الوقت- يتجاهل النظام السعودي مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار في المملكة وما تلقيه من تأثيرات سلبية على المواطنين السعوديين وسط مصاعب حادة يواجهونها اقتصاديا. ويبدو ذلك جلياً في تصريحات مثيرة للجدل أطلقها رئيس مجلس الغرف السعودية عجلان العجلان بادعاء أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المملكة “غير مبالغ فيه”. حيث قال العجلان إن التضخم في المملكة لمجال المواد الغذائية غير مبالغ فيه، وأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود للتنافس الكبير بين الأصناف.
ضربات موجعة يتلقاها الاقتصاد السعودي
بدءاً من الركود في العام الماضي، ووصولاً إلى كساد عميق في العام الحالي، يتلقى الاقتصاد السعودي الصدمة تلو الصدمة، وكل ذلك تحت وطأة خسارة الحرب على اليمن، والدخول في حرب أسعار وإنتاج في سوق النفط، وتكاليف مكافحة وباء كورونا، بالإضافة إلى تعليق موسم العمرة و تعليق موسم الحج للموسم الثاني على التوالي حفاظا على أرواح الناس. السعودية خسرت في الأشهر القليلة الماضية ما يصل إلى نصف قيمة إنتاجها المحلي في عام كامل، وهي لا تزال تواجه مستقبلا غير مضمون ومحفوف بالمخاطر.
في اليمن لم تتعلم السعودية من تجربة مصر في ستينيات القرن الماضي. وفي حرب الأسعار لم تتعلم من دروس الحرب التي خاضتها في أسواق النفط بهدف إخراج منتجي النفط الصخري الأمريكيين من السوق عام 2014 وأنها بعد الحرب التي تم الاتفاق على إنهائها، ستعود مرة أخرى إلى معضلة الاختيار المر بين الأسعار وبين الحصة السوقية.
خسائر حرب النفط وحدها ستكلف الاقتصاد السعودي في نهاية العام الحالي ما يتراوح بين 20 إلى 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بافتراض تماسك السوق في النصف الثاني من العام. العجز في الميزانية الناتج عن هبوط الإيرادات النفطية وتعويضات حرب اليمن التي يطالب بها الحوثيون، وهبوط إيرادات موسم الحج والعمرة، وتكلفة مكافحة وباء كورونا قد يزيد على ثمانية أمثال العجز الذي كان مقدراً لعام 2019 (4.7 في المئة) ليصل إلى ما يقرب من 40 في المئة من الناتج.
فالحكومة السعودية تجد نفسها الآن في مأزق شديد مع انخفاض ايراداتها وارتفاع معدلات التضخم وهذا يستلزم اتخاذ إجراءات قاسية على صعيد تخفيض الإنفاق العام، وتأجيل الكثير من المشروعات الكبرى، مثل مشاريع مدينة نيوم السياحية على البحر الأحمر. وفي هذا السياق أعلنت الحكومة رسميا تخفيض الإنفاق السنوي بنسبة 5 في المئة وطلبت من الوزارات والهيئات والشركات الحكومية تخفيض الإنفاق بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة في محاولة للحد من قيمة العجز المتوقع في الميزانية.
تحذيرات البنك الدولي والأذن الصماء للأمير السعودي
البنك الدولي أصدر تحذيرًا بتوقعاته لعام 2018 للاقتصاد السعودي: “يحتمل أن تواجه حالات الفقر في السعودية التي قد تلوح بالأفق”.
ولاحظ البنك في توقعاته لعامي 2019 و2020 أنه “رغم عدم توفر معلومات بشأن الفقر فيها، فإن تحديد ودعم الأسر ذات الدخل المنخفض يمثل تحديًا”.
واعتمادًا على أسعار النفط العالمية، لم يكن منحنى الناتج المحلي الإجمالي للفرد خطاً مستقيماً صعودياً وبدلا من ذلك، انهارت وتدفق.
وقال “فير أوبزيرفر” إن الناتج المحلي الإجمالي السعودي للفرد انخفض”. جاء ذلك بمقدار النصف من ذروة بلغت 17.872 دولارًا عام 1981 إلى 8685 عام 2001. وذكر أنه العام الذي شكل فيه 15 سعوديًا من الطبقة المتوسطة غالبية الجهاديين. وذكر: “الذين طاروا بطائرات لضرب أبراج مركز التجارة العالمي بنيويورك والبنتاغون بواشنطن”.
وبين الموقع أنه كان العام الذي كافح فيه عديد السعوديين لتغطية نفقاتهم وسط أسعار النفط المنخفضة. تزامن ذلك مع جهود الملك عبد الله آنذاك لإدخال قدر من القيود المالية السعودية. كما شغل كثير من الناس وظيفتين إلى ثلاث وظائف.
وبحسب الموقع، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السعودي مجددا. ونوه إلى أنه كان أقل بشكل كبير، من 23337 دولارًا بعام حذر فيه البنك الدولي من الفقر الذي يلوح في الأفق إلى 20.110 دولارات عام 2020. كما كشفت صحيفة أمريكية شهيرة النقاب عن أن ولي عهد السعودية الأمير الشاب محمد بن سلمان يسجن كل من يتكلم في أزمات الفقر و البطالة في المملكة.
ثورة الجياع قادمة في المملكة
إن "ثورة الجياع" ستحدث في السعودية إن لم تعالج مشكلة الفقر في بلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم. وفي هذا السياق قال معهد دراسات دولي إن الحكومة السعودية تبذل جهودا جبارة بهدف التغطية على أزمة تفاقم الفقر في المملكة في ظل ثراء العائلة الحاكمة وتفشي الفساد. وذكر معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول أن الفقر يتفاقم بمعدلات كبيرة بين المواطنين السعوديين لكنه يظل حقيقة مخفية وراء ثراء العائلة المالكة. لنتخيل هذا المشهد، دولة تصنف على أنها أكبر منتج للنفط في العالم. يعود الفقر ومستوى المعيشة المتدني لنسبة كبيرة من أبناء الشعب السعودي لعدة أسباب، منها عدم العدالة في توزيع الثروة بالمملكة، بالإضافة إلى الحرب التي تقودها المملكة في اليمن والتي استنزفت مليارات الدولارات من ثروات الشعب السعودي على مدار السنوات الماضية. و قد أفرزت ظاهرة الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية.
في إطار انتشال الاقتصاد السعودي من إخفاقاته و الاثار التي ولدتها انتشار جائحة كورونا، كانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت العام المنصرم عن حزمة إجراءات بينها رفع الضريبة ووقف بدل غلاء المعيشة. حيث تم رفع معدل ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15%. وقد عم الغضب السعودي أرجاء المملكة، في أول يوم لتطبيق سلطات آل سعود قانون الضريبة المضافة بنسبة 15% على جميع السلع والمنتجات؛ في محاولة لاحتواء آثار الكارثة الاقتصادية السعودية. و أطلق حينها نشطاء سعوديون هاشتاغ (الضريبة المضافة الجديدة) وآخر (الضريبة المضافة) للتعبير عن غضبهم من الضريبة المضافة وآثار الأوضاع المعيشية السيئة في المملكة. وتهجموا على الملك سلمان بن عبد العزيز وولى العهد محمد، بعد تدهور أوضاع المملكة في عهدهما.
بعد كل هذا نجد أن السعودية تعاني من أزمة ثقة إلى جانب أزماتها الاقتصادية وهذه الأزمة وقعت بين الشعب والحكومة وهي من أخطر الأزمات التي من الممكن أن يعاني منها بلد ما لأن الشعب لن يتحمل قرارات الحكومة وسيتخذ خطوات تصعيدية ربما تقوده للشارع للمطالبة بحقوقه المنهوبة من قبل الطبقة المخملية في المجتمع السعودي