ليس التشكيك في القدرات الإيرانية سواء الإلكترونية منها أو غيرها، فالصديق والعدو يشهد في ذلك على الخبرات والإمكانات والحركة العلمية المتسارعة والتي تبذلها ايران في خدمة مشاريع التنمية والأبحاث وتطوير بلدها وإنشاء علاقات علمية مع البلدان الأخرى سواء في نقل تجاربها أو الإستفادة من تجارب الآخرين، ولهذا تتجه بعض الأنظار نحو الأسباب التي تقف خلف الهجمة الإعلامية الأمريكية الأخيرة، وفي عرض لأهم هذه الأسباب نذكر التالي:
أولاً: الهجمة الإعلامية للصحيفة لا تستند إلى دليل بل ارتكزت على تصاريح لمسؤولين امريكيين رفضوا الكشف عن اسمهم، وهي مع الأخذ بعين الإعتبار تركيز الصحيفة حديثها عن أن الهجمات الإلكترونية هذه ربما تقوض آمال الرئيس الأمريكي في زيادة التعاون مع ايران خلال المرحلة المقبلة، هو ما يعكس قلق تيارات سياسية داخل الإدارة الأمريكية من نتائج الإتفاق النووي، وهو تعبير منهم عن عدم الرغبة لديهم في الذهاب مع ايران إلى مزيد من التفاوض مضافاً على الإتفاق الأخير، إذن هو رسالة أمريكية داخلية أكثر منها خارجية. وهي تأتي ضمن سلسلة الحملات التخويفية من ايران على أن فيها تيارات عدائية تسميها متشددة، وأن مزيداً من التقارب من شأنه أن يذهب بالأمور إلى تهديد لمصالح أمريكا.
ثانياً: هي دعوة من قبل بعض التيارات السياسية داخل الإدارة الأمريكية إلى فرض مزيد من العقوبات على الحرس الثوري الإيراني، وعدم الذهاب إلى رفع العقوبات السابقة، وهو ما يعني نقضاً وانتهاكاً للإتفاق. هذه المخاوف تعكس عن وجود رغبة اكثرية داخل الإدارة الأمريكية في الذهاب نحو مزيد من الإتفاقات مع ايران على أن تكون محدودة بشروط مسبقة وآلية طرح تتناسب والإدارة الأمريكية. كما أنه يأتي ضمن سلسلة المساعي الأمريكية على خلط الأمور وجعل الإتفاق النووي ضمن سلسلة الإتفاقات المفروضة في الحسابات الأمريكية، وجعل القضايا كلها في دائرة واحدة وسلة واحدة.
ثالثاً: هي تأتي بشكل أو بأخر ضمن الرسائل الأمريكية التطمينية لحلفائها في المنطقة من أن الإتفاق الأخير لا يعني تقارب مع ايران يلغي تحالفها مع الأنظمة العربية الحاكمة، وهو رسالة للكيان الإسرائيلي من أن العداء ضد ايران لا زال موجوداً وخيار العقوبات لم يصبح بعيداً عن دائرة الإجراء والتطلعات الأمريكية. وهو أيضاً يأتي ضمن سلسلة المخطط الأمريكي في إضعاف وتقويض ايران من خلال ممارسة الضغوط عليها من بوابة الإتفاق النووي معتبرين أنه ورقة ضغط لإشتماله امتياز رفع العقوبات، بينما واقع الأمور والتصريحات الأمريكية وخاصة الأخيرة منها يشير إلى أن هذا الإتفاق كان حاجة غربية أكثر منه أيرانية، فإيران على مر أعوام من الحصار استطاعت وبالإستفادة من خبراتها وإمكانياتها ومواردها الطبيعية الإستفادة في التغلب على كل المفاعيل السلبية للحصار الغربي.
وعلى الرغم من التباعد ظاهرياً بين هذا التحليل في الأسباب خلف الهجمة الإعلامية للصحيفة الأمريكية والهجمة الإلكترونية التي لم تستند الصحيفة فيها إلى دليل بعد إلاّ أن سياق الخبر الذي أوردته الصحيفة وأسندت تحاليل بعض المسؤولين الأمريكيين فيه حول الموضوع يجر الأمور نحو هذا الشكل من التحليل. هذا ويوضع التركيز للصحيفة في خبرها وتحليلها للهجمة على اعتقال السلطات الإيرانية لسيانك نيازي مخاوف لدى السلطات الأمريكية حول ما يمتلك في جعبته.