطوات التالية بشأن قضية فلسطين.
وللحديث عن قمة القاهرة، أجرى موقع "الوقت" حوارا مع الخبير في قضايا العالم العربي مصيب النعيمي.
وفيما يتعلق بأهداف القمة، يرى مصيب النعيمي أنه في البداية يجب الانتباه إلى الوضع العام للمعادلات في منطقة غرب آسيا، وكذلك القضايا والمشاكل التي تواجه الأردن. عمان التي واجهت مؤخرا العديد من المشكلات الاقتصادية والأمنية الناجمة عن الاعتداء الإسرائيلي على حدودها، هي الراعي الرئيس لقمة القاهرة، وفي الواقع يمكن اعتبار الأردن المتقدم الرئيسي من مصر لعقد مثل هذه القمة نظراً لمكانتها الخاصة في العالم العربي. ويأمل المسؤولون السياسيون في هذا البلد أن يتمكنوا من ارساء الاستقرار على الحدود وحل بعض مشاكلهم الاقتصادية نظرا لقرب القاهرة من الولايات المتحدة ، وكذلك علاقات عبد الفتاح السيسي مع الكيان الصهيوني. فالأردن في حاجة ماسة إلى المساعدة الاقتصادية من واشنطن ، ولكن نتيجة للتطورات الأخيرة في أفغانستان، حوّل البيت الأبيض تركيزه إلى منطقة آسيا الوسطى، لذلك تسعى عمان الآن لاستعادة قربها من الولايات المتحدة عبر مصر.
مشاركة البحرين في قمة القاهرة كانت بناء على طلب مباشر من الأردن
وفي جانب آخر من حواره حول سبب دعوة ملك البحرين وعدم دعوة الإمارات والسعودية الى هذه القمة، قال النعيمي، إن الاقتراح الرئيسي لعقد مثل هذه القمة كان من قبل الأردن لمعالجة المشاكل الاقتصادية لهذا البلد على شكل ديون خارجية والبطالة وعدم التنمية، لذلك في هذه المرحلة يبدو ان دعوة لاعبين مثل السعودية والإمارات ليس أمرا غير ضروري فحسب، بل غير منطقي أيضاً. ففي السنوات الأخيرة، عقد الأردن الآمال على المساعدات المالية الأمريكية وكذلك وعود مساعدات الدول العربية لحل مشاكله الاقتصادية، وينوي الآن الاستفادة من مصر والقمة الأخيرة كأداة قوية لتحقيق هذا الهدف.
والنقطة المثيرة للاهتمام هي أن دول الخليج الفارسي الغنية بالنفط بحاجة ماسة إلى موافقة وضوء أخضر من الولايات المتحدة في قضية المساعدة المالية للأردن، لذلك يبدو أن التركيز الأساسي لعمان هو إرضاء القاهرة للتوسط مع واشنطن. وبشكل عام، يمكن القول أن مشاركة البحرين في قمة القاهرة وغياب دول عربية مثل السعودية والإمارات يعودان في الغالب إلى طلب مباشر من ملك الأردن.
أعضاء قمة القاهرة لا يؤيدون خطة بايدن للسلام
وحول ما اذا كان انعقاد قمة القاهرة بمثابة ترحيب أردني ومصري بخطة بايدن الجديدة للقضية الفلسطينية، قال الخبير في قضايا العالم العربي، لم تكن خطة السلام هذه خطة لبايدن من الأساس، ففي وقت سابق من عام 2008 اقترح جورج بوش هكذا خطة تحت عنوان تشكيل دولتين مستقلتين وعدم دخول في صراع بين الجانبين.
فمن وجهة نظر إدارة بوش انتهت مرحلة الحرب وسيتم إنشاء دولتين مستقلتين في جو من السلام، لكن التاريخ أظهر ان مثل هذه الخطط كان محكوم عليها بالفشل ولن تحقق أي انجاز. والحقيقة مادام الكيان الصهيوني يستمر في سياسته التوسعية والاحتلال، فإن أي خطة سلام تطرحها إدارة بايدن أو أي شخص مثل دونالد ترامب سيكون مصيرها الفشل.
في الوضع الراهن، تدرك الأطراف المشاركة في قمة القاهرة أن أي خطة سلام تقدمها إدارة بايدة لن تنجح ما لم يتغير سلوك الكيان الصهيوني، لذا فإن أي حديث عن ترحيب هؤلاء اللاعبين بخطة بايدن سيكون أشبه بالمغالطة.
قمة القاهرة ليس لها اي تأثير عميق على المعادلة الفلسطينية
وبشأن تأثير قمة القاهرة على عملية المصالحة الفلسطينية، وكذلك التوترات بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، قال النعيمي: كل الدلائل تشير إلى أن القمة الأخيرة في القاهرة لن يكون لها تأثير كبير على المعادلات الداخلية لفلسطين والصراع بين الفصائل الفلسطينية والكيان الصهيوني. فالقمة الأخيرة، لا يمكن لها ترك أي أثر يذكر على المعادلات الداخلية والخارجية لفلسطين بالنظر إلى أن القضية الفلسطينية وخطة بايدن للسلام على وجه التحديد ليستا على جدول أعماله.