الوقت_ في ظل المخاطر الكبيرة التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة والتي تعد الأصعب في تاريخها، والمتمثلة بـ "صفعة القرن" الرامية إلى تصفيّة القضيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر فلسطين، إضافة لمخططات الاستيطان المتصاعدة والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين، ناهيك عن الحصار والإجرام الصهيونيّ الممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات، جدّدت باكستان دعمها للقضية الفلسطينيّة خلال لقاء بين رئيس الوزراء الباكستانيّ، عمران خان، ورئيس البرلمان العربيّ، عادل العسومي، الذي يزور إسلام آباد حالياً، و تعد باكستان من أكبر الدول الإسلامية، وأقواها من الناحية العسكريّة.
صفعة كبيرة وجهتها باكستان للكيان الصهيونيّ المجرم من خلال اصطفافها الكامل إلى جانب القضية العادلة للشعب الفلسطينيّ، بعد انتقادات لسنوات حول أن ما تقدمه إسلام أباد للقضية الفلسطينية لا يتوازى مع حجمها وأهميتها ومدى تأييد شعبها لفلسطين المحتلة من العصابات الصهيونيّة، وإن اهتمام باكستان بالقضية الفلسطينية بالذات شهد تقدماً كبيراً في الآونة الأخيرة، لعدة أسباب، منها ما يتعلق بصراعها مع الهند على الساحة الدولية حول قضيّة "كشمير"، حيث إن علاقات نيودلهي مع تل أبيب شهدت تطوراً كبيراً على جميع المستويات، السياسية والعسكرية والاقتصادية، وخاصة في العقد الأخير.
وإنّ تأكيد رئيس الوزراء الباكستانيّ حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع شعوب العالم العربيّ، وتطلعها إلى التعاون مع الدول العربيّة لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في منطقة "الشرق الأوسط"، لم يُزعج الكيان الصهيونيّ المجرم بقدر إشارته إلى قضيتي فلسطين وكشمير، وتشديده على ضرورة حلّ هاتين القضيتين وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدوليّ ومنظمة التعاون الإسلاميّ، لأن العدو الغاشم يستمر بقتل الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه منذ مطلع القرن المنصرم، دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتصاعدة بحق أصحاب الأرض، والتي لم ينج منها الأطفال ولا الشيوخ ولا النساء ولا المرضى.
يُذكر أن الدور الذي لعبته باكستان في دعم القضايا الإسلاميّة، وبالأخص فلسطين، استفحل منذ سنوات عقب تعزيز علاقات إسلام أباد مع دول داعمة بقوة للقضية الفلسطينية، مثل الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ما ساهم بشكل أكبر في وضع حد للكيان الصهيونيّ على الساحة الدوليّة، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينيّ الأعزل في مقاومته لنيل حقوقه، بعد أن قطعت "إسرائيل" الطريق أمام أي حل في فلسطين المحتلة، في ظل ارتفاع حدة الخيانة والعمالة من قبل بعض الحكومات العربيّة والخليجيّة تحديداً، بعد التطبيع والمواقف الهزيلة الأخيرة، فيما تسمى "صفقة القرن" والعدوان الصهيونيّ الأخير على غزة.
أيضاً، فإنّ تبني القضية الفلسطينيّة العادلة يشجع بشكل كبير مختلف الأحزاب السياسيّة للحصول على تأييد الشارع الباكستانيّ، المعروف بتأييده المطلق لشعب فلسطين المظلوم، في ظل الممارسات الاستبداديّة للجنات والمجرمين الصهاينة، الذين لا يمكن أن يتوقفوا عن قتل العرب والفلسطينيين ونهب أراضيهم إلا في حال زوال كيانهم المُسرطن للمنطقة والذي يقسم شرق الوطن العربيّ عن مغربه ويُحقق المصالح الأمريكيّة والغربيّة على حساب شعوبنا المؤمنين بقضيتهم لدرجة لا يمكن أن يتخيلها الجناة الصهاينة.
وما ينبغي ذكره، أنّ باكستان تعد ثاني أكبر دولة إسلاميّة من حيث عدد السكان بعد إندونيسيا، ويبلغ تعداد سكانها حوالي 216 مليون شخص، وتمتلك أقوى جيش إسلاميّ (الـ11 عالميّاً)، حسب تصنيف الموقع الإلكتروني المختص في الشؤون العسكرية (غلوبال باورز)، لأقوى جيوش العالم عام 2021، كما أنّ إسلام أباد هي العاصمة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحاً نوويّاً.
خلاصة القول، يدعم الموقف الباكستانيّ بشدة موقف العالم الإسلاميّ المناصر لفلسطين وشعبها، ويجمع كلمة المسلمين أكثر لمواجهة الغطرسة الصهيونيّة، وإنّ من أكثر ما يُهدد العدو الغاصب في هذه المرحلة العصيبة هو الوصول إلى مرحلة التكاتف والتعاون بين الدول الإسلاميّة، ليثبت المسلمون أنَّ حلم الصهاينة بأن تكون فلسطين أرضاً لكيان احتلالهم، هو باختصار "حلم" مستحيل المنال.